نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمحررتها الصحية سارة بوسلي، تقول فيه إن تكلفة علاج
الأمراض الناتجة عن
البدانة في العالم ستصل إلى 1.2 تريليون دولار في العام ابتداء من عام
2025، إن لم تتخذ إجراءات لوقف تفاقم هذا الوباء، بحسب تقديرات الخبراء.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن البدانة والتدخين يعدان السببين الرئيسين وراء الأعداد المتزايدة من السرطانات والنوبات القلبية والجلطات والسكري في أنحاء العالم، التي تجمع رسميا تحت عنوان الأمراض غير المعدية، لافتا إلى أن هذه هي أكثر الأمرض تسببا في الوفاة في العالم الحديث.
وتقول بوسلي إن أمريكا تواجه أكبر فاتورة علاج، حيث سترتفع من 325 مليار دولار في عام 2014 إلى 555 مليار بعد ثماني سنوات، وذلك جزئيا بسبب ارتفاع تكلفة العناية الطبية في أمريكا، مستدركة بأن الدول كلها تتوقع أن ترتفع تكلفة العلاج بشكل كبير، التي ستكون غير ممكنة لبعض الدول، ففي بريطانيا يتوقع أن ترتفع الفاتورة من 19 مليار دولار إلى 31 مليار دولار عام 2025، حيث حذر المدير العام للخدمات الصحية الوطنية سايمون ستيفنز من أن البدانة ستتسبب بإفلاسها.
وتذكر الصحيفة أن الخبراء يتوقعون أن تنفق أمريكا على مدى الثماني سنوات القادمة 4.2 تريليون دولار في علاج الأمراض المتعلقة بالبدانة، فيما ستنفق ألمانيا 390 مليارا، والبرازيل 251 مليارا، والمملكة المتحدة 237 مليارا، إن لم تقم هذه الدول بفعل المزيد لمحاولة الحد من انتشارها.
ويلفت التقرير إلى أن هذه الأرقام تأتي من الاتحاد العالمي للبدانة، الذي يقول إنه سيكون هناك 2.7 مليار شخص في العالم يعانون من البدانة والوزن الزائد بحلول عام 2025، كثير منهم سينتهي بهم الأمر لأن يكونوا بحاجة للعناية الصحية، ما يعني أن ثلت سكان العالم سيعانون من الوزن الزائد أو البدانة.
وتفيد الكاتبة بأن تقدير الاتحاد يظهر أن أعداد المصابين بالبدانة من البالغين تستمر في الزيادة، ففي أمريكا في 2014 كان ثلث الرجال والنساء يعانون من البدانة (34%)، وبحلول عام 2025 ستصل النسبة إلى 41%، وفي المملكة المتحدة كان أكثر من ربع البالغين (27%) يعانون من البدانة عام 2014، ويتوقع أن تصل النسبة إلى 34% بحلول عام 2025، مشيرة إلى أنه يتوقع أن ترتفع النسبة في مصر من 31% إلى 37% من البالغين للفترة ذاتها، في الوقت الذي سترتفع فيه النسبة في كل من أستراليا والمكسيك من 28% إلى 34% إن لم يتغير شيء.
وتنقل الصحيفة عن البروفيسور إيان كاتيرسون من الاتحاد، قوله: "إن التكلفة الطبية السنوية لعلاج نتائج البدانة، مثل السكري وأمراض القلب، أمر مخيف.. فقد أظهرت المراقبة المستمرة للاتحاد كيف زاد انتشار البدانة بشكل كبير على مدى العشر سنوات الماضية، ومع توقع ارتفاع عدد المصابين بالسمنة إلى 177 مليون بالغ بحلول عام 2025، فإن على الحكومات أن تفعل شيئا الآن لتخفف من العبء على اقتصادها الوطني مستقبلا".
ويورد التقرير نقلا عن مدير سياسات الاتحاد تيم لوبستين، قوله إن الاتحاد قام في تحليله هذه المرة ولأول مرة، بمناسبة يوم البدانة العالمي، الذي يصادف يوم الأربعاء، بالأخذ بعين الاعتبار أمراضا إضافية غير السرطان والسكري وأمراض القلب، مثل الأضرار التي تصيب المفاصل، التي قد تنتج عنها عمليات استبدال مفصل الورك واستبدال الركبة وآلام الظهر، "وهذا هو سبب الأرقام الخيالية.. بعض الدول الفقيرة غرقت".
وتبين بوسلي أن البلدان ذات الدخل المحدود لديها أنظمة عناية صحية بالكاد تستطيع أن تغطي الولادة والأمراض المعدية، وليس لديها الموظفون ولا المال اللازم للتعامل مع الأمراض المزمنة الشائعة، مثل السرطان وأمراض القلب، التي تتسبب بها البدانة.
ويقول لوبستين: "بالنسبة للدول ذات الدخل المتوسط، سنرى أثرا كبيرا.. فالبلدان مثل الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، حيث الخدمات الصحية تعاني فإنها ستصبح ضحية لمعاناة أكبر"، فهذه مناطق زادت فيها البدانة بشكل سريع جدا في الأعوام الأخيرة.
وتستدرك الصحيفة بأن التكلفة المتزايدة ستتسبب بمشكلة لكل بلد في العالم، بحسب لوبستين، الذي قال: "سيشكل هذا عبئا كبيرا إما على الدولة، أو على الشخص، أو على خدمات التأمين، التي لن تستطيع التحمل بكل بساطة، فكم يمكن لرسوم التأمين أن تصل؟".
ويجد التقرير أن فرض ضرائب على المشروبات السكرية إجراء مهم يمكن للحكومات اتخاذه، حيث تقول المديرة التنفيذية للاتحاد الدكتورة جوهانا رالستون: "الآن هناك تركيز على المشروبات المحلاة بالسكر وهذا أمر جيد، فأعتقد أنه مثل ما كان الأمر مع الدخان، تريد أن تجد شيئا ملموسا تقوم به الحكومات.. لكن حتى ذلك لا يكفي".
وتنوه الكاتبة إلى قول الخبراء إن الإنفاق بشكل أكبر على علاج البدانة سيوفر على البلدان ملايين الدولارات على المدى الطويل، مشيرة إلى أن القيام بعمليات لتصغير المعدة هي إجراء فاعل في التقليل من الشهية، حيث أثبتت الدراسات أن بإمكانها عكس حالة السكري من النوع 2، ما يحسن فرص حياة صحية، لكن ليس هناك علاج كاف للبدانة، بحسب رأي رالستون.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول رالستون: "أحد الأسباب هو أن الاتفاق على أن البدانة مرض بدأ فقط الآن في الظهور.. وهذا سيساعد في مسألة الوصمة المرتبطة بها، عملية تصغير المعدة تدخل رائع، لكنها واقعيا ستكون مفيدة لنسبة صغيرة من الناس، ويجب أن تقدم مع أشكال أخرى من الحفاظ على الوزن، فيجب توفير أكثر من وسيلة لكل شخص (لتخفيف الوزن)".