يلف غموض كبير، الاثنين، مصير
كتالونيا، فيما لا يزال رئيس الإقليم الانفصالي يهدد بإعلان
الاستقلال اعتبارا من الثلاثاء، خلال جلسة حاسمة للبرلمان، ما قد يؤدي إلى أسوأ أزمة سياسية منذ قيام الديمقراطية في إسبانيا.
وقال كارليس
بوتشيمون، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الكتالوني، مساء الأحد: "فتحنا باب الوساطة، وقلنا نعم لكل إمكانيات الوساطة التي عرضت علينا". وأضاف أن "الأيام تمضي والدولة الإسبانية لا ترد بشكل إيجابي، سنفعل ما جئنا لنفعله".
وبات مصير 16 بالمئة من سكان إسبانيا يعيشون في هذه المنطقة، التي تساهم بـ19 بالمئة من إجمالي الناتج الداخلي للبلاد، مرهونا بقرار بوتشيمون وإدارته المحلية.
ولطالما توعد بوتشيمون الخاضع لضغوط هائلة، بالمضي قدما إذا لم تقبل الحكومة المحافظة، التي يترأسها ماريانو راخوي، التفاوض حول استفتاء فعلي حول الاستقلال، وهو ما ترفضه مدريد.
وتضاعفت الدعوات لحمل بوتشيمون على تغيير خطه، والعدول عن إعلان انفصال كتالونيا.
وقالت نائبة رئيس الحكومة الإسبانية، سورايا ساينز دي سانتاماريا، لدى سؤالها عن تطبيق المادة 155 من الدستور، التي تتيح تعليق العمل بالحكم الذاتي في كتالونيا: "إذا أعلن الاستقلال من طرف واحد، فالحكومة لن تبقى مكتوفة الأيدي".
ودعت "الانفصاليين العديدين (...) الخائفين لعدم حصولهم على دعم الشركات ولا أوروبا"، إلى الضغط على بوتشيمون، الذي وصفته بأنه "متعصب" يريد "دفع كتالونيا إلى الهاوية".
وتوجه زعيم المعارضة الاشتراكية، بيدرو سانشيز، إلى بوتشيمون خلال مؤتمر صحفي عقده في برشلونة، بالقول: "أوقفوا كل شيء"، مضيفا أنه "سيدعم ردّ الدولة".
وعبرت رئيسة بلدية برشلونة ادا كولاو، وهي يسارية واسعة النفوذ، عن معارضتها لإعلان الاستقلال.
وكذلك واجه الرئيس الانفصالي ضغوطا شديدة من معسكره؛ لدفعه إلى المضي قدما حتى النهاية.
وأكد رئيس "الجمعية الوطنية الكتالونية" المؤيدة للاستقلال، جوردي سانشيز، أنه في غياب مفاوضات، إنها مسألة "مصداقية" و"كرامة".
وفي حين يعبر قطاع الأعمال في كتالونيا عن قلقه الكبير، نقلت مجموعتان متخصصتان في إدارة البنى التحتية الخاصة بالطرقات والاتصالات، هما "ابيرتيس" و"سيلنكس"، بالإضافة إلى مجموعة "كولونيال" العقارية، مقراتها إلى مدريد، بعد أن سبقتها إلى هذه الخطوة نحو 15 شركة، بينها المصرفان العريقان "كايجابنك" و"بانكو دي ساباديل".
وذكرت وزيرة الدولة الفرنسية للشؤون الأوروبية، ناتالي لوازو، أن "النتيجة الأولى" لإعلان الاستقلال ستكون خروج كتالونيا "تلقائيا من الاتحاد الأوروبي".
وتتابع أوروبا بقلق تطورات الأزمة الكتالونية. وأعلنت برلين أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أجرت السبت اتصالا هاتفيا براخوي ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر.
وحذر نواب إسبان بوتشيمون بأن "كتالونيا ليست كوسوفو"، ولن يكون هناك في إسبانيا ظاهرة "بلقنة" جديدة.
في إدنبرة، طالب الحزب القومي الاسكتلندي الحاكم، المعزول في أوروبا، "الحكومة الإسبانية باحترام التصويت الكثيف في استفتاء كتالونيا".
"وحدة إسبانيا"
وتثير هذه النزعة إلى الانفصال، التي تصاعدت تدريجيا في السنوات الأخيرة، انقسامات في إسبانيا وكتالونيا نفسها.
وهتف المتظاهرون المعارضون للانفصال، ويمثلون حوالى نصف سكان المنطقة البالغ عددهم 7,5 ملايين نسمة: "كفى! لنتعقل".
وقال المنظمون إن مليون شخص شاركوا في التظاهرة، بينما قالت الشرطة البلدية إن عددهم بلغ 350 ألف شخص في شوارع برشلونة، أتوا للدفاع عن "وحدة إسبانيا" في أجواء توتر وقلق.
ونظم استفتاء في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر في كتالونيا، وقد منعته السلطات، وشهد أعمال عنف من قبل الشرطة، عندما حاولت قوات الأمن التي أرسلتها مدريد منع التصويت في عدد من مراكز الاقتراع. وتظهر لقطات رجال الشرطة يضربون كتالونيين مسالمين، ما أثار صدمة لدى الرأي العام.
وساهم في تأجيج التوتر جدل حول تصريح لبابلو كاسادو، المتحدث باسم الحزب الشعبي بزعامة راخوي، اعتبر فيه أن بوتشيمون قد تكون "نهايته" مثل لويس كومبانيس، أحد أسلافه الذي أوقف وأعدم رميا بالرصاص، في عهد الديكتاتور فرانشيسكو فرانكو.
ويؤكد الانفصاليون أنهم فازوا في الاقتراع، بحصولهم على أكثر من تسعين بالمئة من أصوات الناخبين في الاستفتاء، الذي بلغت نسبة المشاركة فيه 43 بالمئة، ما يكفي برأيهم لإعلان استقلال المنطقة. ويتوقع الجميع أن يصدر هذا الإعلان في حال تقرر إصداره، خلال جلسة لبرلمان كتالونيا مساء الثلاثاء، يلقي خلالها بوتشيمون كلمة.