نشرت صحيفة "تسوريشرتسايتونغ" السويسرية تقريرا؛ تناولت فيه الإجراءات الاقتصادية التي تقوم بها
السعودية، في محاولتها للتخلي عن البترول كمصدر رئيسي للدخل القومي، حيث يقود الأمير محمد بن سلمان هذه التغييرات في دور غير معهود لولي العهد في السعودية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن المملكة أصبحت تشجع "صناعة
الترفيه" بشدة في خطوة غير مسبوقة. فقد رصد صندوق الاستثمارات العامة السعودي حوالي 10 مليارات ريال سعودي من أجل إنشاء منظومة للترفيه. وتهدف المملكة للوصول إلى استقطاب 50 مليون سائح بحلول سنة 2030.
وذكرت الصحيفة أن
ابن سلمان يسعى بحسب "رؤية 2030"، لإضافة حوالي 8 مليارات دولار للناتج المحلي، من خلال مشروع الترفيه. وفي هذا الإطار، تم إنشاء الهيئة العامة للترفيه في السعودية السنة الماضي.
ويشكل إنفاق السعوديين على الترفيه حوالي 3 في المئة من ميزانيتهم، بينما يحاول ولي العهد زيادة النسبة إلى 6 في المئة بحلول سنة 2030، لتفوق الولايات المتحدة التي تنفق 4 في المئة على الترفيه.
وبينت الصحيفة أنه من المعروف أن المملكة الوهابية ليست مركزا لصناعة الترفيه، بيد أن الملك فهد منح شعبه بعض الحرية في هذا المجال في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وسمح بإقامة الحفلات الموسيقية لبعض الفنانين السعوديين والعرب. ومع مطلع القرن الجديد، كان لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تأثير قوي في الشارع السعودي، علما بأن دورها يتمحور حول ضمان تطبيق الشريعة.
فعلى سبيل المثال، نجد "المطاوعة" (مفردها مطوع) وهو لقب من يعمل بالهيئة، منتشرين في الشوارع والمطاعم ومواقف السيارات، وحتى مراكز التسوق، من أجل القبض على من يخالف تعاليم الشريعة. فلا يجوز أن يجلس رجل وامرأة لا تجمعهما علاقة في السيارة أو تناول الطعام معا، بالإضافة إلى أنه يمكنهم توجيه الأمر بخفض صوت الموسيقى، والتأكد من أن النساء يرتدين ملابس فضفاضة.
وذكرت الصحيفة أن السعوديين إلى الآن يسافرون إلى دبي والبحرين من أجل الحصول على المتعة بكل صورها، وبالأخص في دولة الإمارات التي يجدون فيها مناخا أكثر حرية للإنفاق على ملذاتهم. لكن يرغب ابن سلمان في أن تنفق كل هذه الأموال على المتعة داخل البلاد وليس خارجها.
وبالفعل، أحضرت المملكة خبراء أمريكيين إلى البلاد من أجل تنفيذ رغبة ابن سلمان. وتسعى شركة "سيكسفلاغز" للترفيه لتشييد ثلاث مدن ترفيهية عملاقة بتكلفة استثمار بين 300 إلى 500 مليون دولار للمدينة الواحدة. وسيتم افتتاح المدينة الترفيهية الأولى في الرياض بحلول سنة 2020، بينما المدينتان الأخريان ستكونان في مدينة جدة الساحلية.
وبينت الصحيفة أن المملكة تعسى من خلال هذه الإجراءات إلى أن تكون دولة ليبرالية، ولكن هذا لن يحدث بين ليلة وضحاها. لذلك، من المهم أن يكون كل شيء تحت إشراف الحكومة الكامل، حتى لا يأتي إلى أذهان البعض أن السعودية تسير على نهج الغرب في التسلية والترفيه. وخلافا للمتوقع، يمكن أن تقرأ في البرنامج المعد لهذه المدن وجود عروض للسحر وملاه ليلية، بالإضافة إلى عروض الرسوم المتحركة، ومهرجانات الضوء.
وأوضحت الصحيفة أن هذه المرة الأولى التي تشهد فيها مقاعد الجماهير في السعودية اختلاطا، وقد لوحظ ذلك في سيرك دوسوليه الكندي الذي نظم في المملكة، بالإضافة إلى إحياء عروض "غوت تالنت" في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية. وخلال هذه الفعاليات "المختلطة" كانت النساء السعوديات تضعن مستحضرات التجميل على وجوههن، ومن هذا المنطلق ندرك أن هناك تغييرا جذريا يحدث في مجتمع المملكة.
وأضافت الصحيفة أن الشرطة الدينية تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه التغييرات، خاصة أن الملك، بعد تأسيس الهيئة العامة للترفيه، قد أصدر أوامر مباشرة تنص على تقليص دور الهيئة. وفي هذا الإطار، تولد صراع جديد داخل المملكة بين الوهابيين و"التجديديين".
كما سيعمل ابن سلمان في الفترة القادمة على تشجيع الحجيج لقضاء عطلة أطول في هذه المدن الترفيهية، وإنفاق المزيد من الأموال.
وقالت الصحيفة إن دخل المملكة من الحج يتراوح بين 6 و7 مليارات دولار سنويا، وبعد هذه التغييرات التي تشهدها المملكة من المفترض أن يصل هذا الرقم إلى 30 مليار دولار. وقد بدأت بالفعل أشغال بناء المتنزهات للحجاج، على الساحل الغربي للمملكة المطل على البحر الأحمر، بالقرب من مكة والمدينة المنورة. وقد أغضب هذا الخلط بين الروحانيات والتسلية العديد من رجال الدين في المملكة.
وتساءلت الصحيفة عما سيفعله مفتي المملكة، عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ، الذي دعا قبل عامين إلى إلغاء أي أنشطة "مسيحية" في المملكة، من شأنها أن تهدد أخلاق المسلمين، مثل لعبة الشطرنج، حين يرى المغني والراقصة بدلا من لعبة الشطرنج.