شهدت الأيام القليلة الماضية حراكا حقوقيا ودبلوماسيا نشطا في
جنيف بشأن ملف حقوق الإنسان باليمن، انتهى بتشكيل لجنة خبراء بعد سحب هولندا مشروعها قرارها القاضي بتحقيق دولي للانتهاكات في البلاد.
لجنة
الخبراء التي أقرتها مفوضية حقوق الإنسان في العاصمة السويسرية أمس الجمعة، دفع الكثير إلى التساؤل حول ماذا يعني هذا القرار؟
مهام محددة
تعليقا على هذا الموضوع، أكد المحامي والخبير القانوني
اليمني، فيصل المجيدي أن لجنة الخبراء، لا تعد لجنة تحقيق بالمعنى القانوني، بل تم إنشائها للجمع بين الرؤى المختلفة، وتشكل من قبل المفوض السامي وتقدم تقاريرها إليه.
وأوضح في حديث خاص لـ"
عربي21" أن المجلس بهذا القرار أعاد الثقة بلجنة التحقيق الوطنية، صاحبة الاختصاص الأصيل في التحقيق، والتي تم إقرارها بموجب البند الثاني من الاجتماع الملزم وذلك تكرارا للقرارات في 2015 و2016، الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان في سويسرا.
وأشار إلى أنه لا يوجد "خبراء محققين" بل أن مهام اللجنة محددة بـ"الفحص والدراسة"، وربما الرصد وتشكيل حسب القرار من قبل المفوضية.
وبحسب المجيدي فإن قرار تشكيل لجنة "الخبراء"، جاء كله تحت البند العاشر المعني بالدعم الفني والتقني للجنة التحقيق الحكومية، أما التحقيق فهو تحت البند الثاني الذي كان عليه المشروع الهولندي الذي لم يقر.
ولفت إلى أن القرار الأممي الأخير إعادة تاريخ الانتهاكات لحقوق الإنسان منذ أيلول/ سبتمبر 2014، تاريخ اجتياح صنعاء من قبل
الحوثيين، وليس فقط منذ 26 آذار/ مارس، تاريخ عاصفة الحزم التي قادتها دول التحالف العربي بقيادة السعودية.
وأضاف الخبير القانوني اليمني أن القرار فيه انتصار لحقوق الناس والضعفاء والناشطين والمعتقلين والمختطفين ومن دمرت منازلهم وأزهقت أرواحهم من قبل من اسماها بـ"المليشيا الحوثية" منذ اجتياحها للعاصمة صنعاء وتوسعها للمحافظات الأخرى.
وذكر المستشار المجيدي أن هناك محاولة لتمييع حقوق الإنسان في اليمن، بالتماهي بين الحوثيين وبمساعدة ما وصفه بـ"اللوبي الصهيوني" وأذرعه في المنطقة، وبين بعض المنظمات الدولية التي لها موقف مسبق من الرياض، كان لذلك انعكاسات سلبية على القضية الحقوقية اليمنية بالاعتماد على النتائج وليس على المسببات.
وكانت هولندا وكندا قد تقدمت بمشروع تشكيل" لجنة تحقيق دولية" للدورة الـ36 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، مقابل مشروع أخر تقدمت به المجموعة العربية بدعم اللجنة الوطنية (حكومية) بالتحقيق.
وكان لافتا، التأييد الذي حشدت أكثر من 63 منظمة محلية ودولية على رأسها منظمة "هيومن رايتس ووتش"، انعقاد مجلس حقوق الإنسان في دورته الـ36، التي بدأت في 11 أيلول/ سبتمبر الحالي، برسالة إلى مفوضية حقوق الإنسان، تطلب فيها إجراء تحقيق دولي مستقل.
لجنة للفحص
من جهته، قال الصحفي والناشط اليمني غمدان اليوسفي، إن المعارك الحقوقية في أروقة مجلس حقوق الإنسان في جنيف، مجددا تنتهي، بقرار يشابه قرارات الأعوام السابقة مع تعديل كلف المجلس من خلاله مفوضية حقوق الإنسان بتشكيل لجنة خبراء.
وأضاف اليوسفي في مقال له، الجمعة، أن لجنة الخبراء ستقوم بـ"فحص" كافة الانتهاكات وليس التحقيق فيها، كما ورد في الفقرة الأولى: تشتمل ولاية لجنة الخبراء على أن تقوم ب(فحص) (Examine) وكذا المراقبة، وهذا يوضح تماما عمل لجنة الخبراء، وأنها تفحص ولا (تحقق).
وذكرأن الدبلوماسية اليمنية التي قادها "وزير الخارجية، عبد الملك المخلافي، نجحت في توضيح المشهد برمته، بما في ذلك جهود اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات حقوق الإنسان، ورفض مفوضية حقوق الإنسان دعمها في تخلي علني تعنتي واضح لقرارات المجلس السابقة.
وأكد الناشط اليوسفي أن أهمية هذا القرار تكمن في "الحفاظ على تماسك المنظومة الدولية حيال الملف اليمني" والذي سار خلال السنوات السابقة في مسار واحد وهو "مسار دعم الشرعية ورفض الانقلاب". مضيفا أن هذا القرار يعزز تعاملها ايضا مع حزمة المرجعيات وحزمة وضوح الرؤية للمشكلة اليمنية، كحرب بين انقلاب ودولة.
معركة كبيرة
وموازاة مع ذلك، ترى رئيسة منظمة" مواطنة" لحقوق الإنسان ( محلية) رضية المتوكل، أن المعركة كانت كبيرة، وأكثر زخما بخصوص اليمن في مجلس حقوق الإنسان بجنيف.
وأضافت المتوكل، التي تعد منظمتها من الداعمة لقرار تشكيلة لجنة تحقيق دولية أن منظمات المجتمع المدني والدول المساندة لتشكيل لجنة دولية جهدا استثنائيا.
ووصفت رئيسة منظمة "مواطنة" في تعليق على صفحتها بموقع "فيسبوك"، تشكيل "لجنة الخبراء" بأنها خطوة مهمة، رغم التهديد السعودي وعلاقاتها ببعض الدول، والتخاذل الأمريكي والبريطاني والفرنسي، الذي صاحب ذلك.
ويشهد اليمن منذ 2014 نزاعا داميا بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية. وقد سقطت العاصمة صنعاء في أيدي المتمردين في أيلول/ سبتمبر من العام نفسه.
وشهد النزاع تصعيدا مع تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري في آذار/ مارس 2015 بعدما تمكن الحوثيون من السيطرة على مناطق واسعة في البلد الفقير.
وأسفر الصراع عن مقتل أكثر من 8 آلاف شخص بينهم آلاف الأطفال والنساء، وجرح 47 ألف شخص آخرين على الأقل، ونزح مئات الآلاف من اليمنيين من منازلهم. وفقا لتقارير دولية