نشرت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية تقريرا، تحدثت فيه عن الثقب الهائل على مستوى
المحيط المتجمد الجنوبي، وذلك على الرغم من أن المنطقة شديدة البرودة. والجدير بالذكر أن هذا الثقب نجم بالأساس عن تسرب المياه الدافئة إلى الأعلى.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الباحث المختص في الجليد البحري لدى جامعة هامبورغ، لارس كاليشكه، لاحظ إثر إمعانه النظر في الموجات الدقيقة على الأقمار الاصطناعية "GCOM-W1" ثقبا هائلا على مستوى بحر ودل، وهو خليج يقع في المحيط المتجمد الجنوبي. وفي هذا الصدد، أفاد كاليشكه بأن "حجم هذا الثقب يفوق مساحة ولاية سكسونيا السفلى".
ومن المثير للاهتمام أن هذا الثقب هو عبارة عن مساحة مغطاة بطبقة رقيقة من الجليد على مستوى شرق المحيط المتجمد الجنوبي. وتكونت هذه الطبقة نتيجة درجات الحرارة المتدنية إلى ما تحت الصفر. وبلغت مساحة هذا الثقب أقصى حد لها يوم الاثنين الماضي، حيث وصلت إلى 49.111 كيلومترا مربعا. ومن المنتظر أن تبلغ يوم الأربعاء القادم حوالي 39.462 كيلومترا مربعا.
وفي هذا السياق، أفاد الباحث المختص في الجليد البحري كاليشكه، بأن "المياه العميقة، التي تعدّ أكثر دفئا من المياه السطحية، ما فتئت تتسرب إلى الأعلى". ويعزى ذلك إلى آلية معقدة نوعا ما، فضلا عن وجود سلسلة من الجبال تحت سطح البحر.
وأوردت الصحيفة أن الصفائح المحيطية ترتفع إلى حدود 500 كيلومتر قبالة سواحل القطب الجنوبي. وفي الأثناء، من غير الممكن رؤية الجبال الموجودة تحت سطح البحر، التي يبلغ طولها حوالي 3500 متر، على السطح؛ وذلك نظرا لأن المياه في هذه المنطقة يبلغ عمقها حوالي 5 كيلومترات تقريبا.
وأشارت الصحيفة إلى أن كمية من المياه الدافئة تتدفق إلى السطح، ما ينعكس على الغلاف الجوي، وبالتالي تتكون طبقات جديدة من الجليد البحري الغنية بالملح، ما يؤدي إلى تغير سمك المياه على مستوى الطبقات العليا. وتبعا لذلك، ينخفض مستوى المياه، ومن ثم يتسع الثقب.
وأوضحت الصحيفة أن هذا الثقب ليس الأول من نوعه، حيث ظهر ثقب مماثل في السبعينات. وفي ذلك الوقت، اكتشف عدد من علماء الجغرافيا عن طريق تسجيلات القمر الصناعي الأمريكي، "نيمبوس 5" ثقبا تبلغ مساحته حوالي 310 ألف كيلومتر مربع، وقد بلغ أقصى حد له في أيلول/ سبتمبر سنة 1975. وإثر ذلك، اختفت هذه الظاهرة لمدة 40 سنة لتظهر مجددا خلال السنة الماضية.
وبينت الصحيفة أن المحيط الجنوبي يعدّ منطقة دافئة. وعلى الرغم من أن المحيط الجنوبي يحتل 30 بالمئة فقط من مساحة البحر، إلا أن نصف كمية ثاني أكسيد الكربون ودرجات الحرارة الدافئة تتسرب إلى هذه المنطقة بالمقارنة مع بقية المحيطات.
وذكرت الصحيفة أن النماذج كشفت أن الثقوب العملاقة تظهر على الجليد، على اعتبارها جزءا من التقلبات المناخية الطبيعية. وفي هذا السياق، كشف فريق من الباحثين لدى معهد البحوث البحرية ببرشلونة تحت إشراف الباحثة، آنا كابري، أن انتقال الحرارة له تأثير عالمي. ووفقا لهؤلاء الباحثين، لا ترتفع درجات الحرارة على مستوى المياه والغلاف الجوي فحسب، بل ترتفع في جميع أنحاء نصف الكرة الجنوبي، في حين يصل تأثير ذلك إلى نصف الكرة الشمالي.
ونقلت الصحيفة تصريح الأستاذة المساعدة المختصة في علم المناخ، إيرينا مارينوف، حيث قالت إنه "خلال السنوات والعقود المقبلة، سنلاحظ في ظل تواتر الثقوب العملاقة بعض التقلبات المناخية الأخرى، على غرار تغيرات على مستوى الرياح في نصف الكرة الجنوبي، وتحول الحزام المطري الاستوائي نحو الجنوب، الأمر الذي قد يستغرق نحو 30 سنة".
وذكرت الصحيفة أنه نتيجة لتأثير الإنسان على المناخ، باتت إمكانية حدوث مثل هذه الثقوب، في الوقت الراهن، أمرا واردا؛ نظرا لأن الجليد البحري يذوب في ظل التغيرات المناخية المتسارعة، ما يؤدي إلى صعود المياه قليلة الملوحة إلى السطح. وتجدر الإشارة إلى أن فريقا من الباحثين لدى جامعة ماكغيل بمونتريال تحت إشراف الباحث، كاسيمير دي لافيرني، أكد أن ظهور الثقوب في المحيط الجنوبي كان أمرا شائعا.
وفي الختام، أوردت الصحيفة أن الحرارة تتسرب إلى أعلى، ما يؤدي إلى ظهور ثقب في الجليد. وفي هذا الصدد، صرح كاليشكه أنه "خلال السنة الماضية، بلغ الجليد البحري أدنى مستوياته في كل أنحاء العالم".