ربما ستفرض المكاسب التي حققتها العملات الرقمية الإلكترونية عددا من التحديات التي يجب أن تدرس
البنوك المركزية على مستوى العالم في الوقت الحالي إجراءات لتجاوزها.
وبين المقترحات التي يطرحها المصرفيون لمواجهة الانتشار العنيف والمكاسب القياسية للعملات الرقمية وخاصة "
بيتكوين"، أن تتجه البنوك المركزية إلى بحث أطر قانونية للعملات الحالية، إضافة إلى التفكير في إصدار
عملات إلكترونية يجري تداولها في السوق الرسمي.
وقال محللون وخبراء وفقاً لصحيفة "الخليج"، إن واقع الحال يشير إلى تزايد الضغوط المفروضة على البنوك المركزية حول العالم لإيجاد بدائل رقمية للنقود الورقية، مثل السويد التي بدأ فيها استخدام النقود الورقية بالتراجع بشكل كبير، بيد أن كل البنوك المركزية حول العالم سيتوجب عليها في وقت ما، اتخاذ قرار محدد في التعامل بالعملات الرقمية من عدمه.
وفي اتخاذها لتلك القرارات، فإنه يتعين على المؤسسات أن تأخذ في اعتبارها مسائل الخصوصية وفاعلية تلك العملات في عمليات الدفع الإلكترونية، إضافة إلى التأثيرات الاقتصادية والمالية ونتائج ذلك على السياسات النقدية.
تطور سريع
وقالت مؤسسة BIS البحثية في تقرير لها إنه خلال أقل من عقد من الزمن، تطورت العملات الرقمية إلى أن أصبحت اليوم عملات فعلية، يتم التعامل بها على نطاق واسع وتمتلك وزناً كبيراً في الأسواق، مشيرة إلى أنه وفي الوقت الذي تستبعد فيه أن تحل تلك العملات الرقمية مكان العملات التقليدية بالكامل، فإنها أكدت الأهمية الكبيرة لها في النظام المالي العالمي.
وجاءت تلك التعليقات بعد أسبوع عصيب واجه العملات الرقمية، وبعد أن وصف جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لمجموعة "جي بي مورغان تشيس آند كو" عملة الـ"بيتكوين" بأنها خدعة، وبعد الإجراءات التي اتخذتها السلطات الصينية لتقييد التعامل بذلك النوع من العملات الرقمية.
ولكن الـ"ببيتكوين" والعملات الرقمية الأخرى حظيت خلال الفترة الماضية، بمزيد من الاهتمام من جانب المستثمرين ومتداولي السوق وارتفعت شعبيتها بشكل كبير، خصوصاً بعد التحول الملحوظ الذي طرأ على عمليات الدفع، التي اتجهت نحو إجراء تلك العمليات من خلال تطبيقات الهواتف الذكية.
تقنيات جديدة
وقد بدأت مؤخراً البنوك المركزية حول العالم، بالاعتراف باستخدام تقنية "البلوكتشين" التي تعمل ضمنها العملات الرقمية، وهي التقنية التي من المنتظر أن تسرع من حجم تبادل المعلومات والعمليات المالية بشكل كبير، في حين وصف مسؤول رفيع في بنك إنجلترا المركزي العملات الرقمية بأنها الثورة القادمة في مجال الأنشطة المالية حول العالم.
وفي محاولة للاستفادة من بوادر ذلك التحول مستقبلاً، قام البنك المركزي الألماني بإنشاء عملته الرقمية الخاصة للاستخدامات الداخلية، بينما يدرس مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تطبيق ما قامت به ألمانيا، على الرغم من أن أحد مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي أشار في مارس/ آذار الماضي، إلى أن هناك مشاكل جمة تواجه المجلس في ما يتعلق بالسياسات النقدية، والتي تتطلب المزيد من الدراسة والتمعن، بما في ذلك قابلية التعرض للهجمات الإلكترونية والمشاكل الخاصة بانتهاك الخصوصية.
ووفقاً لما أوردته مؤسسة SIB البحثية، فإن أحد الخيارات المتاحة أمام البنوك المركزية ستكون العملة المتوفرة للعامة؛ حيث إنه وفي حال تبنت البنوك ذلك الحل؛ فإنه سيتعين عليها إصدار وحدات صغيرة بحيث يمكن تحويلات إلى أموال نقدية، وربما تكون هناك وفقاً للمؤسسة العديد من المخاطر المرتبطة بعمليات المصرفية.
حظر صيني
وشهدت الأيام الماضية هبوط عملة "بيتكوين" لأربعة أيام متتالية، وهو أكبر تراجع تسجله العملة لأيام متتالية منذ أكثر من عام كامل، وذلك بعد أن أشارت إحدى أكبر منصات التداول الإلكترونية في الصين إلى أنها بصدد التوقف عن التداول في العملات الإلكترونية بحلول نهاية الشهر الجاري، بسبب القيود التي فرضتها السلطات الصينية في ما يتعلق بتداول العملات الرقمية ومنها الـ"بيتكوين".
وتعتزم الصين حظر التداول بالعملات الرقمية، التي تتضمن البيت كوين في البورصات المحلية، وهو الحظر الذي سيكون مطبقاً على البورصات الرسمية دون سواها. وقام مكتب الخدمات المالية في شنغهاي بإصدار أمر بإغلاق منصة تداول "بيتكوين" في المدينة، وفقاً لما أفاد به موقع الأخبار الاقتصادية في الصين.
شعور إيجابي
وأفادت مصادر بأن الشعور الإيجابي تجاه العملات الرقمية في روسيا ارتفع بشدة خصوصاً بعد لقاء الرئيس فلاديمير بوتين مع فيتاليك بوتيرين، مؤسس ثاني أكبر عملة رقمية في العالم بعد الـ"بيتكوين"، والذي تداول مع الرئيس الروسي آفاق تطوير نظام "البلوكتشين" لتعزيز الأمن في المعاملات المالية والمعلوماتية في روسيا.
وبغض النظر عن المشاكل التنظيمية التي تواجه العملات الرقمية حول العالم، فإن الوضع في روسيا مختلف قليلاً، بل إن الحكومة دعمت العديد من المشروعات الخاصة بالعملات الرقمية، حيث تم الإعلان عن تخصيص نحو 100 مليون دولار في طرح أوّلي عام على العملات الرقمية في روسيا، ويدرس بنك "سبربنك" الأكبر في روسيا فتح حسابات خاصة بالعملات الرقمية في فرعها بسويسرا.