نشر موقع "بلومبيرغ" مقالا لكل من أنجالينا راسكويت وخالد الأنصاري، يحاولان من خلاله أن يستشرفا الآثار التي قد تترتب على
استفتاء استقلال
كردستان العراق، المزمع إجراؤه في 25 أيلول/ سبتمبر، وهو الاستفتاء الذي ترفضه الدول الغربية والحكومة المركزية في بغداد، معتبرة إياه عاملا مؤديا إلى المزيد من عدم الاستقرار في منطقة دمرتها الحروب.
ويقول الكاتبان في مقالهما، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن "كردستان تخاطر بفعلها هذا بأموال
النفط الذي ساعد إلى الآن الحكومة الإقليمية بعد فشلها في التوصل إلى صفقة تتعلق بالميزانية مع الحكومة الفيدرالية، وبعض هذا النفط يقع في مناطق متنازع عليها".
لماذا يجب على سوق النفط القلق بخصوص الاستفتاء؟
يشير الكاتبان إلى أن "حكومة إقليم كردستان العراق تقول بأن احتياطي النفط في المناطق التي تسيطر عليها يصل إلى 45 مليار برميلـ وهو أكثر من عضو الأوبك نيجيريا، بالإضافة إلى أن الإقليم ضخ حوالي 544600 برميل في اليوم عام 2016، ويتوقع أن يرفع الإنتاج إلى 602 ألف برميل في اليوم هذا العام، بحسب شركة الاستشارات (ريستاد إنيرجي)، وكان إنتاج العام الماضي يمثل نسبة 12% من مجموع إنتاج العراق الكلي، بحسب المعطيات التي جمعها موقع (بلومبيرغ نيوز)، وهذه الأرقام وحدها تضع إقليم كردستان بمستوى قطر وإكوادور، وللوصول إلى أسواق النفط يعتمد الإقليم المغلق على خط أنابيب لميناء سيهان التركي على البحر الأبيض المتوسط، ووصل معدل صادرات كردستان العراق العام الماضي إلى 515 ألف برميل في اليوم، ومعدلها هذا العام 583600 برميل في اليوم إلى هذا التاريخ".
هل يشكل الاستفتاء تهديدا لإنتاج النفط؟
يلفت الكاتبان إلى أن "الاستفتاء سيتم في المحافظات الثلاث لإقليم كردستان، بالإضافة إلى محافظة كركوك، التي تحتوي على حقول النفط والمتنازع عليها، حيث اكتشف النفط في العراق لأول مرة عام 1927، وتعد حكومة العراق الفيدرالية الاستفتاء في كركوك غير قانوني، وتهدد بالرد".
وينقل الموقع عن رئيس لجنة الطاقة في مجلس محافظة كركوك أحمد العسكري، قوله في مقابلة هاتفية: "إن ردود الفعل على الاستفتاء طفولية، نحن شعب مسالم ومستعد للتفاوض لتحصيل حقوقه".
ويذكر الكاتبان أن القوات الكردية قامت بالسيطرة على المساحات المحيطة بكركوك في حزيران/ يونيو 2014، بعد أن هرب الجيش العراقي من مقاتلي تنظيم الدولة، مستدركين بأن بغداد ترفض الاعتراف بشرعية السيطرة الكردية على هذه المنطقة.
ويورد الموقع نقلا عن وزير النفط العراقي جبار اللعيبي، قوله في 18 أيلول/ سبتمبر: "لدينا خلافات مع وزير المصادر الطبيعية لإقليم كردستان بشأن حقل كركوك"، مشيرا إلى أن وزارة المصادر الطبيعية في إقليم كردستان رفضت الاستجابة لطلب من "بلومبيرغ" بالتعليق.
ويقول الكاتبان إنه "لكون الاستفتاء غير ملزم، فإن وكالة الطاقة الدولية (لا تتوقع تغيرا مباشرا في الوضع القائم في هذا الوقت، وستراقب التطورات لدى حصولها)، بحسب تصريح وصل بالبريد الإلكتروني من الوكالة، وتقوم الوكالة بمراقبة الصادرات النفطية من دول منظمة الدول المصدرة للبترول أوبيك، بما فيهم العراق، التي تعد ثاني أكبر منتجي المنظمة".
هل الصادرات في خطر؟
ويرى الكاتبان أن "أكبر خطر على الصادرات سيأتي من تركيا، التي تعارض الاستفتاء، خاصة أن لديها أقليتها الكردية المتململة، التي قد تلجأ إلى إغلاق خط الأنابيب الذي يمكنه نقل حوالي 700 ألف برميل من الحقول الكردية إلى سيهان، بحسب الخبراء الإقليميين مايكل نايتس من معهد واشنطن ومايكل روبين من معهد (أميركان إنتربرايز)".
وينقل الموقع عن نايتس، قوله إنه إذا قامت تركيا بإغلاق الأنابيب فإن ذلك سيمحو المكاسب الأخيرة التي حققتها صناعة الطاقة في إقليم كردستان العراق، مشيرا إلى الدفوعات الكردية المنتظمة لشركات النفط الدولية على مدى العامين الماضيين، وحل إشكالية الديون المتأخرة لبعض تلك الشركات، والمقترح لإنشاء خط غاز طبيعي من الشركة الروسية "روزنيفت أويل بي جي أس سي: وأضاف أن كون الأنبوب عمل بشكل طبيعي منذ إعلان الاستفتاء فإن ذلك يجب أن يطمئن شركات الطاقة.
هل هناك مخاطر تواجهها شركات النفط؟
ويبين الكاتبان أن الشركات الدولية التي تعمل في المناطق الكردية تتضمن "غولف كيستون بتروليوم لمتد" و"جينيل إنيرجي بي أل سي" و"دي أن أو إيه أس إيه"، لافتين إلى أن "غولف كيستون" تشغل حقل شيكان، الذي ينتج 36700 برميل يوميا، بينما تشغل "دي أن أو" حقل تاوكي، وحول كركوك تشغل شركة "كار غروب" المحلية حقول خورمالا وآفانا وباي حسن.
ويفيد الموقع بأن مخاطر الإنتاج في المنطقة تراجعت، وسط تقدم ذكره نايتس من معهد واشنطن؛ بسبب التقدم العسكري ضد تنظيم الدولة في شمال العراق، حيث قال المدير التنفيذي لشركة "غولف كيستون" جون فيرير في مقابلة في 19 أيلول/ سبتمبر: "صناعتنا هي أهم صناعة في المنطقة، ومن مصلحة الجميع حمايتها"، لافتا إلى أنه "لم نستطع الحصول على رد فعل من شركة (دي أن أو)".
لماذا هذه الأهمية لكركوك؟
وينوه الكاتبان إلى أن "هناك تنافسا في كروكوك بين العرب والتركمان والأكراد للسيطرة على كركوك، ما يجعل المدينة وما حولها من مساحات غنية بالنفط منطقة قابلة لاشتعال الصراع، كما يخشى أن تتحول التوترات إلى صراع، خاصة بعد الاشتباكات هذا الأسبوع بين الأكرد والتركمان خلال نشاط لترويج الاستفتاء، وصوّت البرلمان العراقي لعزل محافظ محافظة كركوك، وهو التحرك الذي وصفه الرئيس مسعود بارازاني بأنه قد ينهي الشراكة مع بغداد، وتضخ حقول كركوك تحت السيطرة الكردية ما بين 350 ألفا إلى 400 ألف برميل في اليوم، بحسب نائب وزير النفط العراقي فياض النعمة".
ويختم الكاتبان مقالهما بالإشارة إلى قول خالد المفيرجي، الذي يمثل كركوك في البرلمان العراقي الفيدرالي في مقابلة هاتفية: "إن أصر الأكراد على أن يشمل الاستفتاء كركوك، فستعتبر محافظة محتلة من قوات غير عراقية، وسيضطر رئيس الوزراء حينها لاتخاذ الإجراءات اللازمة لاستعادتها".