أشاد
الداعية المغربي ذو التوجه السلفي،
حماد القباج، بالمسلسلات التركية التي يغلب على مضمونها "الرسالة الإيجابية والمقاصد الإصلاحية"، لافتا إلى أن بعض الدعاة يرتكبون أخطاء في بعض خطاباتهم التي "تؤصل للعمل الدعوي والإصلاحي بشكل نظري يكاد يكون منفصلا عن الواقع وإكراهاته، ولا يلتقي معه إلا في مواطن محدودة جدا".
وقال الداعية المراكشي في مقال له بعنوان "الدراما وفقه الواقع الدعوي والإصلاحي"، إنه إذا كان "الداعية المشارك في الإصلاح يعرف أن مجتمعه يستقبل آلاف الحلقات من
المسلسلات التركية التي تطفح بالمخالفات الشرعية على مستوى الشكل وعلى مستوى المضمون، أفلا يكون من الفقه والحكمة إرشاد هذا الجمهور العريض إلى نوع آخر من المسلسلات يغلب على مضمونه الرسالة الإيجابية والمقاصد الإصلاحية والمضمون المفيد النافع، وأنه على مستوى الشكل أخف وأقل مخالفات؟".
وأشار إلى أن مخاطبة مغاربة يتابعون مضامين مسلسل "حريم السلطان" مثلا، لنقلهم إلى متابعة مضامين مسلسل "السلطان عبد الحميد" هو الفقه والحكمة، وإن تساوى المسلسلان على مستوى المخالفات الشكلية، كما أن الحكمة تقتضي نقل المشاهد المغربي من إدمان مشاهدة مسلسل "سامحيني" إلى مشاهدة مسلسل "المجهولون" مثلا، وهكذا، وفق تعبيره.
ولفت المدير التنفيذي لمؤسسة ابن تاشفين للدراسات والأبحاث والإبداع، إلى أن حديثه عن
الدراما التركية كنموذج، يأتي باعتبارها "الدراما الوحيدة -في حدود علمي- التي قدمت مؤخرا أعمالا ذات رسالة ومضامين إيجابية إلى حد كبير"، مشيرا أنه "لم يجد مثل هذه الأعمال في إنتاجات الدراما العربية التي لا تزال يطغى عليها الفحش الأخلاقي والتفاهة والتنكر لهوية الأمة وتاريخها المشرق المشرف" وفق تعبيره.
ووجه القباج حديثه إلى الدعاة بالقول: "أيها الدعاة أفيقوا، قنواتنا المستلَبة مثل القناة الثانية، بثت وتبث آلاف الحلقات من مسلسلات مكسيكية وهندية وتركية؛ فيها مئات الحلقات المترجمة بالدارجة والعربية، تربي أسرنا على التطبيع مع العلاقات الفاحشة والاهتمامات التافهة والرسائل السلبية؛ وأنتم تغردون من فوق شجرة مقطوعة الجذور عن واقعها، تنشغلون فيها بإخوانكم الذين يناضلون لمقاومة هذا الطوفان المدمر وتقليل ضحاياه".
واستدل المتحدث بمقولة ابن تيمية التي قال فيها: "ليس الفقيه من يعرف الحلال والحرام ولكن الفقيه من يعرف خير الخيرين وشر الشرين".
وتابع حديثه للدعاة بالقول: "معرفتك بأن التبرج -مثلا- حرام ليس هو الفقه، ولكن الفقه هو أن تنقل الناس من واقع مشاهدة التبرج الفاحش إلى مشاهدة ما هو دونه في الفساد، وأن تنقلهم من مفسدة مشاهدة تبرج مع مضمون سلبي إلى مشاهدة تبرج أخف سلبية مع مضمون إيجابي".
وسجل القباج أنه "من الخطأ النظر إلى الموضوع من زاوية محدودة المجال جدا، وهي زاوية فئة من المتدينين تقاطع تلك الأعمال، ولا ننظر إليه من زاوية أوسع وأرحب تشمل فئات أخرى من المتدينين ومن عموم المسلمين"، لافتا إلى أن "النظر إلى ألوف المسلمين المستهلكين للإنتاجات السينمائية بدون قيود ولا ضوابط ولا انتقاء، سيؤدي إلى النظر الفقهي المتين إلى القول بالمشروعية".