انتقادات للنظام المصري بسبب تأميمه وسائل إعلام مستقلة

أعربت منظمة "مراسلون بلا حدود" عن قلقها العميق إزاء ما وصفته بسلسلة التدابير الحكومية المصرية الجديدة التي تساهم في وضع عدد من المنابر الإعلامية المصرية تحت الوصاية بتُهمة ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين، لافتة إلى أن هناك أربع وسائل إعلام مصرية مستقلة تشهد عملية تأميم بطريقة غير مباشرة.

وقالت في بيان لها الأربعاء: "تتعرض أربع وسائل إعلامية مستقلة، وهي ديلي نيوز إيجيبت والبورصة والموقعين الإخباريين مصر العربية وبوابة القاهرة، لنوع جديد من الهجمات، التي تتم على ثلاث مراحل".

وتتمثل المرحلة الأولى، وفق "مراسلون بلا حدود"، في وضع هذه المنابر الإعلامية على "قائمة الأسماء المشتبه في انتمائها إلى الإخوان المسلمين أو دعمها لهذه الجماعة التي تُعتبر منظمة إرهابية في مصر، ثم تقوم المصارف بتجميد أصول المؤسسات المدرجة في القائمة، مما يؤدي إلى شل عمل وسائل الإعلام المعنية واستنزافها ماليا. أما المرحلة الثالثة، فتتمثل في وضع الصحيفة أو الموقع الإخباري تحت وصاية المؤسسة الإعلامية الحكومية (أخبار اليوم)، التي تُعيد إطلاقها في وقت لاحق".

اقرأ أيضا: تعرف على إمبراطورية السيسي الإعلامية (إنفوغرافيك)

وذكرت أن "تجميد حسابات الأفراد أو الشركات الواردة على القائمة السوداء التي يضعها النظام لا يستند إلى أساس قانوني، علما أن هذا الإجراء يتم بطريقة إدارية بحتة من قبل لجنة معنية بمصادرة والتصرف في أصول آلاف الأشخاص المتهمين بعلاقات مع جماعة الإخوان، دون إجراء أي تحقيق أو صدور أي قرار قضائي في هذا الشأن".

واعتبرت "مراسلون بلا حدود" أن "تجميد حسابات وسائل الإعلام أو مالكيها قرار غير دستوري، كما أن وضع هذه المنابر الإعلامية تحت وصاية وسيلة إعلامية حكومية يمثل خطوة أقرب ما تكون إلى التأميم القسري"، مُحذرة في الوقت ذاته من "الخطر الذي تشكله مثل هذه العملية على استقلالية خط تحرير وسائل الإعلام المعنية".

تأميم بالوكالة

ويَعتبر رئيس تحرير موقع البداية المعارض، خالد البلشي، أن هذه الإجراءات المتمثلة في تجميد الأصول ووضع الصُحف والمواقع تحت وصاية وسائل الإعلام الحكومية تحمل في طياتها عمليات تأميم بالوكالة، مشيرا إلى أن "بعض وسائل الإعلام التي رفضت البيع، مثل ديلي نيوز والبورصة، تم السيطرة عليها بطرق أخرى".

وأضافت "مراسلون بلا حدود": "قبل الزج بأربع من وسائل الإعلام المستقلة تحت الوصاية الحكومية، أطلق رجال أعمال مصريون مقربون من السلطة وأجهزة المخابرات حملة واسعة تهدف إلى شراء عدد من المجموعات الإعلامية، مما أتاح لنظام السيسي تشديد سيطرته على الصحافة بشكل غير مباشر".

من جهتها، أكدت رئيسة تحرير في ديلي نيوز إيجيبت، أميرة الفقي، أن ما يطال صحيفتهم يشكل "مثالا صارخا على الكيفية التي يستمر بها تقلص المجال العام في مصر تدريجيا"، موضحة أن الصحيفة اليومية الصادرة باللغة الإنجليزية "اتُّهمت ظلما باتخاذ مواقف سياسية موالية لمجموعة معينة، وهذا الاتهام عادة ما يُستخدم بشكل تعسفي لإثارة العداء تجاه وسائل الإعلام المستقلة".

اقرأ أيضا: "مراسلون بلا حدود" تنتقد سيطرة المخابرات على الإعلام بمصر

وتُعرف جريدة ديلي نيوز إيجيبت منذ نشأتها بتبني خط تحرير محايد إزاء السلطة، حيث فتحت صفحاتها للصحافة الاستقصائية من خلال تحقيقات في عمليات الإعدام التي جرت دون محاكمة. لكن في كانون الأول/ ديسمبر 2016، شهدت قائمة الحسابات المعرضة للتجميد إدراج اسم مصطفى صقر، وهو مساهم في مجموعة بيزنس نيوز التي تنتمي إليها ديلي نيوز إيجيبت وصحيفة البورصة المتخصصة في الشؤون المالية. ومنذ الشهر التالي، توقفت ديلي نيوز إيجيبت عن طرح علامات استفهام حول بيانات وزارة الداخلية وخطابها الرسمي في إطار مكافحة الإرهاب، كما انخفضت بشكل ملحوظ وتيرة المقابلات مع المعارضين السياسيين.

بيد أن هذا التوجه الجديد القائم على الحذر لم يحل دون حجب موقعي ديلي نيوز إيجيبت والبورصة في إطار حملة رقابة واسعة تشمل أكثر من 400 موقع، بما فيها موقع "مراسلون بلا حدود".

وأوضح عادل صبري، رئيس تحرير موقع مصر العربية المحجوب حاليا، أن توجيه اتهامات لا أساس لها من الصحة عبر ادعاء دعم وسائل الإعلام لجماعة الإخوان يساهم "في تبرير حجب المواقع الإلكترونية بشكل أو بآخر". علما أن الموقع الذي يديره بات على وشك الانتقال إلى وصاية أخبار اليوم.

يُذكر أن مصر تقبع في المرتبة 161 (من أصل 180) في نسخة 2017 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي نشرته مراسلون بلا حدود في وقت سابق هذا العام.