قالت مصادر مطلعة لـ"
عربي21" إن الدور
الإماراتي المتصاعد في
اليمن أدى لخلافات داخل العائلة
السعودية المالكة، بسبب رفض ولي العهد محمد بن سلمان التعاطي مع توصيات قادته الميدانيين حول سياسات أبو ظبي في اليمن، وخصوصا في مدن
الجنوب.
وأضافت المصادر، أن الخلافات مستمرة بين الرياض وأبو ظبي حول الأجندات والمواقف في اليمن، على الرغم من "تصريحات الطرفين عن وجود انسجام كامل بينهما في الأزمة المتواصلة منذ سنوات".
وتشير تقارير سعودية، في هذا الإطار، إلى أن الأمير فهد بن تركي قائد القوات البرية السعودية أبلغ ولي العهد محمد بن سلمان أكثر من مرة بتجاوزات القوات الإماراتية في عدن ومحافظات الجنوب الأخرى، مضيفة أن "هناك انقساما داخل مؤسسة الحكم السعودي بشأن التحالف مع أبوظبي في اليمن".
وبحسب المصادر، التي طلبت من "
عربي21" عدم الكشف عن هويتها، فإن قيادات في العائلة المالكة في السعودية تنظر إلى دور أبوظبي في اليمن بأنه محاولة لإضعاف المملكة والاستئثار بمكانتها وموقعها الجغرافي "باعتبار اليمن حديقتها الخلفية".
وترفض الكثير من هذه القيادات "الدور الإماراتي المبالغ فيه في الأزمة اليمنية على حساب السعودية"، مؤكدين أن ذلك سيضر بالمملكة مستقبلا.
وأضافت المصادر أن هذه القيادات سعت كثيرا إلى تحذير العاهل السعودي وولي عهده من خطورة الحضور القوي لأبوظبي على حساب المملكة لكنها دائما "تصطدم بالأمير محمد بن سلمان الذي يتخذ قراراته بناء على توصيات ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد"، مشيرة إلى أن التنسيق بين ابن زايد وابن سلمان في اليمن قوي واستراتيجي.
القوات السعودية في عدن على الهامش
وظهر الخلاف بين الدولتين الشهر الماضي بشكل واضح عند وصول المئات من القوات السعودية إلى عدن بطلب من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. ولم تتمكن هذه القوات التي يقودها العميد الركن سلطان بن إسلام من ممارسة المهام التي وصلت من أجلها.
ورغم سعيها لترتيب الأوضاع هناك وتنفيذ أوامر القيادة السعودية بحل الخلافات بين الحكومة اليمنية والقوات الإماراتية التي تحكم قبضتها على عدن والمحافظات الجنوبية المجاورة لها إلا أنها فشلت.
ووصل المئات من الضباط والجنود السعوديين الشهر الماضي إلى ميناء عدن برفقة مدرعات وأسلحة ثقيلة، بغرض مشاركة القوات الإماراتية في السيطرة على المناطق الهامة في المدينة مثل المطار والميناء ومقر قوات خفر السواحل.
وقالت المصادر التي تحدثت لـ"
عربي21" إن القوة السعودية التي وصلت إلى عدن جاءت بناء على طلب من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي للعاهل السعودي وولي عهده، حيث استجاب ابن سلمان لطلب هادي ووجه قائد القوات البرية الأمير فهد بن تركي بن عبد العزيز بالتنسيق مع الرئيس لتسهيل مهمة عودته إلى عدن.
وأضافت المصادر أن هادي طلب أن تكون مهمة حماية مطار عدن وقصر المعاشيق بيد القوات السعودية، بعد أن وصل الخلاف بينه وبين الإماراتيين إلى أعلى مستوى، فيما أبدى قائد القوات البرية السعودية تأييده لطلب هادي وأوصى به أكثر من مرة.
وقال مسؤول محلي في عدن إن القوات السعودية وجدت نفسها على الهامش، بعد أن رفض الإماراتيون التعاطي معها وتسهيل مهامها التي كلفت بها من قبل السلطات السعودية وقائد القوات البرية السعودية فهد بن تركي بن عبد العزيز.
وأضاف المسؤول اليمني لـ"
عربي21" إن القوات السعودية أقامت في قصر المعاشيق، وأن الضباط السعوديين أبلغوا قيادتهم بأن قائد القوات الإماراتية لا يبدي تفهما للدور الذي جاؤوا من أجله وهو إعادة الوضع إلى الاستقرار في عدن وتسهيل مهمة الحكومة اليمنية والترتيبات الأمنية لعودة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
وبحسب المصادر فإن الرئيس اليمني شعر بأن قوات أبوظبي لم تعط القوات السعودية فرصة للسيطرة على المناطق السيادية كمطار عدن والميناء، "فقرر العودة إلى عدن قبل عيد الأضحى المبارك بيومين لحسم الموضوع، غير أن الاستخبارات السعودية أبلغته قبل الذهاب إلى المطار بأنه من الخطأ الذهاب إلى عدن في مثل هذا الوقت وأن ذهابه ورئيس الوزراء يعد خطأ أمنيا".
رفض استقبال هادي
وكشفت المصادر أن أبوظبي أبلغت الرياض بأن قواتها لا يمكنها استقبال طائرة الرئيس اليمني، وأنها ستعيدها من حيث أتت إذا وصلت إلى المطار.
وكانت الاستخبارات السعودية وعدت الرئيس اليمني بترتيب زيارته إلى عدن بعد أيام من حلول عيد الأضحى، إلا أن ذلك لم يتم بسبب العراقيل التي تواجهها في عدن، فيما يرجح خبراء يمنيون أن اتفاقا بين ولي عهد السعودية وولي عهد أبوظبي هو السبب في تأجيل زيارة هادي و"أن خطة وافق عليها الطرفان قد تفضي إلى عزل هادي".
ولم تفلح جميع محاولات رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر الذي التقى القوات الإماراتية والسعودية في عدن، بالتوصل إلى صيغة بين قيادة هذه القوات، للقيام بعمل مشترك والتنسيق فيما بينها وبين الحكومة اليمنية.
وأكد مسؤول يمني أن الوضع في عدن ما زال متوترا، وأن القوات السعودية لم تتوصل حتى الآن إلى صيغة لإقناع القوات الإماراتية والمليشيات التابعة لها بالتنسيق مع الحكومة اليمنية ومنح مؤسساتها فرصة للعمل.
وقبل أيام منعت السلطات الأمنية في مطار عدن طائرة سعودية من نقل عسكريين إلى عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية.
وقال مصدر في الحكومة الشرعية إن قوات الإمارات منعت إقلاع طائرة عسكرية سعودية استأجرتها الحكومة، لنقل "مرتبات عسكريين من المنطقة العسكرية الأولى والثانية والثالثة من عدن إلى حضرموت".
فشل سعودي في الجنوب
وعلى صعيد الوضع في الجنوب قالت المصادر إن السعودية فشلت في كبح الممارسات الإماراتية التي تمنع مؤسسات الحكومة من العمل، وتواصل دعم المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسعى للانفصال، إضافة إلى دعم قوات الحزام الأمني ومدير الأمن الموالي لها شلال شايع.
واعتبرت استمرار الخلافات بين حكومة هادي والإمارات مؤشرا واضحا على "فشل الرياض بلعب دور في جنوب اليمن من خلال قواتها العسكرية التي أرسلت هناك".
وبحسب المصادر فإن الخلاف الصامت في عدن بين القوات السعودية والإماراتية قد ينفجر في أي لحظة، خصوصا أن قائد القوات البرية السعودية فهد بن تركي وآخرين في العائلة السعودية يتابعون بقلق سير العمليات في اليمن وخاصة في عدن.
وأكدت أن القيادات العسكرية ترسل تقاريرها بشكل يومي إلى محمد بن سلمان حول معطيات هذا الخلاف مع توصيات بتحجيم دور أبوظبي قبل أن يصعب السيطرة عليه في وقت لاحق، غير أن ذلك لا يلقى آذانا صاغية من قبل ابن سلمان على حد وصف المصادر.