وسط تراجعات جغرافية متتالية وشاسعة لتنظيم الدولة في كل من سوريا والعراق، تقترب قوات النظام السوري وحلفاؤها بسرعة من مدينة
دير الزور شرقي البلاد، لطرد التنظيم منها وفك حصاره المطبق عليها منذ أكثر من عامين.
وتعد مدينة دير الزور، العاصمة الإدارية للمحافظة التي تحمل الاسم ذاته والحدودية مع العراق، وتعرف بغناها بحقول النفط والغاز الأكثر غزارة في سوريا.
وبدأت أولى حركات رفض تواجد النظام في المحافظة مع بدء تحول حركة الاحتجاجات التي بدأت في آذار/مارس 2011 إلى نزاع مسلح، وما ترتب بعدها من سيطرت فصائل معارضة وجهادية في العام 2012 على أجزاء واسعة من المحافظة ومدينتها دير الزور.
ولكن مع تصاعد نفوذ
تنظيم الدولة وسيطرته على أجزاء واسعة من سوريا والعراق، استولى أيضا على المناطق التي كانت تحت سيطرة الفصائل العسكرية الأخرى في المدينة.
وأحكم إثر ذلك حصاره تدريجياً على وحدات للجيش السوري وعشرات آلاف المدنيين من سكان المدينة والمطار العسكري المجاور منذ ذلك الحين.
وخلال السنوات الماضية، استهدفت الطائرات السورية والروسية كما مقاتلات التحالف الدولي بقيادة واشنطن مواقع تنظيم الدولة في المحافظة، وشهدت المدينة منذ إطباق التنظيم عليها معارك مع الجيش السوري المحاصر داخلها.
اقرأ أيضا : أبرز محطات التحضير والتنفيذ لمعركة الرقة ضد تنظيم الدولة
وفي مطلع العام الحالي ورغم القصف الجوي الروسي والسوري الكثيف، ضيق التنظيم الخناق أكثر على المدينة، وفصل مناطق سيطرة جيش النظام إلى جزءين، شمالي وآخر جنوبي يضم المطار العسكري.
وتقتصر سيطرة النظام حاليا على المطار العسكري في جنوب غرب المدينة وبعض الأحياء المحاذية له، فضلا عن أجزاء في شمال المدينة ومقر اللواء 137 عند أطرافها الغربية.
مخاوف إنسانية
وكان تعداد سكان مدينة الزور قبل اندلاع الحرب يقدر بنحو 300 ألف نسمة، فيما يعيش حاليا في الأحياء تحت سيطرة قوات النظام أكثر من 90 ألف مدني، وفق تقديرات للأمم المتحدة تعود لبداية العام الحالي.
ويقدر المرصد السوري لحقوق الإنسان بدوره عدد المدنيين في أحياء النظام بـ 150 ألف شخص مقابل عشرة آلاف شخص في الأحياء تحت سيطرة التنظيم.
كما يقدر خبراء عديد الجيش السوري في المدينة والمطار والقاعدة العسكريين بسبعة آلاف جندي.
وتسبب حصار تنظيم الدولة للمدينة بمفاقمة معاناة السكان مع النقص في المواد الغذائية والخدمات الطبية.
ولم يعد الوصول إلى مناطق سيطرة الجيش متاحاً وبات الاعتماد بالدرجة الأولى على مساعدات غذائية تلقيها طائرات سورية وروسية.
وبدأ برنامج الأغذية العالمي في العام 2016 أيضا إلقاء مساعدات إنسانية من الجو، فيما يعاني المدنيون المقيمون في الأحياء تحت سيطرة الجهاديين، وفق ناشطين، أيضاً من شح المواد الغذائية وانقطاع خدمات المياه والكهرباء.
تقدم ضد الجهاديين
ولطالما شكلت مدينة دير الزور هدفاً للنظام، لكنه لم يبدأ هجومه نحوها إلا بعد تحقيقه سلسلة انتصارات على جبهات أخرى بدعم من الطيران الروسي، في وقت تشهد مناطق عدة اتفاقات "خفض توتر" ووقف لإطلاق النار.
وبدأ جيش النظام منذ أسابيع عدة هجوماً عسكرياً واسعاً على المحافظة من ثلاثة محاور هي، جنوب محافظة
الرقة، والبادية جنوبا من محور مدينة السخنة في ريف حمص الشرقي، فضلا عن المنطقة الحدودية مع العراق من الجهة الجنوبية الغربية.
اقرأ أيضا : "الدولة" يفرض التجنيد الإجباري على شبّان دير الزور (بيان)
وتمكن الجيش السوري من السيطرة على مناطق واسعة في المحافظة، ويتقدم حالياً باتجاه مدينة دير الزور من أربع جبهات مختلفة.
وباتت القوات المتقدمة من محور الرقة على بعد بضع كيلومترات من مدينة دير الزور، وتحاول دخول قاعدة اللواء 137 عند أطرافها الغربية.
ويأتي تقدم جيش النظام السوري في دير الزور وسط توقعات بأن تطلق قوات سوريا الديموقراطية (تحالف فصائل كردية وعربية) مدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن بدورها عملية عسكرية لطرد تنظيم الدولة من بعض أجزاء المحافظة.
ومن شأن سيطرة قوات النظام على مدينة دير الزور بدعم روسي أن تشكل ضربة جديدة لتنظيم الدولة الذي مني بسلسلة من الخسائر الميدانية في الأشهر الأخيرة في كل من سوريا والعراق.