نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، سلطت من خلاله الضوء على استعداد الأكراد، الذين ينضوون تحت راية قوات
سوريا الديمقراطية، لمرحلة ما بعد السيطرة على
الرقة من قبضة
تنظيم الدولة.
وقالت الصحيفة إن هذه القوات تعمل على إنشاء مؤسسات تابعة لها تتلاءم مع مصالحها، وقد تم مسبقا تشكيل مجلس مدني.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن قوات سوريا الديمقراطية تواصل تقدمها داخل مدينة الرقة مدعومة من قبل التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة. وفي 28 آب/ أغسطس، ركزت هذه القوات، التي تتكون بالأساس من مقاتلين أكراد وجماعات عربية مسلحة، جهودها للسيطرة على خمسة أحياء واقعة شرق وسط المدينة، لا تزال تقبع تحت قبضة مقاتلي التنظيم.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على بعد كيلومترات شمالا، وتحديدا في ناحية عين عيسى، تدور معركة أخرى، ولكنها ليست ذات طابع عسكري، بل بطابع سياسي. ففي الواقع، تشوب جملة من الخلافات العلاقات بين الأطراف المتحالفة ضد تنظيم الدولة حول الأسلوب الذي سيتم انتهاجه فيما يتعلق بحكم المدينة ما إن يُهزم مقاتلو التنظيم. وفي هذا الإطار، يمكن ملاحظة مبنى من طابق واحد يطل على أحد شوارع المدينة، مكتوب على واجهته العبارة التالية: "مجلس الرقة المدني"، ويحرس المدخل رجلان مسلحان ببندقيات اقتحام سوفييتية الصنع.
وداخل هذا المبنى، يوجد رجال يرتدي أغلبهم ملابس تعكس هيئة كبار الشخصيات القبلية العربية. وقد كانوا يتنقلون من غرفة إلى أخرى، فيما يتبادل بعضهم أطراف الحديث في كنف السرية. وقد تم اختيار هؤلاء النخب من مختلف المناطق التابعة لمدينة الرقة ليشاركوا في إنشاء جملة من المؤسسات لإدارة المدينة والمناطق المحررة منها. وفي الأثناء، كان الجميع في انتظار زيارة وشيكة من قبل ممثلين عن التحالف الدولي الذي يشرف على العمليات ضد تنظيم الدولة.
وأوضحت الصحيفة أن الشراكة بين واشنطن وقوات سوريا الديمقراطية ساهمت في تراجع حضور تنظيم الدولة داخل التراب السوري منذ سنة 2014، إلى حد محاصرته داخل عاصمته (الرقة). وعلى الرغم من مشاركة مقاتلين عرب فضلا عن جماعات محلية مسلحة في صفوفها، إلا أن قوات سوريا الديمقراطية تخضع لقيادة وإشراف الأكراد. في الوقت نفسه، ينتمي القائد العسكري لهذه القوات إلى حزب العمال الكردستاني، وهي منظمة كردية إقليمية مسلحة، وهي لا تزال في حرب محتدمة مع الدولة التركية.
وذكرت الصحيفة أن القيادة الكردية في المناطق العربية التي تخضع لإدارة قوات سوريا الديمقراطية، قد استعانت بنخب من العشائر العربية، قبل أن يتم اختيارهم وتعيينهم ضمن المجالس المحلية التي تم إنشاؤها في هذه المناطق.
وفي هذا السياق، أكد الناطق الرسمي باسم مجلس الرقة المدني، فراس ممدوح الفهد، أن "سكان مدينة الرقة يعكسون صورة المجتمع العشائري، وبفضلهم يمكننا أن نضمن الحفاظ على السلم في هذه المدينة". وشدد الفهد على أهمية "تمثيل كل العشائر، بغض النظر عن اختلافاتها داخل هذا المجلس، حتى نتمكن من تطبيق النظام السياسي الجديد في الرقة بنجاح".
وأفادت الصحيفة أن مهمة اختيار وإقناع وجذب ممثلي العشائر حتى تنضم إلى تركيبة هذا المجلس المدني؛ قد تكفل بها عمر علوش، وهو من مدينة عن العرب (كوباني) الكردية. ويتمتع هذا الرجل بتأثير قوي، وتربطه علاقات حميمة بمختلف العشائر القبلية الواقعة شمال سوريا، وهو يعمل على تشكيل تركيبة مجلس الرقة المدني منذ نيسان/ أبريل 2016.
ومن المثير للاهتمام أن رجل الأعمال السابق، عمر علوش، يعد من رفاق مقاتلي حزب العمال الكردستاني، وهو من المقربين لمؤسس الحزب، عبد الله أوجلان، أثناء وجوده في سوريا سابقا، حيث حظي أوجلان ومنظمته الكردية المسلحة، بحماية نظام حافظ الأسد حينها.
ونقلت الصحيفة عن علوش، قوله إن "كل عملية عسكرية يجب أن يتبعها عمل سياسي، ومن المهم أن تكون العلاقة وثيقة بين كل من القوات المكلفة بتحرير الرقة وبين الشخصيات المدنية التي ستكون فيما بعد جوهر السلطة الجديدة.. وحتى تنجح هذه المساعي، يعد زعماء العشائر شركاء فاعلين، خاصة في الرقة".