في التحرير الإسلامي للمرأة تأسست فلسفة هذا التحرير على فطرة التكامل بين الرجال والنساء، فالمساواة هي مساواة الشقين المتكاملين، لتكون المرأة سكنا للرجل، وليدوم الشوق والاشتياق بينهما، وليست مساواة الندين المتماثلين المتنافرين، كما هو مفهومها في فكر الحداثة الغربية وما بعدها.
ومن أمثلة هذه المفاهيم الحداثية الغربية، ما قاله أبو النزعة الأنثوية الفرنسية "فورييه" (1772 - 1837م) "الذي دعا إلى تحرير المرأة على كل الأصعدة: البيتي والمهني والمدني والجنسي، وقال: "إن العائلة تكاد تشكل سدا في وجه التقدم"!.
وما قاله "ماركيوز - هربرت" (1898 - 1970م) الذي دعا إلى التركيز وتأكيد انعتاق الغرائز الجنسية، وإطلاق الحرية الجنسية بلا حدود، سواء من ناحية الكم أم الكيف"، أي حتى الشذوذ!، بل وتمجيد الشذوذ باعتباره ثورة وتمرد ضد القمع الجنسي وضد مؤسسات القمع الجنسي، معتبرا التحرر الجنسي عنصرا مكملا ومتمما لعملية التحرر الاجتماعي، ورافضا ربط الجنس بالتناسل والإنجاب"!
وما قاله "فوكو - ميشيل" (1926 - 1984م) الذي تساءل: "لماذا يُجعل السلوك الجنسي مسألة أخلاقية؟! ومسألة أخلاقية مهمة؟!".
وما قالته "سيمون دي بوفوار" (1908 - 1986م) من "أن الزواج هو السجن الأبدي للمرأة، يقطع آمالها وأحلامها"!، "وأن مؤسسة الزواج مؤسسة لقهر المرأة، يجب هدمها"!، "وإنه لا يولد المرء امرأة، بل يصير كذلك، وسلوك المرأة لا تفرضه عليها هرمونات ولا تكوين دماغها، بل هو نتيجة لوضعها"!.
"ولقد كان الدين محايدا عندما لم يكن للآلهة جنس، ثم انحاز الدين للمرأة عندما أصبحت الآلهة إناثا، ثم تحول الدين إلى عدو للمرأة بسبب التفسيرات الذكورية للدين"!.
"والمرأة مالكة لجسدها وحرة فيه، تتصرف فيه جنسيا كما تشاء ووفق ما تشاء، بما في ذلك حرية التصرف في الجنين - الإجهاض - لأنه جزء من جسدها، فالتعبير الحر عن الجنس هو جزء من الحرية، حتى لو اتخذ شكل الشذوذ السحاقي، وحتى لو اتخذ شكل احتراف البغاء، طالما خلا هذا الاحتراف للبغاء من الاستغلال التجاري".!
"والغيرة عاطفة برجوازية ينبغي التخلص منها"، "والحياء: مرض يجب التخلص منه".. "والعفة: تخلف وكبت للحرية الجنسية! ولابد من تجريد الحب من أية ضوابط، باستثناء العاطفة والشهوة"!.
"ويجب تقرير حرية الاقتران وحرية الافتراق بين أي فردين في أي لحظة"!، "والأمومة: قوالب جامدة وجائرة، لأنها لا تحقق للمرأة عائدا ماديا"! "والإنجاب: هو عبودية التناسل"! "وتربية الأطفال: مسؤولية الدولة والمجتمع، لا المرأة والأسرة".
تلك هي الفلسفة الشيطانية التي دعت إليها الحداثة وما بعد الحداثة الغربية باسم تحرير المرأة، وهي الفلسفة التي هدمت الأسرة وأشاعت الشذوذ الجنسي، فجعلت المجتمعات الأوربية تعاني من فقر المواليد، إذ أصبحت نسبة الوفيات فيها أعلى من نسبة المواليد، حتى لتقول الإحصاءات إن هذه المجتمعات مهددة بأن تتحول إلى دور للمسنين! وحتى أن نسبة الرجل الأبيض - الذي تبنى هذه الفلسفة الشيطانية قد تراجعت من 28% من سكان العالم عام 1915 إلى 18% عام من سكان العالم عام 2015! الأمر الذي أزعج اليمين العنصري في أوروبا، لكن دون أن يجرؤ على مراجعة هذه الفلسفة الشيطانية، ودون أن يقدم البديل الذي يحول بين حضارته وبين الغروب.