كتب مراسلا صحيفة "فايننشال تايمز" جون ريد وهبة صالح تقريرا عن الاتفاق الذي تقوم
مصر وحركة
حماس، التي تسيطر على قطاع
غزة منذ عام 2007، بوضع اللمسات الأخيرة عليه، وسيؤدي إلى فتح معبر رفح، الذي يعد حيويا لحركة التجارة والسكان، ويخفف من الحصار المفروض على القطاع.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الاتفاق يعكس "تغيرا في الديناميات" في المنطقة، وجاء بعد تحرك قامت به دول خليجية ومصر ضد دولة قطر، التي كانت أكبر دولة مانحة للقطاع، حيث قامت كل من السعودية والإمارات العربية ومصر والبحرين في بداية حزيران/ يونيو بفرض حصار جوي وبري وبحري على قطر، متهمة إياها بدعم حركة حماس، وتمويل الإرهاب، وهي اتهامات نفتها الدوحة.
ويقول الكاتبان إن الاتفاق تم بدعم وترتيب من القيادي المفصول من حركة فتح محمد
دحلان، الذي كان مسؤول الأمن في القطاع قبل سيطرة حركة حماس عليه، مشيرين إلى أن دحلان يعيش في
الإمارات العربية المتحدة منذ عقد ودعم الاتفاق بين القاهرة وغزة.
وتربط الصحيفة الجهود الحالية بتعهدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوصل إلى "الصفقة الكبرى" في التسوية السلمية، التي سيكون فيها مصير مليوني نسمة في القطاع حيويا لنجاحه، لافتة إلى أن مستشار وصهر ترامب، جارد كوشنر، بدأ زيارة إلى المنطقة، حيث زار السعودية ومن ثم إسرائيل والمناطق الفلسطينية، ضمن الجهود الدبلوماسية التي تقوم بها واشنطن.
ويلفت التقرير إلى أن "المجتمع الدولي" ينظر إلى غزة على أنها مسألة أمنية تهدد كلا من مصر وإسرائيل، وبصفتها قضية إنسانية أيضا، حيث أنه بموجب الاتفاق فإنه سيتم فتح معبر رفح الذي أغلق خلال الأربعة أعوام الماضية، مشيرا إلى أن مسؤولين في حركة حماس، بمن فيهم المسؤول الجديد للحركة في القطاع يحيى السنوار، قاموا بزيارة القاهرة ثلاث مرات في الأشهر الماضية.
ويذكر الكاتبان أن عضو المكتب السياسي في حركة حماس محمود الزهار، أكد اللقاء بين وفد حركة حماس ودحلان، الذي يوزع وقته بين أبو ظبي والقاهرة، بالإضافة إلى أن مسؤولين آخرين قدموا تفاصيل عن إعادة فتح المعبر، وتحدثوا عن إمكانية دفع تعويض للعائلات التي قتل أبناؤها في المواجهات بين حركة حماس وفتح عام 2007، مستدركين بأن الفلسطينيين لا يزالون متشككين من إمكانية التوصل إلى اتفاق، خاصة أن المنطقة لديها تاريخ في انهيار الاتفاقيات قبل الإعلان عنها.
وتفيد الصحيفة بأن علاقة حركة حماس مع القاهرة تدهورت منذ وصول عبد الفتاح السيسي للحكم عام 2013، حيث ترى القاهرة أن الحركة فرع للإخوان المسلمين، ولدعمها الرئيس المعزول محمد مرسي، وقام النظام المصري بخطوات لعزل الحركة أكثر، وجرف العديد من الأنفاق التي كانت تستخدم لنقل البضائع من مصر، واتهمت حكومة السيسي الجماعة المسلحة بدعم الجماعات المتمردة في سيناء.
ويستدرك التقرير بأن عقد اللقاء يعد تعبيرا عن التحولات في العلاقات داخل المنطقة، حيث أصبحت حركة حماس معزولة وبحاجة لرعاة جديد، ومشيرا إلى أنه في الوقت ذاته فإن السياسة الخارجية الإماراتية تتميز بالحسم، وتريد مصر تحقيق الاستقرار على حدودها مع القطاع.
ويورد الكاتبان نقلا عن محللين، قولهم إن مسألة خلافة محمود عباس، البالغ من العمر 82 عاما، ليست بعيدة عن التحركات، وتريد مصر والإمارات تحضير خليفة له، حيث يقول المحلل في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية محمد جمعة: "تعاني حركة حماس من أزمة محلية وإقليمية"، وأضاف: "هناك أزمة في التمويل ودفع رواتب الموظفين والكهرباء، ويعتقدون أن دحلان هو شخص لديه القدرة على جلب التمويل من الإمارات وغيرها".
وتنوه الصحيفة إلى أن مصر تقوم الآن بتحديث جانبها من المعبر، مضيفة كاميرات وأبراج مراقبة وأجهزة تفتيش أمنية قبل إعادة فتحه، مشيرة إلى أن الإمارات ستقدم 15 مليون دولار في الشهر للصحة والتعليم والكهرباء والخدمات الأخرى.
ويجد التقرير أن المساعدات قد تخفف عن سكان غزة، الذين قطعت السلطة عنهم الرواتب، وتوقفت عن دفع فواتير الكهرباء، وخفضت من رواتب الموظفين المدنيين التابعين لحركة فتح، وقللت من الأذونات لمغادرة السكان منة أجل العلاج.
ويعلق الكاتبان قائلين إن إعادة تأهيل دحلان بدور رسمي أو شبه رسمي ستمثل ضربة لعباس الذي اتهمه بالتآمر عليه، حيث طرد دحلان من الضفة الغربية عام 2011.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن دحلان (55 عاما) قام من موقعه في الخارج بتمويل مشاريع إنسانية في غزة، فيما ينظر إليه على أنه محاولة لبناء قاعدة له من أجل الرئاسة الفلسطينية في المستقبل، وسمح لزوجته بزيارة القطاع عبر مصر، وتحدث مسؤولون مقربون منه عن عودة قريبة لمساعدين له إلى غزة.