نشرت صحيفة "
نويه تسوريشر تسايتونغ" الناطقة بالألمانية تقريرا، تطرقت من خلاله إلى دوافع تسابق الدول الخليجية نحو التسلح وخاصة المملكة العربية السعودية، التي أعلنت في أكثر من مناسبة نيتها شراء ترسانة من الأسلحة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الدول النفطية تقبل على شراء الأسلحة بشكل غير مسبوق، وعلى رأس هذه الدول، السعودية التي ضاعفت ميزانيتها العسكرية خلال السنوات الأخيرة لاسيما وأنها تخشى على موقعها الريادي في العالم الإسلامي بعد سيطرة "نظام الملالي" على السلطة في إيران، وخلال الفترة الفاصلة بين سنة 1978 و1982، رفعت الرياض من حجم نفقاتها العسكرية لتبلغ 27 مليار دولار.
وأكدت الصحيفة في تقريرها الذي أعده كل من "دانيال شتاينفورث" و "كريستيان فايسفلوغ" أن الرياض ضاعفت من ميزانيتها العسكرية بنحو أربع مرات خلال الفترة الممتدة بين 2003 و2015 لتبلغ سقف 87 مليار دولار، ويأتي ذلك على خلفية تولي حكومة شيعية مقاليد الحكم في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، مما عزز من نفوذ إيران في المنطقة على حساب الرياض.
في المقابل، ووفقا لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي "سببري"، بلغت الميزانية العسكرية الإيرانية خلال السنة الماضية حوالي 13 مليار دولار.
وأوضحت الصحيفة أن كلا من السعودية والإمارات أنفقتا معا أكثر من 100 مليار دولار من أجل تسليح قواتها العسكرية، ووفقا لمصادر مطلعة، تسعى الدول الخليجية إلى كسب دعم الدول الغربية على غرار الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، وذلك من خلال إبرام صفقات أسلحة ضخمة تقدر بمليارات الدولارات.
وذكرت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، حث دول الخليج على بناء درع دفاعي صاروخي ضد إيران، ولكنها لم تستجب لذلك نظرا لانعدام الثقة بين الدول الخليجية. وفي سنة 2013، قرر مجلس التعاون الخليجي تشكيل تكتل عسكري خليجي موحد، لكن الحرب اليمنية سرعان ما كشفت مدى عمق الخلاف بين الدول الخليجية. فقد رفضت كل من عمان والكويت المشاركة في هذه الحرب، في حين سحبت قطر قواتها على خلفية الأزمة الخليجية الأخيرة.
اقرأ أيضا: مذكرة سرية: أبوظبي اشترت أسلحة من بيونغ يانغ لحرب اليمن
وأضافت الصحيفة أن الدول الخليجية تفتقر للخبرة الحربية على عكس إيران التي خاضت حربا طويلة الأمد ضد العراق خلال الثمانينات. وفي الأثناء، وبفضل الدعم الأمريكي، لم تضطر الجيوش العربية لاستنزاف قواتها، حيث قامت واشنطن بنشر حوالي 300 ألف جندي في كل من الكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة.
ونقلت الصحيفة تصريحات المستشار في الشؤون الدفاعية، هايكو بورشيرت، الذي أكد أن "عهد التألق الخليجي قد ولىّ".
والجدير بالذكر أن تراجع قوة الدول الخليجية يعزى إلى انخفاض أسعار النفط. ومن هذا المنطلق، بادرت السعودية خلال السنة الماضية إلى تخفيض نفقاتها العسكرية إلى حدود 56 مليار دولار.
وأقرت الصحيفة بأن السعودية والإمارات العربية قامتا بتطوير الصناعة العسكرية، وذلك بهدف تكريس استقلاليتهما في المجال الحربي. وبالتالي، باتت كلا الدولتين تتنافسان في إطار سباق نحو التسلح.
وفي هذا الإطار تعمل الإمارات جاهدة على مزيد تطوير مجالها العسكري، علما أن قواتها الخاصة التي شاركت الناتو في الحرب الأفغانية كانت على درجة عالية من الحرفية. فضلا عن ذلك، شاركت هذه القوات في الحرب الليبية، حيث أقامت قاعدة عسكرية هناك.
اقرأ أيضا: موقع إسرائيلي: هذا هو الفارق بين إيران والسعودية عسكريا
ومن المثير للاهتمام أن الإمارات دخلت مجال صنع السفن الحربية بفضل المساعدات الفرنسية، وخلال العمليات العسكرية في اليمن، أنشأت الإمارات قاعدتين عسكريتين في كل من شمال الصومال وجنوب إريتريا. بالإضافة إلى ذلك، عمدت إلى فرض الخدمة العسكرية على مواطنيها أسوة بقطر والبحرين، وذلك بهدف التقليص من حجم اعتمادها على الميليشيات الأجنبية.
وذكرت الصحيفة أن السباق نحو التسلح بين الدول الخليجية يمكن أن يفسر بصفة جزئية حرص الولايات المتحدة الأمريكية خلال عهد أوباما على إبرام العديد من صفقات الأسلحة الضخمة بقيمة عشرات المليارات من الدولارات، من بينها صفقة نظام ثاد للدفاع الجوي الصاروخي الذي يقوم بصد هجمات الصواريخ الباليستية.
وذكرت الصحيفة أنه وعلى الرغم من أن إيران تملك موارد مالية متواضعة، إلا أنها تعمل على تعزيز ترسانتها العسكرية. فخلال بداية هذه السنة، صادق البرلمان الإيراني على قرار يقضي برفع النفقات العسكرية إلى حدود 5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. وسيسمح ذلك لطهران بالتزود بالعديد من الصواريخ بعيدة المدى والطائرات دون طيار المزودة بالأسلحة.
وفي الوقت الذي تستثمر فيه السعودية وحلفاؤها أموالهم في اقتناء أحدث الطائرات المقاتلة والدبابات وأنظمة الدفاع الصاروخي الغربية، تعمل إيران على تطوير برنامجها الصاروخي فضلا عن بسط نفوذها السياسي والعسكري في المنطقة.
وتختم الصحيفة بالقول إنه على الرغم من أن الاتفاق النووي الإيراني يحد من الأنشطة النووية الإيرانية، إلا أن طهران لم تتوان عن شراء العديد من الأسلحة التقليدية. وفي الوقت نفسه، لا يعني الاتفاق النووي أن إيران ستتخلى عن بنيتها التحتية النووية، علما أنه لم يتم إلغاء خيار التسلح النووي، بل تم تأجيله.