وضع تصريح حاكم مدينة عدن (جنوبي
اليمن)، عبد العزيز المفلحي، المثير، المدينة التي تتخذ منها الحكومة الشرعية مقرا لها، على أعتاب مرحلة جديدة قد يكون "التصعيد" أبرز عناوينها بين سلطته وبين الميليشيات المدعومة من دولة
الإمارات والتي تحكم قبضتها على مواقع حيوية فيها منها "المطار والميناء"، وفقا لمراقبين.
المفلحي حطم جدار الصمت، وبدا جريئا وشفافا في كلمته المتلفزة، أول أمس، التي أعلن رفضه أي وصاية وما وصفها بالمشاريع الجاهزة والمقولبة، وأكد على عدم قبوله بوضعه في الزاوية الحرجة، في سياق خطابه الموجه لدولة الإمارات العضو في التحالف العربي الذي تقوده السعودية.
كما تحدث الرجل عن تعرضه لأربع محاولات اغتيال، لكنها فشلت، في المقابل كشف عن إفشالهم لجر مدينة عدن إلى حرب أهلية أكثر من ثماني مرات.
لا يحتاج تأويل وتعليق
وفي السياق نفسه، يرى السفير اليمني، عبدالوهاب العمراني، بأن
محافظ عدن في خطابه الأخير كان واضحاً لكل لبيب ولا يحتاج حتى لتأويل أو تعليق. مضيفا أن مضمون حديثة يبدو شاملاً ووافياً لخص الإشكال في إدارة سلفه السابق الزبيدي فوجه له الاتهام دون مواربة بالفساد ونهب أموال قدمت له من التحالف لمعالجة مشاكل العاصمة عدن.
وقال العمراني في تصريح لـ"
عربي21" إن الرجل جاء مسكوناً بحلم الدولة اليمنية المغدورة التي يتعين إعادتها إلى الحياة وفقاً للمرجعيات التي أقرها مؤتمر الحوار الوطني الشامل، يحمل في الوقت نفسه، أفكاراً مغايرة تماماً لتلك التي كان يحملها سلفه المقال وزمرته من الانفصاليين المحسوبين على أكثر من أجندة ومشروع.
وأشار إلى "توفر ميزات للمحافظ المفلحي فهو إلى جانب كادر متخصص وذو خبرة، لم يلوث بانتماء حزبي كالبعض أو بالتذبذب بين بقايا زعيم الفساد والهرولة لركوب سفينة الشرعية، فضلا عن كونه من أبناء المحافظات الجنوبية ليكون مقبولا لمن في قلبه مرض .
ولفت الدبلوماسي اليمني إلى أن حديثه جاء في وقت لم يستلم مبنى المحافظة منذ تعيينه في نيسان/ أبريل الماضي، ودعا فيه إلى الشراكة الحقيقية مع التحالف العربي، وحذر من هزيمة لن يكون بمنأى عنها، في حال أبقى الوضع على ما هو عليه أو دعم فكرة وهزيمة الخط الوطني الذي تمثله السلطة الشرعية ممثلة بالرئيس هادي وحكومته.
وبعيداً عن الكلام المنمق وفقا للسفير العمراني فإنه يتضح من خطاب المفلحي بأنه عبارة عن عريضة اتهام خطيرة ليس فقط ضد الميلشيا التي تعبث بثغر اليمن عدن، بل بجرأة كان ضد أحد أقطاب التحالف الذي شارك في هذه الحرب بحجة تحت شعار إعادة الشرعية.
واقع مخيف
من جهته، قال نائب رئيس تحرير صحيفة "14 أكتوبر"، عبد الرقيب الهدياني إن المفلحي حذر من واقع مخيف على واقع عدن، وأشار صراحة إلى التحالف وتحديدا "الإمارات" التي دعمت أجهزة أمنية وميليشيات خارج سلطة الدولة كـ"الحزام الأمني" واللواء الأول مشاه الذي يتمركز في جبل حديد بقيادة اللواء عيدروس الزبيدي، محافظ عدن المقال.
وأضاف في تصريح لـ"
عربي21" إن كلمة محافظ عدن تكشف حجم المخاطر التي شهدتها المدينة الجنوبية من وقائع اشتباك حدثت في مطار عدن وشارك فيها طيران الإمارات لإسناد التمرد على قرار الرئيس هادي في شباط / فبراير الماضي، ومنع رئيس الوزراء، من استقبال سفينة الإغاثة التركية التي وصلت ميناء المعلا في الأسبوعين الماضيين.
واتهم الهدياني الإماراتيين بتشجيع ميليشيات مسلحة تحتل مبنى محافظة عدن، والسكن الخاص بالمحافظ المفلحي في ساحل جولد مور، منذ تعيينه قبل أشهر، ولذلك كان الرجل، أي المفلحي، صريحا في كشف الأحداث للرأي العام.
وأوضح الصحفي اليمني أن أبوظبي لم تكن راضية عن تعيين المفلحي حاكما لعدن بديلا لحليفها الزبيدي، وهذا يبدو واضحا أنها تعمل في عدن بمعزل عن السلطة الشرعية التي تدخلت أصلا في حربها باليمن لدعمها ومساندتها.
ووفقا لنائب رئيس تحرير صحيفة أكتوبر، فإن تصريح محافظ عدن الأخير سيكون محرجا جدا للإمارات إعلاميا، لكنها لن تلتقط الرسالة إلا لمزيد من إضعافه وربما اغتياله كما حصل للمحافظ الأسبق جعفر محمد سعد (اغتيل نهاية العام 2015).