علقت مجلة "إيكونوميست" على آثار التغير المناخي المتوقعة على تدفق مياه النيل الأزرق من منابعه في الهضاب الأثيوبية، وما يمكن أن يتركه مشروع
سد النهضة، الذي تقول أديس أبابا إنه مصمم لأغراض توليد الطاقة الكهربائية على مجراه.
وتبدأ المجلة تقريرها بالإشارة إلى صور فضائية التقطت من الجو في 10 تموز/ يوليو، وتظهر حوضا صغيرا من المياه حول السد المثير للجدل، الذي وصلت مراحل بنائه إلى المنتصف.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه منذ إعلان
أثيوبيا عن المشروع، فإن
مصر هددت بتخريبه، خاصة أنها تعتمد على مجراه نحو المصب لتوليد الطاقة الكهربائية والري والشرب، حيث تقول مصر إن لها حصة أكبر من الدول الأخرى، بناء على المعاهدات الاستعمارية القديمة، وهو ما ترفضه أثيوبيا.
وتعلق المجلة قائلة إن "الصور المثيرة للجدل عن المياه خلف السد بأنها تلك التي تتجمع في البحيرة خلفه، لكن مصر تقول إنها نتيجة للبناء والفيضانات الموسمية للنهر".
ويلفت التقرير إلى أن "مظاهر القلق التي أثارتها الصور هي مثال عن طبيعة المفاوضات الحساسة التي تجري بين مصر وأثيوبيا والسودان، فلم تتقدم المحادثات حول كيفية ملء السد والبحيرة حوله، وهناك تعقيدات كبرى تلوح في الأفق، بشأن النقاش حول مستقبل النيل، والأمور المتعلقة بالتغيرات المناخية".
وتفيد المجلة بأن الدراسات تشير الى أن عدد سكان منطقة حوض النيل سيصبح بحلول عام 2050 حوالي مليار نسمة، بشكل سيضع الكثير من الضغوط على إمدادات المياه من النيل، لافتة إلى أن دراسة أعدها كل من محمد صيام والفاتح الطاهر من معهد "أم آي تي" للتكنولوجيا في الولايات المتحدة، تشير إلى أن التغيرات في تدفق مياه النيل بسبب التغيرات المناخية قد تزيد من الضغوط عليه.
ويجد التقرير أنه "رغم أن الباحثين صيام والطاهر يتوصلان إلى نتيجة مفادها أن التوجهات الحالية من ناحية تدفق مياه النيل قد تزيد بمعدل 15%، وهو أمر جيد، إلا أنه قد يصبح متغيرا بنسبة 50%، أي فيضانات ومجاعات جديدة".
وتعلق المجلة قائلة إنه لا يمكن التأكد من هذه النتائج، خاصة أن نماذج المناخات العالمية المتباينة تعطي أرقاما مختلفة، مستدركة بأن فكرة المتغير في تدفق مياه
نهر النيل ذات مصداقية.
وينوه التقرير إلى أن "الباحثين يريان أن التوجهات المناخية خلال العقود الماضية تتفق مع وجهة نظرهما، بالإضافة إلى الآثار التي تركتها ظاهرة النينو، وهي كتل مناخية هائلة تندفع نتيجة لتغير الحرارة في المحيط الهادئ، ويمكن ربطها بتدفق مياه النيل، حيث تشير الدراسات المناخية إلى حالات جديدة، وأقسى من النينو، قادمة بشكل يؤكد ظاهرة المتغير في تدفق مياه النيل، وعليه، فإن هناك حاجة لعمليات تخزين المياه؛ حتى يتم تسهيل تدفق النهر".
وتستدرك المجلة بأنه "على خلاف
سد أسوان، الذي بني لتخزين المياه في المقام الأول، فإن السد الأثيوبي مصمم لإنتاج الكهرباء، ومتى بدأت المياه تتدفق إليه فإنه سيولد أكثر من ستة آلاف ميغاواط من الطاقة الكهربائية، ولا يعرف إن كان بناؤه مصمما بمرونة تتوافق مع تيار النهر، خاصة في ظروف القحط".
ويقول التقرير: "على ما يبدو، فإن المحادثات بين البلدان الثلاثة تحاول تجاوز آثار التغيرات المناخية، وتدور المفاوضات حول كيفية ملء الخزان على مدى سنوات، إلا أن الطبيعة قد لا تتوافق مع خطط الدول، ويجب عليها الاتفاق حول حجم المياه التي يحتاج إليها النهر ليستمر في التدفق في مساره العادي، الذي سيتغير في أوقات المطر والجفاف، ويجب الاهتمام باعتبارات طريقة إدارة السد الجديد، حيث تشير دراسة صيام والفاتح إلى أنه (لا يوجد في العالم سدان على النهر ذاته يدران دون تنسيق بينهما)، فالتنسيق غائب حتى الآن بين الدول، والجولة الأخيرة من المفاوضات تم تأجيلها".
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالقول إنه "بعد اكتمال السد، فإنه سيتم التحكم في متغير تدفق مياه نهر النيل لمدة 60 عاما، بحسب دراسة صيام والطاهر، وهذا كله يعتمد على فرضية تعاون الدول الثلاث فيما بينها، وحتى في هذه الحالة فإن تخزين المياه يجب أن يزيد بنسبة 45%، حيث يستمر التدفق بشكل سلس لمدة 60 عاما، وسيكون لدى الدول الوقت لبناء سدود جديدة، وهذا يحتاج إلى تعاون كبير بينها".