يتوقع مراقبون أن يؤثر المشروع السعودي الذي أعلن عنه مؤخرا؛ على
المنتجعات السياحية
المصرية على الضفة المقابلة من ساحل البحر الأحمر، وعلى رأسها شرم الشيخ والغردقة، وهي مناطق تجذب سياحا من الخارج، وخاصة الخليجيين الذين تعتمد عليهم مصر في جزء كبير من عائداتها السياحية.
وتعاني
السياحة المصرية أوضاعا متدهورة منذ عدة سنوات، وخاصة بعد انقلاب تموز/ يوليو 2013، بسبب الانفلات الأمني، والهجمات المسلحة المتتالية، وعدم الاستقرار السياسي الذي يضرب البلاد.
وأعلنت
السعودية، يوم الثلاثاء الماضي، إطلاق مشروع ضخم يستهدف تحويل 50 جزيرة وبراكين خامدة ومواقع أثرية قديمة وشواطئ على ساحل البحر الأحمر إلى منتجعات سياحية. ومن المتوقع أن يتم البدء في تنفيذ المشروع في أواخر عام 2019، على أن يتم الانتهاء من المرحلة الأولى منه نهاية 2022.
أزمة حقيقية
وتعليقا على هذا الموضوع، أكد الخبير الاقتصادي، مصطفى عطوة، أن هذه المشروعات السعودية الجديدة، لو تم تنفيذها، ستسبب أزمة حقيقية للسياحة المصرية التي لا تنقصها المشكلات، على حد قوله.
اقرأ أيضا: ابن سلمان يترأس مجلس الوزراء لأول مرة ويطلق مشروع البحر
وأوضح عطوة، في حديث "
عربي21"، أن المشروعات السعودية ستهدد المنتجعات السياحية المصرية على البحر الأحمر بشكل خاص، لا سيما أن كثيرا من هذه المنتجعات قد أصبحت متوقفة عن العمل بالفعل، كما قال.
ورأى أن الجزر السعودية سوف تجذب السياح الخليجيين، في وقت تراجعت فيه حركة السياحة الخليجية إلى مصر، حيث بات الكثير من هؤلاء السياح يفضلون مقاصد سياحية أخرى، مثل تركيا وتونس والمغرب، أكثر من مناطق شرم الشيخ والغردقة في مصر.
وأكد عطوة أن النظام المصري يواجه أزمات السياحة المصرية بطريقة خاطئة، موضحا أن المشكلة الأساسية التي تواجه السياحة المصرية هي فقدان الثقة في المنظومة الأمنية، وعدم الاستقرار السياسي في مصر، "ومثل هذه المشكلات لا يجدي معها توفير المنتجعات والأماكن السياحية الفاخرة أو الخدمة الفندقية الممتازة"، وفق قوله.
السعودية توفر بديلا لمواطنيها
لكن المحلل الاقتصادي وائل النحاس؛ رأى من جهته؛ أن المشروعات السعودية لن تمثل منافسة قوية للمنتجعات المصرية على البحر الأحمر، خاصة على المستوى الدولي، معتبرا أن الطبيعة المصرية الخلابة وشواطئ جنوب سيناء والبحر الأحمر تعد من أفضل المقاصد السياحية حول العالم ومن الصعب منافستها في هذا المجال، وفق تقديره.
وأضاف النحاس، لـ"
عربي21"، أن الحكومة السعودية تنظر إلى المشروعات نظرة اقتصادية محلية، فهي تحاول أن توفر لمواطنيها مناطق سياحية متكاملة، كبديل لمصر وغيرها من المقاصد السياحية، وبذلك توفر للمملكة أموالا طائلة كانت تخسرها من سفر مواطنيها إلى الخارج.
وأشار إلى أن السياحة المصرية إذا استعادت عافيتها فلن تؤثر فيها المشروعات السعودية المقترحة؛ لأن السياح الخليجيين يشعرون براحة كبيرة في مصر، ويمارسون فيها منذ عقود؛ أنشطة سياحية متنوعة في البلاد، مشددا على أنه يجب تطوير الخدمة السياحية في مصر التي أصبحت رديئة بعد الأزمات الأخيرة، وأنه يجب تدخل الدولة بشكل قوي في هذا الإطار، وكذلك تقديم ضمانات كافية للدول الموردة للسياحة خاصة في مجال الأمن وحماية الأجانب، وفق قوله.
مشروع عملاق
ومن المتوقع أن يغطي المشروع السعودي "العملاق" أكثر من 30 ألف كيلومتر مربع. ويسعى المشروع لعقد شراكات مع مستثمرين وفنادق عالمية، ويأتي ضمن جهود السعودية لتنويع الموارد الاقتصادية بدلا من الاعتماد على النفط الذي تراجعت أسعاره في السنوات الأخيرة.
ومن المقرر أن يمول المشروع صندوق الثروة السيادية الذي يرأسه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ويملك أصولا بقيمة إجمالية تبلغ أكثر من 183 مليار دولار. كما يتوقع خبراء أن يستقبل الصندوق تدفقات نقدية العام المقبل، بعد بيع أسهم في شركة النفط الحكومية العملاقة "أرامكو"، وهو ما يعني قدرته على بناء منشآت سياحية عملاقة.
اقرأ أيضا: التايمز: السعودية تسمح بـ"البكيني" على شواطئها قريبا
مسموح بالبكيني
ولن يكتفي المشروع بجذب السياح المحليين والخليجيين فقط، بل يستهدف الأجانب من كل دول العالم، عبر تنازل المملكة عن كثير من القيود المفروضة الآن على ملابس النساء والاختلاط بين الجنسين، وغيرها من التقاليد المحافظة الراسخة في السعودية منذ قرون طويلة.
وفي هذا السياق، كشفت صحيفة "التايمز" البريطانية، يوم الأربعاء، أنه سيسمح للنساء بارتداء البكيني في المنتجعات السعودية الجديدة، ورأت أن ذلك يعتبر علامة على أن البلاد آخذة في الانفتاح تدريجياً، في ظل تشجيع شخصيات نافذة مثل ولي العهد على التغيير التدريجي، ورغبته في جذب الاستثمار والسياحة الأجنبيين مع التخفف من القيود التقليدية في المملكة.
اقرأ أيضا: نشطاء على "بكيني" السعودية: أعطوا المرأة حقوقها أولا
من جهتها، قالت وكالة بلومبرج الأمريكية إن السياح من معظم دول العالم لن يحتاجوا إلى الحصول على تأشيرة مسبقة قبل السفر إلى المنتجعات السعودية الجديدة.