لا شك أنّ الله - سبحانه وتعالى - منّ علينا بالعديد من النعم التي لا حصر لها ولا عد، وأسدى إلينا من القِوامة ما لا يُبارى ولا يُرد، وأكرمنا بالخير الذي نهتدي به ونسعد، إلا أنَّه ميزنا ببعض الخصائص التي قد يتباهى الإنسان بها بين أقرانه والناس أجمعين، كأن يكون جميل الوجه، طويل القامة، قوي البنيان، أو يكون صاحب عينين واسعتين ذات الألوان الجميلة، أو لديه عقل فذ يستطيع أن يحسب المسائل المعقدة بشكل سريع، وقادر على أن يُفكك المشكلات بطريقة مميزة تمُكنه من التغلب عليها بطرق إبداعية، أو يكون صاحب لسان قادر على إقناع الآخر وجذبه بسهولة ويسر، وقادر على قلب الحقائق، والتشكيك في صحتها.
هذه النعم وغيرها هي مميزات يستطيع الإنسان أن يراها ويلمسها دون غيرها من النعم التي قد لا يُنظر إليها إلا إذا كُسر الإلف عنها، وكَشف الألم عن أهميتها، لذلك وجب علينا المحافظة عليها، والعمل على تنميتها؛ حتى نستطيع أن نتمتع بها على أكمل وجه.
والمحافظة على هذه النعم تكون بطرق عدة أبرزها أن نشكر الخالق الذي خصنا بهذه المميزات الفريدة، والنعم الوفيرة، والشكر لا يكون باللسان فقط، وإنما يتعداه ليشمل القلب، والجوارح، والأركان، فلا يُعقل أن أستخدم هذه المميزات في ما يُغضب الله ويُسخطه، ويدمر المجتمع ويُفسده، كأن أستخدم جمالي في إغراء الناس وإمالتهم، أو أستخدم عقلي في الفساد والإفساد، أو أستخدم عيناي في النظر إلى المحرمات، أو أشهد زورا بلساني الذي لا يلحن أبدا في حبك القصص والسناريوهات، وتدبير المكائد والشبهات.
إنَّ استخدام هذه المميزات بطريقة صحيحة يجلب لنا الخير الوفير، والسعادة النفسية، والطهارة الداخلية، والأناقة الخارجية، قال الله تعالى: [... لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ] {إبراهيم:7}.
إنّ الجمال لا يزداد بهاء إلا إذا حرسناه بالاهتمام والاعتناء، وهذبناه بالفعل والارتقاء، ولم نعص به صاحب الهبة والإسداء، فاحرص أخي الحبيب على جمالك وكن من أهل العفة والاتقاء.