رجح سياسيون ومحللون أن تلعب قاعدة "محمد نجيب" العسكرية الجديدة، غرب
مصر، دورا في العمليات العسكرية التي تجري في
ليبيا من ناحية، ورسالة إلى إسرائيل بأنها لم تعد العدو الأول من ناحية أخرى، خاصة وأن الثقل العسكري المصري كان دائما ناحية الشرق حيث
الجيشين الميدانيين الثاني والثالث، أكبر الجيوش المصرية.
واتهمت واشنطن مصر والإمارات، في آب/ أغسطس 2014، بشن سلسلة من الغارات الجوية على العاصمة طرابلس نفذتها طائرات إماراتية مستخدمة قواعد عسكرية في غرب مصر.
وفي حزيران/ يوينو الماضي، اتهم تقرير للأمم المتحدة دولة
الإمارات بانتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، وبتقديم مروحيات قتالية وطائرات حربية لقوات اللواء خليفة
حفتر.
وافتتح قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، السبت، قاعدة "محمد نجيب" العسكرية في مدينة الحمام بمرسى مطروح (غرب)، والتي تعد الأكبر من نوعها في مصر والشرق الأوسط، بحضور ولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وحفتر.
عسكرة الأنظمة العربية
وأكد رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشورى السابق، رضا فهمي، أن القاعدة العسكرية "سوف تستخدم لدعم حفتر في ليبيا؛ حتى تدين له الأمور هناك، ولخلق نظام عسكري حاكم على غرار نظام السيسي والقذافي".
وقال لـ"عربي21": "القاعدة العسكرية تشير بوضوح إلى أن جهد مصر العسكري يتجه صوب حدودها الغربية، وليست الشرقية حيث العدو الإسرائيلي، الذي كان يعد حتى فترة قريبة العدو الأول، وهكذا كان يُدرس لطلبة الكليات العسكرية والمجندين الجدد".
وأعرب عن اعتقاده بأن "هناك محاولة لجعل الفترة الحالية مشابهة لحقبة خمسينيات وستينيات القرن الماضي، حيث كانت الانقلابات العسكرية سائدة ومسيطرة على المشهد السياسي"، لافتا إلى أن "عسكرة الأنظمة العربية مرة أخرى يعد أكبر ضمانة للكيان الصهيوني"، وفق قوله.
لماذا في الغرب وليس الشرق
وتساءل البرلماني السابق، طارق مرسي: "هل ستصبح القاعدة المذكورة إماراتية غداً وتعمل لحساب مشاريع الإمارات في المنطقة؟"، مضيفا: "ما يدفع في هذا الاتجاه هو هيمنة ابن زايد على القرار المصري".
وأضاف لـ"عربي21": "حقيقة أخرى هي أن التسويق للقاعدة كأكبر وأوسع وغيره يتطابق مع نموذج العقلية الإماراتية، وهي مشغولة دائماً بأعلى وأكبر وأطول.. إلخ، وعلى ذات النسق هل يمكن أن تكون هذه القاعدة روسية في المستقبل القريب؟"، على حد قوله.
وأوضح مرسي أن إنشاء قاعدة عسكرية في المنطقة الغربية "يطرح سؤالاً حول عقيدة جيش السيسي وجنرالاته.. وهل ما زال الكيان الصهيوني هو العدو؟! واذا كان كذلك أليس من الأولى أن تكون القاعدة في المنطقة الشرقية؟!".
النفط الليبي
وأيد الكاتب الصحفي، أحمد عبد العزيز، الاتجاه القائل بأن القاعدة العسكرية ستسهم في تعزيز وضع حفتر عسكريا، وقال لـ"عربي21": "هذه القاعدة سوف يستفيد منها حفتر في محاولته لبسط سيطرته على ليبيا، وهي بمثابة دعم عسكري له بشكل واضح وصريح، خاصة في ظل وجود محمد بن زايد ممثلا عن الإمارات، أكبر الداعمين له".
ولكنه شكك في قدرة حفتر على حسم الوضع في ليبيا لصالحه كما يتمنى النظام في مصر، مضيفا: "علينا أن نضع في الاعتتبار أنه في ظل الواقع السياسي الليبي وتعقيداته، ليس من السهل أن تحقق مصر رغبتها في أن يحكم حفتر ليبيا، ولكن الواقع يقول إن هناك توازنات، وأن حفتر أحد أطراف اللعبة وليس كلها"، كما قال.
وأكد أن "مصر تضع الشرق الليبي نصب عينيها؛ لوجود النفط، وأن دعم حفتر هو مفتاحها لآبار النفط"، مشيرا إلى أن "مصر تسعى من خلال دعمها لحفتر، أحد اللاعبين الرئيسيين في ليبيا، إلى التأثير على صنع القرار الليبي.
تأمين الدولة
بدوره، قال رئيس منتدى الحوار الاستراتيجي لدراسات الدفاع والعلاقات المدنية العسكرية، اللواء عادل سليمان، إن "مثل تلك القاعدة العسكرية تسمى ارتكازات استراتيجية لتأمين الدولة"، معتبرا أن "لها أيضا ارتباط بكل الحدود والتهديدات المحتملة، سواء في الاتجاه الغربي أو الشرقي أو الجنوبي".
وأكد لـ"عربي21" أن "القاعدة ليست بالجديدة، ولكن تم تطويرها وتحديثها على النظم العسكرية الحديثة، وهناك مدن عسكرية في أكثر من منطقة على مستوى الجمهورية، ولكن الفكرة تكمن في التحديث، وتحويلها إلى قاعدة متكاملة".
واستبعد أن يحمل حضور شخصيات عربية حفل تدشين القاعدة العسكرية "أي دلالات أو رسائل سياسية أو عسكرية"، كما قال.