يتنافس نواب البرلمان
المصري المؤيدين للنظام، وكثير منهم ضباط سابقون في الجيش والشرطة، في تقديم مشروعات قوانين تتيح للأجهزة الأمنية مراقبة شبكة الإنترنت، وخاصة مواقع
التواصل الاجتماعي.
وكان أحدث هذه الاقتراحات القانون الذي تقدم به النائب أحمد رفعت، بمشاركة عدد من النواب الموالين للانقلاب، والذي يتيح للأمن فك تشفير الرسائل الإلكترونية ومراقبة الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، بحجة مكافحة الإرهاب وحماية الأمن القومي.
وأكد رفعت، في تصريحات تلفزيونية، الأربعاء، أن القانون المقترح لن يمس الحياة الخاصة أو الأمور الشخصية "للمواطن السوي"، ولكنه سيتم تفعيله لمواجهة الأشخاص ذوي "التوجه الإجرامي والإرهابي"، على حد وصفه. وقال إن ما دفعه لاقتراح هذا القانون هو أن التطور التكنولوجي "شيء جديد في مصر" ولا يوجد قانون لمكافحة هذه الجريمة، على حد قوله.
وأضاف أن الشركات الدولية المالكة لمواقع التواصل الاجتماعي، مثل "فيسبوك" و"تويتر" و"جوجل"، ترفض التعاون مع أجهزة الأمن المصرية للكشف عن "الجماعات الإرهابية"، لافتا إلى أن القانون المقترح يُمكن الأمن من التوصل لمستخدمي مواقع التواصل داخل مصر وخارجها.
تنافس في القمع
ويشهد مجلس النواب ما يشبه السباق بين أعضائه على اقتراح القوانين المقيدة للحريات العامة وقمع المواطنين، حيث كان عدد من الأعضاء؛ قد أعلنوا ضرورة إلزام المستخدمين بتقديم صورة بطاقة الهوية قبل السماح لهم بالتسجيل في مواقع التواصل الاجتماعي، في محاولة لوقف ما أسموه بـ"فوضى" هذه المواقع في مصر.
وأعرب وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب النائب محمد الغول، عن تأييده لأي قانون يحمي الشباب من التأثر بأفكار "الجماعات الإرهابية" التي تبث من خلال مواقع التواصل الاجتماعي حتى تتخطى الدولة المرحلة الصعبة التي تمر بها، كما قال.
من جانبها، قالت النائبة ماريان عازر، إنها ستقدم خلال أيام مشروع قانون جديد يُجبر "فيسبوك" على تمكين أجهزة الأمن من الاطلاع على الرسائل المشفرة للمستخدمين المشتبه بهم، معتبرة، في تصريحات صحفية، أن هذا القانون سيصب في مصلحة المواطن وحماية الأمن العام من مخططات الجماعة الإرهابية.
بدوره، قال النائب محمد الكومي؛ إن ترك مواقع التواصل بهذا الشكل يعرض الأمن القومي للخطر، معتبرا أنها تستخدم في التحريض على العنف ونشر الأفكار المتطرفة والإساءة لمؤسسات الدولة.
لكن النائب حسام رفاعي؛ أكد أن اطلاع الأجهزة الأمنية على الرسائل المشفرة للمستخدمين لا يحتاج قانونا جديدا، موضحا أن حالة الطوارئ المعمول بها الآن تسمح بالفعل للأجهزة الأمنية بالاطلاع على كل المحادثات والرسائل دون تقيد بأي قانون آخر.
تشديد القبضة الأمنية
وتعليقا على هذه القوانين المقترحة، قال الباحث السياسي جمال مرعي؛ إنها تعد خرقا واضحا للدستور الذي أعده النظام الحالي والمستفتى عليه في كانون الثاني/ يناير 2014، مؤكدا أن الأوضاع الحقوقية في مصر في تدهور مستمر وبشكل غير مسبوق.
وأوضح مرعي، في حديث لـ "
عربي21"، أن كافة القوانين والدساتير في المجتمعات الديمقراطية تكفل للمواطنين الخصوصية والحرية الشخصية، مؤكدا خطورة اختراق اتصالات المواطنين ورسائلهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي؛ التي أصبحت متنفسا لملايين المصريين ومنصات لتبادل الآراء والأفكار.
وأضاف أن هذه النوعية من القوانين المقترحة من نواب البرلمان بحجة الحفاظ على الأمن القومي "وغيرها من المصطلحات المطاطة، لا تعبر سوى عن رغبة النظام في تشديد قبضته الأمنية على البلاد وفرض مزيد من الرقابة على المصريين". وتابع ساخرا: "لم يبق إلا أن يعين النظام مخبرا على رأس كل مواطن، ومن يعبر عن غضبه من الأوضاع الحالية يتم اعتقاله".
القمع باسم الإرهاب
من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية عبد الخبير عطية؛ رفضه القاطع لهذه القوانين، محذرا من أنه لو تم تمريرها في مجلس النواب فإنها ستزيد من
الانتهاكات والقمع في البلاد.
وأضاف عطية، لـ"
عربي21"، أن السماح باختراق رسائل المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي؛ يعد "استمرارا لحالة القمع، وإرهاب أي صوت معارض بحجة أن من يعارض النظام هو شخص إرهابي أو يقف ضد الدولة"، موضحا أن "النظام الحالي يبيح لنفسه كل شيء تحت شعار محاربة الإرهاب الذي اخترعه هو بنفسه، وصنع منه شماعة ليعلق عليها أخطاءه السياسية والاقتصادية، ويوفر المبرر لاعتقال أي شخص يخالف توجهاته أو قراراته"، بحسب تعبيره.
وأشار عطية إلى أن النظام وجد أن "تسريب مكالمات النشطاء والسياسيين دون أي سند قانوني أثار ضده الكثير من الاعتراضات، فأراد أن يقنن هذه المسألة، حتى يكون تشويه التجسس على المعارضين وتشويههم أمرا مباحا ويتم وفقا للقانون، خاصة بعد تناقص شعبيته بشدة بسبب تنازله عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية" وانضمام كثير من السياسيين لجبهة المعارضة، وهو ما لم يكن يضعه في الحسبان، لذلك اتخذ المزيد من الإجراءات لقمع معارضيه.