تتعرض المملكة العربية
السعودية لاتهامات بتمويل
الإرهاب من جهات وكيانات عدة في المنطقة، وما زالت هذه الاتهامات تتصاعد في ظل الهجمات الإرهابية التي تشهدها دول أوروبية.
ومن بين هذه الكيانات، من لجأ إلى المؤسسات القانونية والتشريعية ومنظمات حقوق الإنسان للسعي لمحاكمة الرياض، وإجبارها على تنفيذ "التزامات" نتيجة "دعمها للإرهاب"، وفق اتهامها للمملكة.
وفي ما يلي، رصدت "
عربي21" أبرز الكيانات غير المعادية للسعودية، التي اتهمتها بتمويل الإرهاب:
الكونغرس الأمريكي
من أبرز الجهات التي تتهم السعودية بتمويل الإرهاب، الكونغرس الأمريكي، الذي أقر في 28 أيلول/ سبتمبر 2016، قانون "جاستا" بأغلبية ساحقة، الذي يسمح لعائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر وغيرهم بمقاضاة الدول الراعية للإرهاب أمام مؤسسات القضاء الأمريكي.
وجاءت السعودية ضمن أهم الدول التي يستهدفها القانون، لأن 16 شخصا من منفذي هجمات 11 سبتمبر يحملون جنسيتها.
ويصر سياسيون وقانونيون على حق عائلات الضحايا في مقاضاة المملكة العربية السعودية أمام القضاء الأمريكي للحصول على تعويضات مالية.
ورغم الصفقات بمليارات الدولارات بين السعودية وأمريكا التي تم توقيعها خلال زيارة ترامب للمملكة في أول جولة له رئيسا، والترويج لعلاقات وثيقة بين البلدين، إلا أن هذا التطور في العلاقات في ظل إدارة ترامب، لم ينعكس على
قانون جاستا، والاتهامات الأمريكية للسعودية بتمويل الإرهاب.
وما زالت الصحافة الأمريكية تنقل تقارير تتهم السعودية بتمويل الإرهاب.
مجلس الشيوخ الأمريكي
وتظهر اتهامات مماثلة في مجلس الشيوخ الأمريكي، أيضا، إذ قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، السيناتور الجمهوري بوب كوركر، في تصريحات صحفية: "إن حجم الدعم للإرهاب من السعودية يجعل قطر قزما بالنسبة لها بالفعل".
وأضاف كروكر: "أعتقد بأن هذا قد يكون خطأ تاما من قبل ولي العهد، الذي أعتقد أنّه قد يمثل مستقبل المملكة".
وبدوره قال السيناتور تشاك غراسلي، إن "هناك بعض الأدلة القطعية تثبت دور المملكة السعودية المباشرة في العمليات الإرهابية الأخرى، بما في ذلك اغتيال رفيق الحريري"، مضيفا بأن "السعودية أيضا لديها دور في تعزيز الإرهاب في الولايات المتحدة وأوروبا".
تحقيق بريطاني
وفي بريطانيا أيضا، تظهر اتهامات للسعودية بتمويل الإرهاب بشكل واسع، وعلى الرغم من أنه لم يجر اتهام رسمي بريطاني للمملكة، إلا أنه تم الكشف في الصحافة البريطانية عن إجراء تحقيق حكومي بريطاني أمر به رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون، حول مزاعم دعم السعودية التنظيمات الإرهابية والتطرف داخل المملكة المتحدة.
ولم تنشر الحكومة البريطانية نتائج هذا التقرير بعد، إلا أنه تناول التمويل الأجنبي للتطرف في بريطانيا، وشمل الاتهامات الموجهة للسعودية، في حين تتعرض الحكومة لضغوطات برلمانية لنشر التقرير.
ويقول مراقبون إن النشر سيكون غير مريح للحكومة التي تقيم علاقات دبلوماسية واقتصادية جيدة وطويلة الأمد مع السعودية ودول خليجية أخرى.
وتقول صحف بريطانية إن التقرير منجز بالفعل، ولكنه ما زال في حيازة رئيسة الوزراء الحالية تيريزا ماي منذ أشهر، وترفض نشره.
وجاء التقرير في وقت حساس، حيث وجهت السعودية والإمارات والبحرين ومصر اتهامات لقطر بدعم الإرهاب، وهو الاتهام الذي قال التقرير إنه ينطوي على "نفاق".
وخلص تقرير صدر حديثا لمؤسسة هنري جاكسون للأبحاث إلى أن هناك صلة بين السعودية والتطرف في بريطانيا.
وتوصل التحقيق البريطاني إلى أن السعودية تمول "الإرهاب والتطرف" في بريطانيا، ووصفها بـ"الداعمة للتطرف".
واستعرض التقرير "أرقاما وحقائق" حول الحملة السعودية في الدول الغربية، التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، اتخذت على شكل هبات وأوقاف ومؤسسات تعليمية، بلغت قيمتها ملياري دولار عام 2017.
وورد في التقرير، "أن عددا من أخطر وعاظ ودعاة الكراهية في بريطانيا يعتنقون الفكر الوهابي، ولهم على ما يبدو صلة بالتطرف الذي يحظى برعاية من الخارج، وبدراستهم في السعودية، في إطار برامج البعثات الدراسية".
وأورد التقرير أن السعودية ظلت منذ ستينيات القرن الماضي ملتزمة بسياسة تقوم على الترويج عالميا لما سمته جمعية هنري جاكسون بـ"التفسير المتطرف للإسلام".
زعيم المعارضة البريطانية
وسبق لزعيم المعارضة البريطانية، رئيس حزب العمال جيرمي كوربن، أن طالب حكومة بلاده بإجراء "محادثات صعبة" مع السعودية ودول خليجية أخرى بشأن تمويل التطرف، وجاء ذلك بحسب ما نقلته وكالة أنباء "رويترز"، أثناء حملته الانتخابية في الانتخابات البريطانية الأخيرة.
وانتقد كوربن في أكثر مناسبة صفقات السلاح البريطانية مع السعودية، وقال إن "الدول التي تنتهك حقوق الإنسان أو تقتل مدنيين يجب ألا تستمر في الحصول على أسلحتنا".
وقال إن حزبه طالب بتعليق بيع الأسلحة للمملكة العربية السعودية، مشيرا إلى أن حزبه ندد مرارا باستخدام هذه الأسلحة من السعودية في حرب اليمن.
"غالبية" الشعب البريطاني
وتظهر استطلاعات رأي بريطانية، أن غالبية الشعب البريطاني يعتقد بأن السعودية تمول الإرهاب، وأنه يجب على الحكومة البريطانية وقف صفقات الأسلحة مع السعودية.
إذ أظهر استطلاع رأي بريطاني لصالح صحيفة "إندبندنت"، نشر قبل أيام، أن أغلبية ساحقة من البريطانيين يعارضون بيع أسلحة للسعودية، ووصفت قرار حكومة حزب المحافظين في هذا الاتجاه بأنه خاطئ.
اقرأ أيضا: استطلاع: غضب بريطاني من الحكومة بسبب السعودية.. لماذا؟
وطالب غالبية المشاركين في الاستطلاع، حكومة رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، بنشر تقرير يتهم السعودية بتمويل التطرف في بريطانيا، حتى لو أدى ذلك إلى الإضرار بعلاقات البلدين الثنائية.
سفراء سابقون في الرياض
ووجه عدد من السفراء الأوروبيين السابقين في الرياض، اتهامات مماثلة للسعودية، إذ شن السفير النرويجي السابق في الرياض، هجوما لاذعا على السعودية، ووصفها بـ"مملكة الإرهاب"، وأشار إلى "مشاركتها في تمويل تنظيم الدولة"، وفق قوله.
كما أشار إلى أنها "استعملت ثروتها النفطية لتمويل نشر الوهابية على مستوى العالم"، بحسب تعبيره.
وقال السفير وهو يدعى كارل شيوتز ويباي، في تصريحات نقلها موقع "بريتبارت" الإخباري المقرب من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إن "السعودية لديها تأثير قوي في انتشار الأيديولوجية المتطرفة"، ويخشى بأن "الغرب يغض النظر عن هذا الأمر".
بدوره، قال الدبلوماسي المعروف، وسفير بريطانيا السابق لدى الرياض السير وليام باتي إن "المال السعودي هو الذي يغذي الإرهاب والتطرف في كل أنحاء أوروبا"، وذلك خلال شهادة أدلى بها في جلسة خاصة أمام البرلمان البريطاني مساء الأربعاء.
وبحسب شهادة باتي، فإن السعودية مولت مساجد ومراكز إسلامية في بريطانيا وأوروبا تبين أنها ضالعة في الترويج للنسخة المتطرفة من الإسلام، وذلك وفقا لما نقلت عنه جريدة "الغارديان" في إفادة أدلى بها أمام البرلمان البريطاني.
وكان السير باتي قد خدم كسفير لبريطانيا في السعودية خلال الفترة من 2006 وحتى العام 2010، فيما جاء حديثه خلال جلسة الحوار التي نظمها داخل البرلمان مجلس الشرق الأوسط التابع لحزب المحافظين الحاكم.
مسؤولون ألمان
وفي ألمانيا، يبدو الأمر مماثلا، إذ اتهم سيغمار غابرييل نائب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل السعودية في مقابلة مع صحيفة "بيلد إم زونتاج"، الأحد، بأنها "تمول المساجد الوهابية في كل أنحاء العالم".
وأضاف أنه يجب القول بوضوح للمملكة إن "وقت التغاضي عن ذلك قد انتهى".
وجاءت تصريحاته بعد تقرير لوكالة المخابرات الألمانية، نشرته وسائل إعلام ألمانية، الأربعاء الماضي، حذر من "الدور السعودي المزعزع للاستقرار" في الشرق الأوسط.
ولكن الحكومة الألمانية نأت بنفسها عن التقرير، إذ قال المتحدث باسمها ستيفان سيبرت، إن التقرير لا يعبر عن موقف الحكومة الفيدرالية.
من جانبه، طالب ممثل حزب الخضر المعارض في لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني، أوميد نوري بور، حكومة ميركل، بإيقاف تصدير الأسلحة الألمانية للسعودية، معتبرا أن هذا الإجراء من شأنه "جعل سياسة برلين في منطقة الخليج أكثر مصداقية".
وقال نوري بور في مقابلتين منفصلتين مع صحيفة "هايلبرونه شتيمه" والإذاعة الألمانية: "إن اتهامات السعودية لقطر تبدو غريبة، وإن جزءا منها غير صحيح".