تعمل الحكومة الإسرائيلية بشكل حثيث على التخطيط لطريقة تعاملها مع ممرين أو جسرين بريين، يشكل أحدهما مصدر قلق لـ"إسرائيل" والثاني مصدر أمل، وفي كلا الحالتين مفتاح الحل بالنسبة للإسرائيليين عند السعودية.
قلق وأمل إسرائيلي
ونوه الخبير العسكري الإسرائيلي، يوسي ملمان، في مقال له، السبت، بصحيفة "معاريف" العبرية، إلى أن هناك "ممرين بريين يشغلان إسرائيل؛ الأول يشكل مصدر قلق والثاني مصدر أمل، والممران يتم تحريكهما بناء على ذات الإستراتيجية، وهما يتعلقان بالسعودية".
فالممر الأول؛ تحت اسم "الهلال الشيعي"، حيث أشار ملمان، إلى أن "إيران تحاول إقامة ممر بري بين إيران مرورا بالعراق، وسوريا حتى لبنان، وبهذا تحقق إيران منفذا إلى البحر عبر ميناء اللاذقية"، موضحا أن الممر "سيسهل على إيران إرسال القوات والسلاح إلى سوريا ولبنان، وسيصعب على إسرائيل الوصول لمعلومات استخبارية لاستهداف تلك القوافل".
وأضاف: "كما يشير هذا الممر، إلى مناطق تأثير إيران والخريطة الإقليمية الإستراتيجية، وبذلك ستتعزز الطرق البديلة لتعزيز قوة حزب الله".
وأكد الخبير العسكري، أن "جميع من لهم صلة بالحرب في سوريا والعراق يستعدون لليوم التالي، بعد القضاء على (داعش)"، لافتا إلى أنه عند سيطرة الجيش العراقي على الموصل، والمليشيات الكردية على الرقة "سينشأ واقع جديد، من شأنه أن يسقط مثل ثمرة ناضجة في أيدي إيران برعاية روسيا، والسبيل لمنع ذلك هو الضغط الأمريكي فقط".
وأشار ملمان، إلى "وجود جدال قوي بين معسكرين في تعامل واشنطن مع المشكلة السورية، فهناك من يعتبر أن دور واشنطن ينتهي في اللحظة التي ينتهي فيها داعش، مع إفساح المجال لروسيا لرسم مستقبل سوريا، والمعسكر الثاني، يحاول إقناع ترامب بأنه يجب لعب دور ناجع في سوريا ومنع تحولها إلى منطقة تأثير لروسيا وإيران؛ وهذا ما تفضله إسرائيل".
إسرائيل والسعودية
ومع ذلك، "من غير الواضح ما هي الجهود التي تبذلها إسرائيل للتأثير على مستقبل سوريا، حيث بعدت عن محادثات كازاخستان، والمحادثات التي تجري بين الأردن وواشنطن وروسيا لإقامة مناطق آمنة في جنوب سوريا"، بحسب الخبير الذي نقل عن وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان تأكيده أن "غياب إسرائيل عن النقاشات لن يضر بنا، وأي اتفاق يناقض مصالحنا لن يكون ملزما لنا، ونستطيع إيصال رسائلنا".
واعتمادا على القول المأثور "عدو عدوي صديقي"، أوضح ملمان أن موقف ليبرمان "يعتمد على حقيقة أن لإيران الكثير من الأعداء في المنطقة"، ملمحا إلى أن "العلاقة بين إسرائيل والسعودية تعززت في السنوات الأخيرة، وهي التي تحرك إقامة الممر البري الثاني".
وأوضح الخبير، أن "علاقة السعودية بإسرائيل بدأت تتحول منذ بداية الثمانينيات"، مؤكدا أن "الأمن والاستقرار؛ هما الكلمات المفصلية في فهم سياسة السعودية الخارجية.. كما تشابهت وتعاظمت المصالح المشتركة (بين الرياض وتل أبيب)، لمنع إيران من الحصول على السلاح النووي وكبح جهودها الإقليمية".
وعلى هذه الخلفية، "التقى موظفون إسرائيليون رفيعو المستوى مع موظفين سعوديين في السابق، ونشرت وسائل الإعلام أن عددا من رؤساء الموساد لديهم علاقات سرية مع الدول، قاموا بإجراء محادثات مع شخصيات سعودية كثيرة، كما جرى الحديث عن عقد لقاء سري جمع رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إهود أولمرت بالأمير بندر بن سلطان..".
وتابع: "ونقلت تقارير، أن إسرائيل بحثت مع السعوديين إمكانية تحليق طائرات سلاح الجو الإسرائيلي في سماء السعودية إذا قررت إسرائيل مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية.. ولهذا الأمر إن صح؛ أهمية في هذه الأيام، حتى لو في سياق مختلف".
"سكة السلام الإقليمية"
ولفت ملمان، إلى وجود الكثير من الأحاديث حول علاقات "إسرائيل" بدول الخليج، ومنها زيارات رجال أعمال إسرائيليين للإمارات، والتجارة الأمنية مع أبو ظبي، وزيارة رئيس الموساد افرايم هليفي سابقا لسلطنة عُمان، كما كشفت وثائق "ويكيليكس"، عن "تعاون جهاز الموساد مع البحرين".
ومع هذا الواقع، يمكن الحديث عن الممر البري الثاني؛ حيث كشف ملمان، عن وجود "خطة إسرائيلية لإقامة شبكة
سكة حديد تربطها بالعالم العربي عبر الأردن"، منوها إلى أن الحديث عن هذا المخطط "تم النقاش فيه مع الأردن، ولم يحدث أي تقدم، ومؤخرا تم استئناف النقاش في هذا الأمر".
ونوه الخبير العسكري، إلى أن الحكومة الإسرائيلية تقوم اليوم "ببناء ميناءين جديدين في حيفا وأسدود، ويجري الحديث عن تأجير ميناء حيفا القائم حاليا لجهة دولية، تقوم بتشغيل خط القطار إلى الشرق، وهو ما يسهل تطبيق المبادرة الإسرائيلية التي لا تهتم بها الشركات الأمريكية".
كما اعتبرت وثيقة رسمية إسرائيلية باسم "سكة السلام الإقليمية"، أن "إسرائيل تمثل جسرا بريا سيرتبط مع المنطقة ويزيد من قوة مواجهة الخط الشيعي"، ومع إضرار الحرب السورية بالطرق البرية، "يمكن لإسرائيل أن تكون بديلا لذلك، خاصة في ظل التهديدات الإيرانية للمسارات المائية؛ بسبب نشاطها عند مضيق هرمز وباب المندب".
وبدون هذه الخطة، كشف الخبير العسكري، أنه "يتم إرسال البضائع في اتجاهين، من إسرائيل للعالم العربي والعكس، وتتم معظم الصفقات من خلال طرف ثالث؛ من رجال أعمال في
السلطة الفلسطينية والأردن وقبرص وكردستان"، مؤكدا وجود "صفقات تتم بشكل مباشر" بين إسرائيل والدول العربية وخاصة الخليجية.