كشفت صحيفة "وول ستريت جونال"، السبت، عن
فضيحة فساد وغسيل أموال مرتبطة بسفير
الإمارات لدى الولايات المتحدة الأمريكية، يوسف
العتيبة، الذي تلاحقه
تسريبات مؤخرا أثارت جدلا واسعا.
وبحسب تقرير الصحيفة الذي ترجم خصيصا لـ"
عربي21"، فإن العتيبة مرتبط بفضيحة صندوق "1MDB" الماليزي.
وفي ما يأتي نص تقرير الصحيفة الذي يوضح تفاصيل هذه الفضيحة:
ثمة مزاعم بأن شركات مرتبطة بسفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة الأمريكية يوسف العتيبة تلقت 66 مليون دولار من شركات "أوفشور"، يقول المحققون إنها حصلت على أموال مختلسة من صندوق "1MDB" الماليزي.
وفي عددها الصادر السبت، تقول صحيفة "وول ستريت جورنال" إنها اطلعت على وثائق صادرة عن المحكمة ومتعلقة بالتحقيق الذي تم بشأن صندوق "1MDB" ويوسف العتيبة.
وقالت الصحيفة إنه لم يتم الكشف بشكل رسمي عن الغرض من التحويلات، وامتنع يوسف العتيبة عن التعليق على الأمر..
كما أن رسائل الإيميل التي تم اختراقها من "هاكرز" تربط شريك يوسف العتيبة شاهر عورتاني برجل الأعمال الماليزي لو تايك جهو، الذي تقول وزارة العدل الأمريكية إنه المتآمر الأساسي في عملية الاختلاس من صندوق "1MDB"، التي طالت 4.5 مليار دولار أمريكي.
وبحسب ما ورد في التقرير، فقد قامت بين يوسف العتيبة والماليزي "لو" علاقة شراكة منذ عام 2000 تقريبا، وأشار لو إلى الصداقة التي تجمعه بالعتيبة في مقابلات عدة على مدى الأعوام الماضية.
تحقيقات سنغافورة
وتظهر تحقيقات جنائية أجرتها السلطات في سنغافورة بحق مصرفي سويسري أن خمسين مليون دولار حولت على دفعات إلى شركات يملكها يوسف العتيبة، بما في ذلك "دينسمور" الاستثمارية المحدودة في جزر فيرجين البريطانية، و"سيلفر كوست" للإنشاءات، و"بورينغ" في الإمارات العربية المتحدة.
وفي الترافع ضد المصرفي السويسري، وصف المدعون السنغافوريون المكلفون بالقضية الدفعات التي حولت إلى الشركتين بأنها "قصد منها أن تستخدم في نشاط يمكن أن يشكل ممارسة إجرامية".
وكان المصرفي قد اعترف بأنه مذنب بعدم إعلام السلطات المعنية بحصول تعاملات من الممكن أن تكون إجرامية، تتورط فيها الشركات المذكورة، كما اعترف بأنه كذب على السلطات بهذا الشأن.
وأشارت الإجراءات القضائية السنغافورية إلى الشركات ولكنها لم تذكر يوسف العتيبة بالاسم.
وفي وثائق منفصلة اطلعت عليها صحيفة "ووال ستريت جورنال" ذات علاقة بالتحقيقات التي جرت في سنغافورة حول غسيل الأموال المزعوم والمرتبط بصندوق "1MDB"، تصف السلطات شركة "دينسمور" بأنها تدار من قبل يوسف وشاهر.
وتصف هذه الوثائق دفعات أخرى منفصلة بقيمة 16 مليون دولار أمريكي حولت إلى شركة "دينسمور" على شكل قروض من شركة ذات ارتباط بالاختلاس المزعوم.
وبحسب معلومات أدلى بها أشخاص لهم اطلاع على هذا الموضوع، فإن يوسف العتيبة وشاهر عورتاني هما اللذان أسسا معا كلا من شركة "سيلفر كوست" للإنشاءات وشركة "دينسمور".
ورفض ممثلون عن شركة "سيلفر كوست" التعليق على الخبر. أما شركة "دينسمور" فكانت قد أغلقت تماما في شهر كانون الثاني/ يناير من العام الماضي..
كما أن رسائل الإيميل الخاصة بيوسف العتيبة، التي حصلت عليها مجموعة تسمي نفسها "غلوبال ليكس" (التسريبات العالمية)، تكشف عن العديد من التعاملات التي تمت بين يوسف وشاهر ولو.
وفي واحدة من الرسائل المسربة، التي أرسلها شاهر إلى يوسف، يصف شاهر اجتماعا جرى مع لو في كانون الأول/ ديسمبر من عام 2013، قال خلاله رجل الأعمال الماليزي إن الرجلين -يوسف وشاهر- سيتلقيان قبل نهاية العام مبلغا من المال لم يكشف عن قيمته إذا ما تم إبرام صفقة مبنى "هيلمسلي" في مدينة نيويورك في نفس ذلك اليوم.
في عام 2013، اشترى لو حصة نسبتها 55 في المئة في مبنى يتكون من 46 طابقا، يعرف أيضا باسم "بارك لين هوتيل"، وباع جزءا من حصته إلى صندوق الثروة السيادي التابع لإمارة أبو ظبي "مبادلة للتنمية".
وفي الخامس من أيار/ مايو من عام 2015، أرسل أحد المدراء الماليين، وهو موظف يعمل في دبي لدى شركة يديرها يوسف وشاهر، برسالة إيميل إلى يوسف يخبره فيها بأن لو أصدر تعليماته إلى الرجال بأن يغلقوا حساباتهم في مصرف "BSI"، وهو مصرف خاص يقول المحققون في الولايات المتحدة الأمريكية وفي سويسرا وسنغافورة، إنه لعب دورا محوريا في عملية الاختلاس المزعومة والمتعلقة بصندوق "1MDB". وكان لشركة "دينسمور" حساب في مصرف "BSI".
وقال هذا المدير المالي عن لو: "لقد حول كميات كبيرة من الأموال من الحسابات الموجودة في مصرف "BSI". بقيت بعض الأموال ولكن سيتم تحويلها وإغلاق الحسابات قريبا جدا".
وكتب المدير المالي يقول، إن لو ناقش فكرة شراء مصرف في "باربيدوس"، لكي يكدس الأموال فيه، على أن تقوم بعملية الشراء الرسمي شركة استثمار موجودة في دبي يملكها كل من العتيبة وعورتاني.
وقال المدير المالي إن لو "مضطر لشراء مصرف، حتى يكون بمثابة موقف يركن فيه أمواله، وكذلك أموال أصدقائه وأفراد عائلته".
الإمارات العربية المتحدة ترفض التعليق
ورفضت متحدثة باسم سفارة الإمارات العربية المتحدة في واشنطن التعليق على الأدلة المتاحة بشأن التحويلات المالية، ولكنها اعتبرت أن رسائل الإيميل المسربة ما هي إلا جزء من حملة مغرضة ضد دولة الإمارات العربية المتحدة.
وقالت المتحدثة: "تلاحظ السفارة وجود العديد من الملفات المنسقة والتي تم إعدادها خلال الأسابيع الأخيرة لاستهداف السفير والتي تصور على أنها تحتوي على رسائل إيميل سربها الهاكرز".
وأضافت: "كما نلاحظ السياق الخاص بدور دولة الإمارات العربية المتحدة في التعليق الحالي للعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع دولة قطر. وبناء عليه فلن نتحدث عن أي من هذه الملفات ولن نجيب على أي أسئلة تتعلق بها".
يذكر أن دولة الإمارات العربية المتحدة ودول عربية أخرى بادرت بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر زاعمة أنها تمول المتطرفين.
ودافع مسؤول كبير في أبو ظبي، عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة، عن نشاطات العتيبة التجارية الخاصة، ورفض التعليق على التعاملات المزعومة التي تربطه بصندوق "1MDB".
وقال: "كما هو معهود في حالة كثير من الدبلوماسيين الأجانب، يوجد لدى السفير مصالح تجارية يديرها خارج أوقات دوامه الرسمي. ونشاطاته التجارية تلك بدأت قبل فترة طويلة من التحاقه بالسلك الدبلوماسي".
أما شاهر عورتاني، الشريك التجاري للسفير، فلم يجب على طلبات تقدمت بها إليه صحيفة "وول ستريت جورنال" للتعليق على الخبر.
ويذكر في هذا الصدد، أن التحويلات المرتبطة بيوسف العتيبة هي آخر فصل في مسلسل صندوق "1MDB" والتي بدأت بصندوق ماليزي يعاني من تراكم الديون في وقت مبكر من عام 2015، وتطورت إلى ما يصفه المحققون بأنه واحدة من أكبر عمليات الاحتيال والاختلاس في التاريخ.
وكانت وزارة العدل الأمريكية قد رفعت قضايا مدنية بهدف استعادة ما قيمته 1.7 مليار دولار أمريكي من الممتلكات التي يقال إنه تم شراؤها بأموال اختلست من صندوق "1MDB" على يد عصابة من المتآمرين يتوسطهم رجل الأعمال الماليزي لو.
تتضمن هذه الممتلكات حصة لو في فندق "بارك لين" في نيويورك، والحقوق الناجمة عن بعض أرباح الفيلم السينمائي "ذئب وول ستريت" وغير ذلك من الأفلام بالإضافة إلى مجوهرات وقارب يقدر ثمنه بما يقرب من 250 مليون دولار أمريكي.
إلا أن صندوق "1MDB" نفى وقوع أي انتهاكات أو مخالفات وقال إنه لم يجد دليلا واحدا على أن أيا من أمواله قد تعرض للاختلاس.
وتعهد الصندوق بالتعاون مع أي تحقيقات قانونية. وقامت ماليزيا حتى الآن بإغلاق كافة تحقيقاتها المحلية بشأن صندوق "1MDB"، فيما عدا تحقيق واحد، ولم تجد حتى الآن أي مخالفات قانونية.
ولم توجه إلى لو أي تهمة بارتكاب جرائم، وهو يصر على أنه لم يرتكب أي محظور.