نشرت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على ظاهرة
حظر الحسابات وحذف التغريدات التحريضية على موقع "
تويتر" في ألمانيا، وذلك بناء على البلاغات الصادرة من طرف بعض الشركات التي تعنى بمراقبة المحتويات على موقع "تويتر"، والجدير بالذكر أن مثل هذه الممارسات توحي بأن هذا الموقع يعمل على قمع
حرية التعبير.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن موقع "تويتر" قد وجه رسالة للقيادي بحزب البديل من أجل ألمانيا، توبياس هوخ، يبلغه من خلالها أنه قد نشر تعليقا يحرض على الكراهية بشكل يتنافى مع قوانين الموقع.
وتجدر الإشارة إلى أن هوخ قد قام بنشر تغريدة وصف من خلالها ضعف إقبال المسلمين على مظاهرة مناهضة للإرهاب بمدينة كولونيا مقارنة بمظاهرة مناهضة لإسرائيل تم تنظيمها في مدينة برلين. وكرد فعل، قامت إدارة موقع "تويتر" بحظر هذه التغريدة ثم تجميد حساب هوخ دون ذكر الأسباب.
وأكدت الصحيفة أنه من المتوقع أن يبادر البرلمان الألماني، خلال هذا الأسبوع، إلى المصادقة على مشروع قانون النفاذ إلى المواقع الاجتماعية، الذي يسمح بتسليط عقوبات صارمة على كل مزودي خدمة الإنترنت الذين لا يحذفون المحتويات غير القانونية ضمن حيز زمني محدد.
والجدير بالذكر أن العديد من النقاد قد أعربوا عن قلقهم إزاء هذا القانون، خشية أن يتحول الأمر إلى حملة لقمع حرية التعبير، فقد تبادر بعض مواقع التواصل الاجتماعي على غرار "فيسبوك" و"تويتر" بحذف المحتويات التي تشمل صبغة عدائية دون التثبت من مدى تعارضها مع القوانين الألمانية.
وذكرت الصحيفة أن هذه المخاوف قد تكون مشروعة، حيث قام موقع "تويتر" بحظر كل التغريدات والتعليقات التي تتعارض مع قوانينه دون تقديم مبررات مقنعة. ومما لا شك فيه أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت تمثل عنصرا مهما للغاية في حياة مستخدميها، حيث تتيح لهم فرصة التعبير عن آرائهم بكل حرية. وبالتالي، من غير المقبول أن تصبح هذه المواقع مجالا لقمع الحريات بأي شكل من الأشكال.
وأوضحت الصحيفة أن موقع "تويتر" شن حملة "حظر سري"، طالت العديد من الحسابات، علما وأن هذا الحظر يتم دون أن يتفطن المستخدمون إلى ذلك. وفي هذا الصدد، أفادت الصحيفة الأسبوعية "يونغه فهرنهايت"، يوم الأحد الفارط، أنها لم تتمكن من العثور على تغريداتها على موقع "تويتر" عند البحث عنها، من جهتها، صرحت إدارة الموقع أن الأمر يتعلق بمشكل تقني.
وأضافت الصحيفة أن حظر الحساب الخاص بالمدون الألماني، كوليا بونكا، على "تويتر" أثار موجة من الاحتقان في صفوف أنصاره. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المدون قد اشتهر بتعليقاته الساخرة من المهاجرين وطالبي اللجوء. وبالإضافة إلى ظاهرة تجميد حسابات بعض المستخدمين، بادر موقع "تويتر" إلى حظر بعض التغريدات في بلدان معينة. وفي حال رغب المستخدم في فتح حسابه، كان يفاجأ بأنه قد وقع تجميده.
واستعرضت الصحيفة قائمة تضم حوالي 273 حساب "تويتر" و3000 تغريدة تم حظرها بألمانيا خلال الفترة الممتدة بين 3 نيسان/أبريل و30 أيار/مايو 2017. وقد صدرت هذه الإحصائيات بالاستناد على قاعدة بيانات "لومن"، وهي مشروع بحث تابع لمركز "بيركمان للإنترنت والمجتمع" في جامعة هارفارد. ويعنى هذا المركز بفحص مطالب حذف المحتويات من الإنترنت بهدف إضفاء الشفافية على هذه العملية.
وأوضحت الصحيفة أنه ووفقا لتقارير الشفافية المتعلقة بالمحتويات المحذوفة التي يقوم موقع "تويتر" بنشرها كل ستة أشهر، جمد هذا الموقع خلال الفترة الممتدة بين سنة 2012 و2016 قرابة 35 حسابا فضلا عن أنه حذف ما لا يقل عن 138 تغريدة في ألمانيا. في الوقت نفسه، قامت إدارة الموقع بحظر 146 حساب بصفة نهائية بتعلة خرق شروط الاستخدام.
ومن المثير للاهتمام أن أغلب الحسابات المحظورة معادية للمهاجرين وطالبي اللجوء. وفي الأثناء، تم نشر العديد من التغريدات المستهجنة التي تناولت هجوم مانشستر أو بعض الدعابات النازية المسيئة، لكن إدارة "تويتر" لم تقم بحذفها.
وأوردت الصحيفة أن موقع "تويتر" يستعين في الوقت الراهن بمجهودات عدد من الشركاء الخارجيين الذين يساعدونه على تحديد المحتويات التي تستوجب العقاب. وفي ألمانيا، تتعامل شركة "تويتر" منذ 2014 مع مركز "يوغند شوتس.نت"، وهو شركة ذات مسؤولية محدودة ممولة من قبل الوزارة الاتحادية لشؤون الأسرة.
وفي الأثناء، قام موقع "تويتر" بحظر العديد من الحسابات في 13 دولة من بينها ألمانيا. ووفقا للتقارير الصادرة من قبل الموقع، تعود طلبات حظر الحسابات بالأساس إلى شركة "يوغند شوتس.نت".
ونقلت الصحيفة تصريحات مراد أوزكيليك، أحد المسؤولين في مركز "يوغند شوتس.نت"، الذي أفاد قائلا: "نحن نتابع كل أشكال التطرف السياسي، فعلى سبيل المثال، نحن نراقب ظاهرة التطرف الإسلامي في الإنترنت منذ سنة 2011".
وفي السياق ذاته، أورد أوزكيليك أن "أغلب الخروقات يتم الإبلاغ عنها عن طريق الخط الساخن ثم يتم معالجتها من قبل موظفين يتمتعون بالخبرة علما وأنه قد وقع تكوينهم بشكل معمق في هذا المجال. وفي بعض الحالات، نضطر للاستنجاد بمحامين".
وختمت الصحيفة بالقول إنه وفي الوقت الذي عمد فيه "تويتر" إلى تجميد العديد من الحسابات، لم تتلاش الخطابات التحريضية على هذا الموقع، مع العلم أن إدارته تحرص على فحص كل التغريدات التي تنشر.