لاقى ترشيح وزير الثقافة
اللبناني السابق
غسان سلامة مبعوثا جديدا للأمم المتحدة إلى
ليبيا، خلفا للألماني مارتن كوبلر، ردود فعل في الداخل الليبي، وسط توقعات بنجاحه في هذا التوقيت، وأخرى بأنه لن يقدم جديدا للأزمة الليبية الراهنة.
ولم تظهر حتى الآن أية اعتراضات على ترشيح "سلامة" من قبل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في رسالة وجهها إلى مجلس الأمن السبت، على خلاف ما حدث مع المرشح السابق الفلسطيني سلام فياض، الذي رفضته واشنطن.
من هو المبعوث الجديد؟
وغسان سلامة؛ هو سياسي لبناني، وأستاذ في العلوم السياسية بجامعة السوربون الفرنسية، ولد عام 1951، ويقيم حاليا في باريس، ويعمل أستاذا محاضرا في عدة معاهد ومراكز للبحوث السياسية هناك. وقد شغل منصب وزير الثقافة اللبناني بين عامي 2000 و2003، ثم عمل مستشارا سياسيا لبعثة
الأمم المتحدة في العراق عقب الاحتلال الأمريكي في 2003، حيث ساهم في إنشاء مجلس الحكم الانتقالي في العراق بعد سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين.
وخلال تواجده في العراق؛ تعرض مقر بعثة الأمم المتحدة هناك إلى تفجير مدمر خلف عشرات القتلى، وفي مقدمتهم مبعوث الأمم المتحدة إلى العراق، البرازيلي سيرجيو فييرا دي ميلو، بينما نجا سلامة من التفجير بأعجوبة.
ولسلامة العديد من المؤلفات بالفرنسية والعربية، منها: "المجتمع والدولة في المشرق العربي" و"السياسة الخارجية السعودية منذ عام 1945.. دراسة في العلاقات الدولية"، و"نحو عقد عربي جديد.. بحث في الشرعية الدستورية".
ويأتي ترتيب سلامة السادس بين الممثلين الخاصين للأمم المتحدة لدى ليبيا، في مسيرة بدأتها المنظمة الدولية بالمبعوث الأردني عبدالإله الخطيب بعد أسابيع من اندلاع ثورة 17 فبراير/ شباط 2011، ليخلفه الدبلوماسي البريطاني إيان مارتن، ثم السياسي اللبناني طارق متري، فالدبلوماسي الإسباني برناردينو ليون، ثم الدبلوماسي الألماني مارتن كوبلر.
نجاح أم إخفاق؟
وطرح ترشيح مبعوث جديد إلى ليبيا في هذا التوقيت عدة تساؤلات؛ من قبيل: ما فرص نجاحه؟ وما الجديد الذي يمكن أن يقدمه؟ وهل الأزمة في الشخص وجنسيته، أم إن مهمة الأمم المتحدة هي نفسها؟
ورأى الخبير في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، صلاح بوغرارة، أن "اختيار سلامة هو تأكيد على أهمية الحوار والمصالحة والتوافق بين أطراف النزاع في ليبيا، وخاصة أن المبعوث الجديد عاصر الصراع اللبناني في سبعينيات القرن الماضي، بل هو مهندس اتفاق الطائف بين الفرقاء اللبنانيين، ولذلك فهو لديه الخبرة الكافية للتعامل مع الشأن الليبي".
وقال لـ"
عربي21" إن "نجاح مهمة سلامة تتوقف على مدي تجاوب أطراف النزاع مع ما يحمله من مقترحات، وتفهم حقيقة دوره المساعد لليبيين وأنه ليس حاملا لحلول ترضي كل طرف".
وأعرب بوغرارة عن تفاؤله من ترشيح سلامة "خاصة أن الظروف والمعطيات في تغير نحو الوفاق والتصالح" على حد قوله.
تدمير ليبيا
من جهته؛ قال المحلل السياسي أسامة كعبار، إن "بعثات الأمم المتحدة دائما تعمل وفق أجندات وتوازنات دولية، وتغيير المندوب لن يقدم الكثير، بل سينزلق في مجرى المخطط الموجود".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "كوبلر سار على نفس نهج ليون دون تغيير، ما يؤكد أن بعثة الأمم المتحدة مستمرة كما هي بنفس الشخوص؛ باستثناء رئيسها الذي يتغير".
ورأى كعبار أن "سلامة لن يقدم أي جديد، فلم ينجح سابقوه حتى ينجح هو"، مشيرا إلى أنه وكوبلر ساهما بتدمير العراق واستمرار أزماته، ولربما هذا هو المطلوب منهما في ليبيا أيضا".
فرصة 100 يوم
أما الخبير الليبي في العلاقات الدولية، عثمان القاجيجي؛ فرجّح أن "خلفية سلامة القادم من دولة بالغة التعقيد والتركيب الاجتماعي (لبنان) قد تجعله أقدر على فهم الواقع الليبي، ومعالجة المشاكل التي تدور فيها حاليا".
وقال القاجيجي لـ"
عربي21" إن "الأمم المتحدة اليوم هي منظومة معقدة تسعى إلى تمديد فترة عملها، دون مراعاة الواقع المرير الذي يعيشه المواطن الليبي"، مطالبا بـ"منح المبعوث الجديد فرصة 100 يوم مثلا، حتى يتضح لنا خط سير البعثة الأممية في إدارة
الملف الليبي".