كشفت صحيفة "التايمز" البريطانية أن
السعودية وإسرائيل تجريان اتصالات لبدء تدشين
علاقات اقتصادية بين الجانبين.
ونقلت الصحيفة في عددها الصادر السبت، عن مصادر أمريكية وأخرى عربية، قولها إن "العلاقات السعودية
الإسرائيلية الرسمية ستبدأ بخطوات صغيرة نسبيا، مثل منح المصانع ورجال الأعمال الإسرائيليين حرية العمل العلني في منطقة الخليج، أو السماح لطائرات شركة "العال" (أكبر شركة طيران إسرائيلية) بالتحليق في المجال الجوي السعودي".
اهتمام إسرائيلي
وكانت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية قد نقلت في وقت سابق من الأسبوع الماضي؛ أن اتصالات سرية تجريها الولايات المتحدة وإسرائيل مع أطراف عربية، منها السعودية والأردن، لتنسيق أول رحلة جوية من إسرائيل إلى السعودية لنقل الحجاج الفلسطينيين إلى مكة.
اقرأ أيضا: ما حقيقة فتح خط جوي بين إسرائيل والسعودية لحجاج فلسطين؟
وكشفت أزمة الخليج الحالية عن وجود رغبة قوية لدى إسرائيل بتطوير العلاقات مع المملكة السعودية، ويمكن قراءة ذلك في تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، حيث أشاد وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، بالخطوات السعودية الإمارتية تجاه قطر قائلا إن قطع كل من السعودية والإمارات علاقاتها الدبلوماسية مع دولة قطر، "سيفتح المجال للتعاون بين "إسرائيل وتلك الدول وهي نافذة لتعاون إقليمي نسعى إليه". وفق ما أورده موقع المصدر الإسرائيلي".
اقرأ أيضا: ليبرمان: القطيعة بين الدول العربية وقطر "نافذة للتعاون"
ولعل تلميح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مراسم استقباله للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشهر الماضي؛ كان كافيا ليدلل عن حجم التوجه الإسرائيلي في التقارب العلني (
التطبيع) مع السعودية، حين قال: "قد أتيتم سيادة الرئيس من الرياض إلى تل أبيب مباشرة، وأتمنى أن يأتي اليوم الذي يتمكن فيه رئيس وزراء إسرائيل من الطيران من تل أبيب إلى الرياض".
بدوره، قال المختص بالشؤون الإسرائيلية، محمود مرداوي، إن "المؤشرات في إسرائيل تدلل على وجود رغبة حقيقية لدى قادة المملكة السعودية في تطبيع علني للعلاقات مع إسرائيل، وهذا ما يقرؤه القادة في إسرائيل من تحفظ السعودية عن الرد، سواء بالقبول أو الرفض لتصريحاتهم المتكررة وتلميحهم المستمر بشأن تطوير العلاقات مع المملكة، وكأنها محاولة لاختبار ردة فعل الشارع السعودي من إمكانية تقبله لتطبيع العلاقات مع إسرائيل أم لا".
وأضاف مرداوي في حديث لـ"عربي21" أن "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعهد لبنيامين نتنياهو خلال زيارته الأخيرة للمنطقة؛ بتطوير العلاقات بين الرياض وتل أبيب تدريجيا، للوصول إلى تطبيع كامل وفتح مكاتب تمثيل إسرائيلية داخل الرياض والعكس؛ خلال فترة ولايته في البيت الأبيض"، وفق تقديره.
ونوه مرداوي إلى أن "الهجوم السعودي الإماراتي الأخير على قطر عزز من فرص حدوث تطبيع علني للعلاقات بين البلدين (إسرائيل والسعودية)، خصوصا أن مصالح إسرائيل تقاطعت مع مصالح السعودية التي تمثلت في القضاء على الإخوان المسلمين، وطرد قيادة حركة حماس الموجودة في قطر، والعمل على وقف تمويلها بحجة الإرهاب"، كما قال.
تاريخ العلاقات
وبقراءة أكثر عمقا لتاريخ العلاقات بين الرياض وتل أبيب، فهي ليست وليدة اللحظة كما يتصور الكثيرون، حيث كانت هنالك اتصالات شبه رسمية تتم بشكل سري وأحيانا بصورة علنية بين البلدين، لا سيما في لقاء مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلي دوري غولد؛ مع الجنرال السعودي المتقاعد وأحد أهم مستشاري الملك السعودي، أنور عشقي، في واشنطن على هامش مؤتمر لمجلس العلاقات الخارجية صيف العام الماضي.
اقرأ أيضا: لقاء إسرائيلي مع السعودي أنور عشقي بحث التعاون ضد إيران
ووفق العديد من التقارير، فإن الاتصالات السعودية الإسرائيلية بدأت في وقت مبكر من عهد العاهل الراحل، الملك عبد الله بن عبد العزيز، واستمرت في عهد الملك سلمان، ما يعني ضمنيا موافقة الملك الجديد على هذه الخطوات، خاصة أن اللواء عشقي قد ذكر في أكثر من مرة، أنه لم يواجه أي مشاكل في السعودية بعد انتشار الأخبار عن اجتماعه مع المستشارين الإسرائيليين أو ذكر الاتصالات التي أشرف عليها بين الطرفين.
مصالح مشتركة
بدوره، قال الدبلوماسي الفلسطيني ووكيل وزارة الخارجية الأسبق، محمود العجرمي، إن هناك قواسم مشتركة تجمع الرياض وتل أبيب تمهد لتنفيذ مشروع تطبيع كامل للعلاقات بين البلدين، ومنها "رغبة السعودية في تصدر المشهد الإقليمي من بوابة القضية الفلسطينية، ومحاولة ترويج المبادرة التي أطلقها الملك عبد الله بن عبد العزيز في العام 2002، والمعروفة بالمبادرة العربية للسلام، وكأنها المخلص الوحيد للصراع العربي الإسرائيلي"، على حد قوله.
وأضاف العجرمي في حديث لـ"عربي21" أن "السعودية في حاجة للخبرات الإسرائيلية في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب، والاستفادة من الخبرة الإسرائيلية في مجال الطاقة والشؤون المالية والاقتصادية لتنفيذ خططها الاقتصادية التي رسمتها المملكة خلال العشرين عاما القادمة".
ورأى العجرمي أن المكاسب التي ستجنيها إسرائيل من هذا التقارب؛ هي كثيرة وبعيدة المدى، ومنها تشكيل محور إسرائيلي وعربي تقوده المملكة ضد المخاطر التوسعية لإيران؛ التي تشكل تهديدا مشتركا لكلا الدولتين، إضافة إلى أن هذا التقارب مع المملكة سيمهد لفتح قنوات اتصال مع الدول الإسلامية والعربية، ومن ثم تعترف هذه الدول بإسرائيل، وتقيم علاقات استراتيجية معها، كما قال.