أثار تبني
تنظيم الدولة لعمليتي الطعن وإطلاق النار في القدس المحتلة الجمعة، تساؤلات حول قدرة التنظيم على تنفيذ عمليات ضد
الاحتلال، ومدى مصداقية وقوفه خلف هذه الهجمات، فرغم إعلان
الجبهة الشعبية لتحرير
فلسطين وحركة
حماس تبنيهما لمنفذي العمليتين اللتين أسفرتا عن مقتل وإصابة عدد من جنود الاحتلال واستشهاد ثلاثة فلسطينيين، إلا أن "تنظيم الدولة" لم يتأخر وأعلن مسؤوليته أيضا.
حركة حماس قالت إن تبني تنظيم الدولة للعمليتين يعتبر محاولة إسرائيلية لخلط الأوراق، مؤكدة أن اثنين من منفذي عمليتي الطعن وإطلاق النار بالقدس المحتلة هما من الجبهة الشعبية والثالث من حماس.
وصرح عزت الرشق القيادي فيها أن منفذي العمليات ينتمون لحماس والجبهة الشعبية، نافيا في تغريدة له على "تويتر" أي صلة لهم بتنظيم الدولة.
من جهتها نعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في بيان لها، شهداء
عملية القدس التي أطلق عليها "وعد البراق"، وأشارت إلى أن اثنين من منفذيها هم أسرى محررون من رفاق الجبهة الشعبية.
في حين ادعى تنظيم الدولة مسؤوليته عن الهجوم، وزعمت وكالة "أعماق" الناطقة باسم التنظيم أن "منفذي عملية الطعن في القدس هم جنود للدولة الإسلامية".
اقرأ أيضا: 3 شهداء ومقتل مجندة وجرح أربعة جنود بالقدس (شاهد)
ويرى محللون أن التنظيم ليس لديه امتدادات حقيقة في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، ويقوم باستغلال الهجمات الفردية التي ينفذها شبان فلسطينيون ضد الاحتلال، ويعلن تبنيها من أجل إظهار وجوده وقوته، رغم كل الخسائر التي حظي بها في كل من العراق وسوريا، وكرد على اتهامه بالامتناع عن تنفيذ عمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وبحسب ما اطلعت عليه "
عربي21"، فإن مؤشر "الإرهاب العالمي"، الذي يدار من جامعة ميريلاند بتمويل من الحكومة الأمريكية، أفاد بأنه لا يعرف بالفعل من ينفذ 50 في المئة من الهجمات الإرهابية التي أعلن تنظيم الدولة تبنيها.
إثبات وجوده
وقال المحلل السياسي ساري عرابي إن التنظيم دأب على تبني عمليات مماثلة في الضفة والقدس، مشيرا إلى عادات التنظيم القائمة على الزج باسمه في أي هجمات موجهة ضد ما يعرّفه بـ"الكفار" في أي مكان في العالم حتى وإن لم يكن له ضلع فيها.
ولفت عرابي لـ"
عربي21" إلى أن التنظيم حريص على إثبات وجوده واستمراره، ويؤكد على شعاره الذي رفعه مبكرا "باقية وتتمدد"، بغض النظر عن حجم ونوعية العمليات التي تنسب له والتي ربما يجري استغلالها من قبل أجهزة مخابرات دولية لتمرير أجندة خاصة.
اقرأ أيضا: مواجهات مع الاحتلال بعد استشهاد ثلاثة شبان بعملية القدس
وفيما يتعلق بوجود التنظيم على الساحة الفلسطينية قال عرابي: "كان يؤخذ على التنظيمات السلفية انعدام فاعليتها وعدم قدرتها على توجيه وتنفيذ هجمات ضد الاحتلال، وهذا الأمر ينسحب أيضا على تنظيم الدولة حاليا، فالتنظيم يضرب في العراق وسوريا ودول غربية، لكنه لا يستطيع فعل ذلك في الأراضي الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، ولذلك هو يحتاج لتبني مثل هذه العمليات حتى وإن لم يقف خلفها ليؤكد أنه موجود وينفذ عمليات".
وأشار عرابي إلى أن الاحتلال يستغل تبني تنظيم الدولة لهذه العمليات من أجل الإساءة لمقاومة الشعب الفلسطيني والنيل منها وتجريم فصائل العمل الوطني، لافتا إلى اتهامات متكررة وجهها نتنياهو لحركة حماس بتبنيها فكر تنظيم الدولة.
متأثرون بالفكرة
واستبعد المحلل السياسي وجود التنظيم فعليا في الأراضي الفلسطينية قائلا: "التنظيم بالمعنى الحقيق كبنية ومجموعات وخلايا وهيكليات تنظيمية غير موجود تماما، فلم يثبت أن اعتقلت السلطة الفلسطينية أو الاحتلال خلايا من هذا النوع على ارتباط مباشر بقيادة داعش في الخارج، ولكن من جرى اعتقالهم سابقا هم شباب متأثرون بالفكرة فقط ولا ارتباط تنظيمي حقيقي لهم".
من جهته اتفق الخبير في الحركات الإسلامية صلاح الدين الجورشي مع عرابي حول عدم وجود حضور فعلي للتنظيم في الضفة والقدس، لافتا في ذات الوقت إلى الضرر البالغ الذي قد يحدثه التنظيم على القضية الفلسطينية ومقاومتها جراء تبنيه للعمليات، معتبرا أن ذلك يشكل فرصة مجانية للاحتلال الإسرائيلي من أجل وسم المقاومة بالإهاب.
اقرأ أيضا: حماس والجبهة الشعبية: منفذو هجوم القدس ينتمون لنا
وقال الجورشي في حديث لـ"
عربي21 " إن العمليات المفترضة لتنظيم الدولة تعمل على تشديد الخناق على الفلسطينيين وتضر بقضيتهم دوليا، وهي فرصة قد يستغلها الاحتلال الإسرائيلي لتبرير إجراءاته بحق الفلسطينيين وللتشكيك أيضا في المراجعات التي قامت بها حركة حماس مؤخرا كحركة إسلامية.
بدون توجيه
وأشار الخبير إلى أن تبني التنظيم لهذه العمليات قد يجر الفصائل الفلسطينية لمزيد من الفعل ورد الفعل مع الاحتلال في وقت لا تريد فيه المقاومة الفلسطينية الاندفاع إلى المواجهة المباشرة مع الاحتلال لاعتبارات كثيرة متعلقة بالمتغيرات المحلية والإقليمية.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قالت السبت إن مجموعة محلية هي التي نفذت عمليتي الطعن وإطلاق النار في القدس المحتلة.
وخلافا لإعلان تنظيم الدولة بأن عناصره نفذوا العمليتين، نقلت مواقع عبرية عن مصدر في قوات الاحتلال قوله إنه لم يعثر على مؤشر يشير إلى وجود توجيه من قبل إحدى المنظمات لتنفيذ الهجومين.
ووقع الهجوم في البلدة القديمة عند باب العامود ونفذه ثلاثة شبان فلسطينيين بواسطة أسلحة نارية وسكاكين، وأسفر عن طعن شرطية إسرائيلية وإصابتها بجروح بالغة تسببت بمقتلها.