فتح تصدر ولي ولي العهد السعودي
محمد بن سلمان ( 32 عاما ) واجهة الحدث السياسي للمملكة العربية السعودية " تصريحا وزيارات وحراك داخلي وتمثيل خارجي " وتحديدا في ظل الأزمة الخليجية مع قطر، باب التساؤل عن وجود وموقف وتحرك ولي العهد
محمد بن نايف الذي بدا غائبا أو هكذا يراد، في مرحلة هي الأدق بتاريخ دول الخليج والمنطقة ومستقبل كرسي الملكية الموعود بالجلوس عليه "كولي للعهد" حتى هذه اللحظة.
وباتت أوساط سياسية وصحافية تتحدث بصوت عال عن أسباب غياب بن نايف عن مشهد السخونة مع قطر، وفيما إذا كان يمتلك موقفا مغايرا لما بات يسمى بطغيان حضور وتربع ولي ولي العهد ابن عمه محمد بن سلمان على سدة الدفة السياسية للمملكة.
ما تسرب من معلومات حتى اللحظة هو أن ولي العهد محمد بن نايف غير راض عن آلية جر ابن سلمان لمجلس التعاون الخليجي نحو الفكفكة، فهو "لا يرى فائدة مطلقة في سياسات المملكة العدائية تجاه قطر حلا للأزمة الحالية، وأن مثل هذه السياسات ضد الحكومة القطرية ستضر بمجلس التعاون الخليجي، ولابد من تسوية الخلافات مع قطر بالمفاوضات".
وبحسب ما رشح من معلومات أيضا فإن ابن نايف كان خلف دعوة وتشجيع أمير الكويت للقيام بوساطتة لرأب الصدع الخليجي والعمل على احتواء التوتر.
اقرأ أيضا : ديفيد هيرست يربط الهجمة على قطر بترامب و"هاكرز" الإمارات
مجلة "إيكونوميست" ألمحت إلى جانب بارز بطبيعة علاقة ابن سلمان بابن عمه ابن نايف، وقالت إن العلاقة باتت واضحة حيث يعامل ابن سلمان، ولي العهد "ابن نايف" باستخفاف.
كما أشارت المجلة في مقابلتها مع محمد بن سلمان في كانون الثاني / يناير 2016 إلى أنه "في خلال ساعات الحوار الخمس، ذُكر
الملك سلمان مرة؛ أما نسيبه ولي العهد ابن نايف، فلم يُذكر قط"، وتُظهرالمجلة صورة للرجلين في اجتماع عُقد في أكتوبر2015 برئاسة ابنِ نايف، ابنَ سلمان وهو يقرأ مجلة، غير عابئ برسمية الجلسة، وهو ما يعني صعوبة الاقتناع ببعض محاولات الإيحاء بأن الرجلين يعملان معاً في الوقت الراهن بشكل جيد.
رسائل للعائلة الحاكمة
وتبدي أوساط مقربة من العائلة الحاكمة تخوفها من أن تتبع حالة الأمير "المهمش" إجراءات أخرى تعمق من حالة تغييبه عن المشهد السياسي، تحضيرا لفصول إقصاء جديدة داخل البيت الملكي شبيهة بتلك التي أعقبت تسلم الملك سلمان الذي أطاح برجالات أخيه غير الشقيق
الملك عبدالله وعلى رأسهم نجل الراحل الأمير متعب بعد سويعات فقط من وفاته.
وتذهب قراءات خليجية وتصورات محللين إلى أن طغيان حضور محمد بن سلمان لم يأت من فراغ، بل هي مقدمة فعلية أرسلت برسائلها المكررة دوما لـ"ابن نايف" وبعلم الملك، أن بقاء كرسي ولاية العهد أصبح مهددا بصورة صريحة وأن طريق العزل او طلب التنازل عن ولاية العهد باتت شبه قريبة.
ولم يغب عن تصريحات دبلوماسيين أمريكيين قولهم إن ما سمي بصفقة القرن مع الولايات المتحدة الأمريكية والتي هندسها محمد بن سلمان وقاربت من 400 مليار دولار، ما كانت إلا الورقة القوية الأهم التي دفعت بوجه ابن نايف لتقدير قوة وحضور ونفوذ ابن سلمان القادم.
اقرأ أيضا : "مجتهد" يتحدث عن تداعيات أزمة قطر على خلافات آل سعود
ورأى محللون أن الصفقة الضخمة التي وقعت مع الرئيس دونالد ترامب تعد بمثابة "الشيفرة التي ستحول دون أي اعتراض أمريكي في حال جرى عزل ابن نايف وإحلال ابن سلمان مكانه ".
ويرى الكاتب البريطاني الخبير بالشرق الأوسط ديفيد هيرست، أن الهجوم وفتح جبهة حادة مع قطر يعد رسالة اخرى ذات طابع شخصي لمحمد بن سلمان؛ فمن خلال شن الهجوم بهذا الشكل ودون هوادة، فإن رسائل عدة تصل للداخل وتحديدا لداخل البيت الملكي للعائلة، حيث يتربص عشرات الأمراء التواقين للعب دور في السلطة لاقتناص أي موقع متقدم.
وبالتالي يهدف محمد بن سلمان بحسب المحللين لاسكات المعارضة داخل العائلة ، كخطوة أولى وحيوية وحساسة قبل الشروع الفعلي بخلع ابن عمه الذي يكبره سنا، محمد بن نايف ولي العهد.
ويرى "هيرست " أيضا أن غاية ابن سلمان وابن زايد بنهاية المطاف هو ربط أنفسهم بشكل وثيق بعربة ترامب، حيث يظنان – والكلام لهيرست - أنهما حصلا على بوليصة تأمين لهما، إلا أن ذلك يتوقف على ما إذا كان ترامب سيتم فترته الرئاسية إلى مدتها، حيث بات الكثير بواشنطن لا ينظرون للامر على أنه مضمونا.
شخصية ابن سلمان
ويقف المحللون – الأمريكيون تحديدا – عند نقاط هامة بشخصية ابن سلمان حال مقارنتها بشخصية ابن نايف المعروف بقائد مكافحة الإرهاب المطيع العنيد ذو الـ56 عاماً، ويتساءلون فيما إذا كان محمد ابن سلمان "ذو اللحية والذي يرتدي الصندل ويجمع في هيئته ملامح وطول ملك الصحراء الهوليودي"، مناسبا لتولي الحكم عند مواقف مثل التلامز الدبلوماسي بين آل سعود وإيران، والتصدي لخطاب "الدولة الإسلامية"، ومقاتلة الحوثيين والمخلوع صالح في اليمن المجاورة.
وفي الوقت نفسه التعامل مع سعر النفط الأكثر انخفاضاً عبر التاريخ، حيث يثار الجدل حالياً حول هذه الأسئلة بصورة علنية وسرية في كبرى عواصم العالم وداخل أروقة القصور في السعودية.
اقرا أيضا : ديفيد هيرست: هذه دوافع الهجوم الإماراتي السعودي ضد قطر
أضف إلى ذلك أسئلة القدرة السعودية في حال تولي ابن سلمان الحكم، لمواجهة الندية القوية لإيران ذات النفوذ المتزايد بالمنطقة ، والتي يصف المرشد الأعلى للثورة فيها ابن سلمان، الذي يتولى في آن واحد منصب وزير الدفاع ورئيس هيئة صنع القرار الرئيسية الاقتصادية والنفطية في السعودية، كـ"غُر عديم الخبرة" وصفات أخرى أقل توقيراً مثل "المراهق".
صحة الملك سلمان
وتأتي اندفاعة ابن سلمان في مواجهة خفوت الحضور الكلي لـ"ابن نايف" مرتكزة أيضا على الوضع الصحي والقدرة الفعلية على إدارة دفة الحكم باقتدار من قبل ملك البلاد سلمان بن عبد العزيز، إلى جانب علامة فارقة وورقة مهمة هي المحبة التي يكنها الملك لنجله، فهو الابن الأول للملك سلمان من زوجته الثالثة والمفضلة على الأرجح، والتي تعلق على ما يبدو آمالاً كبرى على نجلها ابن سلمان، وهي أمور عادة ما تلعب بمجموعها دور البساط الأحمر للمرور السلس لكرسي الحكم.
وفي سياق صحة الملك وقدراته تحدثت مجلة "نيويوركر" في 21 كانون أول / ديسمبر 2015 عن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، والذي كشف عن أن الملك سلمان يقرأ تصريحاته على جهاز "آي پاد" ، وبالمثل، أشارت مقالة نشرتها صحيفة "فاينانشال تايمز" في تشرين الثاني / نوفمبر 2015 إلى هيكل السلطة النظري القائم على الملك وولي العهد وولي ولي العهد كما يظهر في عروض الشوارع الكبرى، موضحة: "ولكن إذا ما سألت أي سعودي عن مكان تركز السلطة اليوم، لقال لك إنها بيد الأمير الشاب".
وفي سياق المؤهلات أيضا تحدث مراقبون عن انحصار مؤهلات ابن نايف العلمية بارتياده كلية الفنون الحرة في ولاية أوريجون الأمريكية دون حصوله على شهادة منها، فيما تعلم ابن سلمان في جامعة الملك سعود في الرياض، وحصل منها على شهادة بكالوريوس في القانون.
ولكن بخلاف معظم الأمراء السعوديين البارزين، لا يتكلم بن سلمان اللغة الإنكليزية بطلاقة، إذ يستعين عادة بمترجمين كما فعل بمقابلته مع مع مجلة "ذي إيكونوميست".