كشفت صحيفة "هآرتس" الاثنين، أن كلا من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو، وزعيم المعارضة إسحاق هيرتزوغ، زارا القاهرة سرا في نيسان/ أبريل 2016، بناء على دعوة قائد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي، لمساعدة نتنياهو بتشكيل حكومة "وحدة وطنية" بمشاركة حزب العمل الذي يقوده هيرتزوغ.
وأكدت الصحيفة الإسرائيلية أن "جهات دولية وإقليمية" لم تسمها؛ ساهمت في ترتيب الزيارة السرية، وقالت إن السيسي أبلغ نتنياهو وهيرتزوغ بأن العرب مستعدون لدعم تسوية تقوم على اعتراف الفلسطينيين والعرب بإسرائيل "كدولة الشعب اليهودي، وشروع الإسرائيليين والفلسطينيين في مفاوضات بغطاء عربي رسمي".
وأضافت أن لقاء القاهرة السري هو الثاني الذي عقد بين السيسي ونتنياهو وهيرتزوغ، بعد اللقاء الذي عُقد سرا أيضا بمدينة العقبة الأردنية في شباط/ فبراير 2016، بمشاركة ملك الأردن عبدالله الثاني، ووزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري.
ويأتي لقاء نتنياهو والسيسي بالقاهرة؛ بعد أيام من توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتي تقضي بتسليم القاهرة جزيرتي "تيران وصنافير" للرياض، والتي يرى محللون أنها لا تخدم بالأساس سوى "إسرائيل".
اقرأ أيضا: نتنياهو وهيرتزوغ زارا القاهرة سرا العام الماضي
وأكد محللون مصريون أن لقاءات السيسي السرية تأتي لإخفاء حقائق لا يريد أن يعلمها الشعب، في وقت تسمح فيه العلاقات الجيدة بين القاهرة وتل أبيب بزيارة رسمية لنتنياهو، مشيرين إلى أن سرية اللقاء تعني أن هناك ما يدبر خلف الكواليس؛ ما قد يمس بالسيادة والأرض المصريتين، وخصوصا بعد حديث السيسي للرئيس الأمريكي دونالد
ترامب في 3 نيسان/ أبريل الماضي خلال القمة التي جمعتهما بالبيت الأبيض، عن ما سمي بـ"
صفقة القرن" كحل للقضية الفلسطينية.
أكثر تأثيرا من نتنياهو
وعلق المحلل السياسي خالد كمال، بقوله: "أن يصل السيسي إلى مرحلة أن يجبر المعارضة الإسرائيلية على التوافق مع نتنياهو على تشكيل حكومة؛ فهذا يعني أننا بصدد يهودي صهيوني أكبر قدرا وتأثيرا في حياة إسرائيل من نتنياهو".
وتساءل كمال عبر صفحته في "فيسبوك": "بأي صفة يتباحث السيسي مع نتنياهو وهيرتزوغ للتوفيق بينهما سرا؟".
اقرأ أيضا: زعيم "العمل" يهاجم نتنياهو لأنه "نسف جهودا سرية مع السيسي"
وشاركه الرأي الناشط محمود جميل، معتبرا أن الزيارة "أظهرت ما هو أكثر من خيانة السيسي"، متسائلا في "فيسبوك": "مَن السيسي داخل إسرائيل حتى يصل لمرحلة إصلاح المشاكل الداخلية لها؟".
وتابع: "نحن أمام زعيم صهيوني كبير ومهم؛ بكل ما تحمله الكلمة من معنى".
تثبيت لقدميه
واعتبر الباحث في الشؤون الإسرائيلية لدى مركز رؤية للتنمية السياسية، صلاح العواودة، أن "سرية اللقاء ليست مفاجئة؛ لأنه امتداد للقاء العقبة الذي كان سريا أيضا"، مضيفا أنه "يبدو أن هذه طبيعة السيسي الذي يحب العمل سرا".
وقال العواودة لـ"
عربي21" إن "السيسي يحاول إحياء عملية التسوية الفلسطينية الإسرائيلية، وزار البيت الأبيض لتشجيع ترامب على ذلك، وكان له إشارات موجهة للإسرائيليين مباشرة، بينما كانت اللقاءات تنعقد في السر وفقا لهآرتس".
وأوضح أن "السيسي الذي يعاني من فشل اقتصادي وأمني، ويشعر أن كرسيه يهتز؛ يريد بحديثه عن التسوية الاقليمية أن يُحدث اختراقا في الملف الفلسطيني، ليثبت به قدميه، ويجند الدعم الإسرائيلي والغربي لحكمه".
اقرأ أيضا: الإخوان: لن يُوقف عصابة السيسي سوى ثورة شعبية شاملة
وربط العواودة بين تحركات السيسي السرية وما قيل عن "صفقة القرن" من جهة، وبين ما يحدث الآن من ضغوط على
قطر وحركة المقاومة الإسلامية "
حماس"، بقوله: "في ظل حملة التضييق على قطر لطرد حركة حماس وإغلاق قناة الجزيرة؛ فإن هناك جهودا كبيرة إقليمية ودولية لتمرير صفقة ما؛ من الواضح أنها على حساب الفلسطينيين وحقوقهم، وبالتالي فإنه يجب تمهيد كل العقبات لها، وأهم عقبة أمامهم هي المقاومة أولا، والإعلام الحر ثانيا".
خداع استراتيجي
من جانبه؛ أكد الإعلامي والمحلل السياسي عماد البحيري، أن "السيسي يصر على أن تكون لقاءاته سرية بقيادات الكيان الصهيوني؛ لأنه يعلم أن الأرض المصرية لم تمهد بالكامل تحت قدميه في ما يتعلق بالملف الإسرائيلي".
وقال البحيري لـ"
عربي21" إن "إدارة الشؤون المعنوية التابعة للقوات المسلحة، دائما ما تقول لضباطها الصغار الممتعضين من علاقة قائد الانقلاب باليهود؛ إن السيسي يقوم معهم بدور أشبه بالخداع الاستراتيجي".
وأضاف أن "اللافت للنظر في زيارة نتنياهو للقاهرة وغيرها من
اللقاءات السرية؛ هو أن الإعلان عنها يأتي من الجانب الإسرائيلي"، مضيفا أن "اختيار الإسرائيليين لتوقيتات الكشف عن تلك الاجتماعات السرية؛ يشير إلى وجود أهداف إسرائيلية أخرى لا يعلمها أحد".
اقرأ أيضا: شخصيات : نحذر كل الدول من التورط في اتفاقيات مع السيسي
وأوضح أن الهدف من "لقاء العقبة" السري، وزيارة نتنياهو للقاهرة في الخفاء؛ هو إتمام ما تسمى "صفقة القرن"، مؤكدا أن "السيسي وشركاءه يعدّونها الحل النهائي للقضية الفلسطينية عبر دولة منزوعة السلاح في أرض بديلة".
وأشار البحيري إلى أن "صفقة القرن هذه كان يلزمها بالطبع إعداد للمشهد العربي؛ من تغييب لدور قطر وإعلامها المساند للقضية الفلسطينية، وبعدها تغييب دور حركة حماس وجناحها المسلح كتائب عز الدين القسام".