كشف محلل عسكري وأمني
إسرائيلي، كيف عملت "إسرائيل" وعبر أذرعها الأمنية المختلفة على تجنيد أكبر عملائها في
بنما؛ والذي عمل في تجارة
المخدرات والسلاح وتولى رئاسة بنما لنحو سبع سنوات من العام 1983 وحتى 1990.
عميل كبير
وأكد المحلل العسكري والأمني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، رونين بيرغمان، أن حاكم بنما، "الطاغية"
مانويل نورييغا، الذي سجن بسبب تجارته في المخدرات وأعلن عن وفاته هذا الأسبوع هو "عميل لإسرائيل، وعمل على مساعدة جهاز
الموساد".
وقال: "بعد وفاة نورييغا عن عمر يناهز الـ83 عاما، بدأت تتكشف علاقته مع إسرائيل، وتبين أنه مع عمله لدى جهاز CIA الأمريكي وفي تجارة المخدرات، عمل نورييغا على مدى السنين كعميل كبير للغاية لجهاز الأمن الإسرائيلي".
ولفت بيرغمان، في مقال له اليوم بصحيفة "يديعوت" إلى أن من "تولى مسؤولية إقامة العلاقة مع رؤساء الحكم في بنما كان مايك هراري، الذي كان يسمى "شيفت"، وكان يتولى رئاسة قسم "قيساريا" في العمليات الخاصة بالموساد، "على مدى سنوات طويلة".
وتعود بداية العلاقة لرحلة قام بها هراري لبنما عام 1968، حيث روى لي هراري -يقول المحلل- في سلسلة أحاديث قبل وفاته ببضعة أشهر عام 2014، أنه تعرض لضغوط في هذه الرحلة من عميل محلي كي يلتقي برائد في الجيش شغل في حينه منصب المسؤول عن أمن المطار، وكان يدعى عمر توريخوس، واستمر اللقاء 12 ساعة، حيث اطلع هراري على إعجاب الضابط بـ"دولة إسرائيل"، وهنا "نشأت علاقة صداقة عميقة".
صفقات ظلامية
وفي 11 تشرين الأول/ أكتوبر 1968 قام توريخوس إياه بانقلاب عسكري واستولى على الحكم في بنما، "ومنذ هذا الوقت فتحت بنما تماما أمام إسرائيل، وكان لتوريخوس ما يكفي من المال ليمولنا ولم يحتج لأموالنا، لكننا ساعدناه بطرق أخرى".
وأشار المحلل العسكري والأمني، إلى أن "موشيه دايان (وزير الدفاع الصهيوني الأسبق)، عمل على رعاية لم شمل عائلة توريخوس، وكان سعيدا بذلك للغاية وممتنا للموساد الذي قدم له العلاج الطبي الأفضل في ذلك الوقت".
أما مانويل نورييغا، رئيس مخابرات توريخوس فكان يعرف بالتعاون مع المخابرات الإسرائيلية بقيادة هراري، حيث ورث نورييغا توريخوس بعد وفاته، وواصل التعاون مع هراري ورجاله على ذات مستوى الحميمية والصداقة، بحسب المحلل بيرغمان الذي أكد له هراري أن كلا من توريخوس ونورييغا "كانوا غير صالحين، ومتورطين بصفقات ظلامية من السلاح والمخدرات وتعذيب وقتل معارضيهما".
وعندما اعتزل هراري خدمته في جهاز "الموساد" عام 1980، "حاول رئيس الوزراء الأسبق مناحيم بيغن إقناعه بالبقاء ولكنه أصر على ذلك، لكن بيغن اشترط لاعتزاله أن يبقى في خدمة الاحتياط بالموساد، وبالأساس أن يعمل مسؤولا على العلاقة السرية مع رؤساء الدولة في بنما، وهي العلاقة التي رأى فيها بيغن ذخرا استراتيجيا لإسرائيل واعتبرها ذات أهمية دراماتيكية لأمنها".
غواصة إسرائيلية
وعندها، قام هراري بـ"إطلاق عدة مبادرات تجارية في بنما وواصل العلاقة مع حكامها، ممن حرصوا على التصويت لصالح إسرائيل في الأمم المتحدة، الأمر الذي كان ذا أهمية كبيرة في وقتها".
ونوه بيرغمان، إلى أنه "في منتصف الثمانينيات بدأت العلاقات بين زعماء بنما والولايات المتحدة بالتدهور، إلى أن قرر الرئيس جورج بوش اجتياحها والاستيلاء على القناة هناك، وقبل ذلك عمل هراري كوسيط بين بنما والولايات المتحدة، حيث عمل على وضع صيغة لحل وسط بموجبها يترك نورييغا الحكم بهدوء ويتمكن من الهجرة مع ماله الكثير إلى دولة أخرى يجد فيها ملجأ مريحا له.
وتابع: "في نهاية المطاف، وبسبب الحروب الداخلية في الإدارة، انهارت كل المبادرات، واندلعت الحرب، واجتاحت الولايات المتحدة بنما عام 1989، حيث بحثت وقتها عن شخصين، هما مانويل نورييغا ومايك هراري، وأعلنت الإدارة الأمريكية عن الأخير أنه مطلوب لقناعتهم بأنه كان المستشار الأقرب لنورييغا.
وأوضح المحلل أن أمريكا اتهمت هراري، بأنه "كان مشاركا في صفقات المخدرات والسلاح للطاغية نورييغا، بل وأعلنت بعد ذلك أنها القت القبض على الرجلين في أثناء احتلال قواتها لبنما، وكان هذا إعلانا صحيحا في قسم منه فقط، وبالفعل ألقي القبض على نورييغا وقضى حكما بالمؤبد في سجن أمريكي، أما هراري فنجح في الفرار عبر غواصة إسرائيلية جاءت لإنقاذه، وظهر في بيته بحي أفكا في تل أبيب"، وفق المحلل.
وفي الحقيقة، أن هراري "نجح في مساعدة عملاء محليين في الفرار عبر البر، ولكن الوصمة التي لحقت بسمعته الطيبة، وكأنه كان مشاركا في صفقات نورييغا المشبوهة، أزعجته جدا حتى وفاته"، بحسب بيرغمان.