تصدَّر الموالون لرئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي المناصب القيادية ضمن حركة التغييرات الصحفية التي أعلنتها الهيئة الوطنية للصحافة، الأربعاء، بالمؤسسات الصحفية
المصرية التي تخضع لسيطرة الحكومة.
يأتي هذا في وقت يتقدم فيه عدد من ممثلي المواقع الإلكترونية التي تعرضت للحجب في مصر، خلال الأيام الماضية، ببلاغ جماعي، اليوم الخميس، إلى النائب العام، للإبلاغ عن حجب مواقعهم.
وتزامن مع تلك التطورات تقدُّم رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام (حل محل وزير الإعلام)، مكرم محمد أحمد، ببلاغ إلى النائب العام؛ للمطالبة بالتحقيق فيما تضمنته ستة مقالات نشرها رئيس تحرير جريدة "المقال"؛ إبراهيم عيسى، في الصحيفة، بدعوى أنها "تثير الفتنة بين المسلمين والأقباط"، ما أثار غضبا في الوسط الصحفي.
رجال السيسي يتقدمون التغييرات
وفي البداية، فوجئت الأوساط الصحفية في مصر، الأربعاء، بتعيين رؤساء مجالس إدارات وتحرير للصحف القومية (الحكومية)، معروفين بولائهم الشديد لسلطات الانقلاب بعيدا عن الكفاءة.
وسيطر ممثلو "جبهة تصحيح المسار"، التي خرجت ضد اجتماع الجمعية العمومية للنقابة، للرد على أزمة اقتحامها أمنيا، على تعيينات رؤساء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير، فيما اعتبره متابعون مكافأة لهم، من قِبل أجهزة السيسي الأمنية، على مواقفهم من أزمة اقتحام النقابة الشهيرة.
ولوحظت ترقية نقيب الصحافيين مدير تحرير "الأهرام"، عبد المحسن سلامة، إلى رئاسة مجلس إدارتها، وهو من أكثر النقباء، في تاريح النقابة، موالاة للسلطة، والسيسي خاصة.
كما تم اختيار علاء ثابت رئيسا لتحرير جريدة "الأهرام"، وخالد ميري رئيسا لتحرير جريدة "الأخبار"، وعلي حسن لرئاسة مجلس إدارة وتحرير "وكالة أنباء الشرق الأوسط"، وماجد منير لرئاسة تحرير "الأهرام المسائي"، وعزت إبراهيم لـ "الأهرام ويكلي".
وبرَّر رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، كرم جبر، الاختيارات، في تصريحات لبرنامج "الآن"، عبر فضائية "اكسترا نيوز"، الأربعاء، بالقول إنه سيتم تشكيل مجالس تحرير بالصحف لاعتمادها من قبل الهيئة، وأن مجالس التحرير ستكون الحاكمة للجريدة، وأن عصر رئيس التحرير الحاكم بأمره انتهى.
وأشار إلى تشكيل لجنة لدراسة مديونيات المؤسسات القومية، وبحث سبل تسويتها، وبدء مفاوضات مع الجهات المقرضة لإسقاط الفوائد، أو التوصل إلى طرق أخرى.
بلاغ للنائب العام ضد حجب المواقع
وفي سياق آخر أعلن عضو مجلس نقابة الصحفيين، محمد سعد عبد الحفيظ، أنه بجانب البلاغ المقرر تقديمه، إلى النائب العام، الخميس، ضد حجب المواقع الإلكترونية؛ سيقوم ممثلو تلك المواقع أيضا، برفع دعوى قضائية أمام القضاء الإداري ضد وزير الاتصالات بصفته من قام بحجب المواقع دون إذن قضائي.
وجاءت هذه القرارات في نهاية مؤتمر صحفي عُقد الأربعاء بنقابة الصحفيين، بحضور أربعة من أعضاء مجلس النقابة، وعضوين بمجلس نواب ما بعد الانقلاب.
وأكد عضو مجلس النقابة، جمال عبد الرحيم، أن حجب المواقع الإلكترونية ليس سوى حلقة جديدة في الحرب على الصحافة المصرية، الذي بدأ باقتحام النقابة، وصدور قوانين مخالفة للدستور، وعلى رأسهم قانون الهيئات، الذي صدر بموجبه التغييرات للصحف القومية، الأربعاء.
وأضاف أن المواد 211 و212 و213 من الدستور، تؤكد استقلال الهيئات الثلاث، لكن السيسي قام بتعيين نحو 75% من أعضائها، بالمخالفة لهذا الدستور.
ومن جهته، قال عضو مجلس النقابة، محمود كامل: "الغريب في الأمر أن الجميع لا يعلم من هو متخذ القرار؟ ولماذا فعل هذا؟"، مضيفا أن هناك تصريحات من المسؤولين بأن ما حدث بداعي الدفاع عن الأمن القومي المصري، برغم أن هذا القرار أعطى هدية للإرهاب، وفق قوله.
واعتبر عمرو بدر، عضو مجلس النقابة ورئيس تحرير "بوابة يناير"، أن سابقة حجب المواقع تمثل "جريمة متكاملة"، محذرا من امتداد حملة التضييق إلى الصحف المطبوعة إذا نجح النظام في تمرير حجب المواقع دون رد فعل.
ومن جانبه، شدَّد عضو مجلس النقابة السابق خالد البلشي على أن الصمت على جريمة بهذا الحجم سيدفع ثمنه أعداد أكبر من الصحفيين غدا، وأنه يجب على الصحفيين مواجهة ذلك.
وتحدث رئيس تحرير موقع "مصر العربية"، عادل صبري، ممثلا عن الصحفيين بالمواقع المحجوبة، مؤكدا أن ما جري سيكون له دور في تشريد العديد من الأسر التي يُعتبر دخلها الوحيد هذه المواقع.
مكرم يبلغ ضد عيسى.. وغضب صحفي
وفي تطور أثار الغضب بالأوساط الصحفية المصرية، أرسل رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، مكرم محمد أحمد، الأربعاء، خطابا إلى نقيب الصحفيين، يطالبه بالتحقيق مع رئيس تحرير صحيفة "المقال"؛ إبراهيم عيسى، بدعوى نشره ستة مقالات "تثير الفتنة بين المسلمين والأقباط، وتؤكد للأقباط أن الدولة عاجزة عن حمايتهم".
وطالب مكرم في الخطاب باتخاذ اللازم تجاه ناشر الجريدة "إبراهيم عيسى"؛ نظرا لأن ظروف البلاد لا تحتمل مثل هذه المعالجات، حسبما ذكر، موضحا أنه تقدم ببلاغ إلى النائب العام؛ للمطالبة بالتحقيق فيما شملته هذه المقالات.
وفي المقابل، أثار خطاب مكرم غضبا شديدا في أوساط الصحفيين.
وقال الأمين السابق للجنة الحريات بنقابة الصحفيين، خالد البلشي، إن خطاب مكرم بشأن جريدة "المقال"، جاء ليكمل مشهد قمع الصحافة، ولا يقف عند حدود كونه تجاوزا للقواعد والأعراف النقابية المعمول بها، ولكنه يرتقي لكونه جريمة نقابية.
أما عضو مجلس النقابة، محمود كامل، فاستنكر أيضا بلاغ مكرم، وقال على صفحته بـ"فيسبوك": "تعلمنا أن نحترم الكبير، ولكننا تعلمنا أيضا أن الكبير هو من يحترم نفسه".
ومن جهته، علَّق الأديب والروائي علاء الأسواني، ساخرا، على طلب مكرم، في صفحته عبر "فيسبوك"، قائلا: "صحفي عجوز يناهز الثمانين ونقيب سابق للصحفيين تقدم ببلاغ للنيابة ضد زميله الصحفي لأنه كتب مقالا يعارض السيسي، أليس في خدمة السلطان سن تقاعد؟".