أكدت وسائل إعلام
مصرية مقربة من الأجهزة الأمنية أن الضربات الجوية التي تشنها طائرات حربية مصرية منذ عدة أيام على مدينة درنة شرق
ليبيا؛ تهدف إلى القضاء على مشروع الإسلام السياسي في ليبيا "المدعوم من قطر".
وقالت صحيفة "اليوم السابع" إن الجيش المصري يقوم، بالتعاون مع القوات الليبية التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر، بتغيير الخارطة السياسية والعسكرية في ليبيا.
وجاءت هذه التقارير متضاربة مع ما أعلنه قائد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي، الجمعة الماضي، من أن القوات الجوية المصرية تقوم بضرب معسكرات لجماعات إرهابية في ليبيا، انتقاما للأقباط الذين قتلوا في مدينة المنيا المصرية في اليوم ذاته.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين ليبيين أن الضربات التي وجهها سلاح الجو المصري لمعسكرات "الإرهابيين" في مدينة درنة؛ استهدفت إضعاف مليشيات "مجلس شورى المجاهدين" الإسلامية "المدعومة من قطر" على حد قولها، وإحداث تحول عسكري على الأرض، تمهيدا لدخول قوات حفتر لمدينة درنة، وإعلان سيطرته على منطقة شرق ليبيا بالكامل.
وأعلن المتحدث باسم ما يسمى "الجيش الوطني الليبي" الذي يقوده حفتر، الاثنين الماضي، عبر موقع "فيسبوك" أن "سلاحي الجو الليبي والمصري يقومان بعميات مشتركة لاستهداف مواقع تنظيم القاعدة في ليبيا، بإشراف مباشر من حفتر، وعبر غرفة عمليات مشتركة مع المصريين".
تشكيك في محله
وأعلن السيسي أن المسلحين الذين نفذوا الهجوم تدربوا وتلقوا تكليفات بتنفيذ العملية في معسكرات بدرنة الليبية، وأن مصر تنفذ هذه الغارات دفاعا عن نفسها، وأنها لن تترد في ضرب المزيد من الأهداف في أي مكان آخر.
وكان سياسيون ونشطاء ورجال دين أقباط، قد شككوا في الأسباب التي أعلنها السيسي لضرب ليبيا وأنها تأتي انتقاما لدماء الأقباط، مؤكدين أن السيسي استغل الحادث الإرهابي في المنيا لمساعدة حليفه في ليبيا خليفة حفتر، وتثبيت موقفه العسكري.
وأعلن أسقف المنيا الأنبا مكاريوس، في حوار مع الإعلامية لميس الحديدي الأحد الماضي، عن تشككه في مبررات قصف ليبيا التي أعلنها السيسي، متسائلا: "كيف تضرب الطائرات المصرية هذه المعسكرات بعد ساعات فقط من وقوع الهجوم على الأقباط؟ وإذا كان الجيش يعرف مسبقا أنهم متورطون في التخطيط للحادث فلماذا تركهم يقومون به؟ وإذا لم يكن يعرف فهل يعقل أن يتوصل إلى هذه المعلومات الدقيقة خلال ساعات قليلة؟".
الحرب البرية غير مستبعدة
وقال المحلل السياسي محمد السعيد، إن "النظام المصري يساند المشير خليفة حفتر بالسلاح والأفراد بتمويل إماراتي منذ عامين تقريبا، وليس الآن فقط".
ولم يستبعد السعيد أن تكون مصر مقبلة على حرب برية في ليبيا قريبا، في ظل التنسيق الكامل بين قيادة المنطقة الغربية للقوات المسلحة مع حفتر وقواته، وتحديدا في منطقة بنغازي.
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الضربات الجوية الأخيرة، وضرب أوكار الإرهابيين في ليبيا؛ يمثلان استمرارا لهذا التنسيق بين السيسي وحفتر"، مشيرا إلى أن "التنسيق العسكري مطلوب لضمان حماية الحدود المصرية، لكن خروج القوات إلى خارج حدود البلاد لمجاملة أحد الأنظمة هو أمر مرفوض تماما، وسيؤدي الى إضعاف قواتنا المسلحة".
ورأى السعيد أن "أي تدخل مصري بري سيكون محدودا ومحسوب العواقب، وسيكون بترتيبات مسبقة؛ لأن الأوضاع الأمنية والجغرافية لليبيا لها خصوصية كبيرة، ومن الممكن إذا حدث هذا التدخل أن يؤثر على كفاءة الجيش المصري؛ لأنه سيتعرض لإنهاك كبير في حرب برية لا ناقة لنا فيها ولا جمل".
خطأ كارثي
من جهته؛ قال الباحث السياسي جمال مرعي، إن السيسي يقدم الدعم لقوات حفتر في ليبيا منذ وقت طويل من أجل إرضاء قوى غربية على رأسها الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن "هناك تقارير تؤكد وجود قوات برية مصرية في ليبيا، لكن أعدادها محدودة، ولا تشارك في القتال، حيث تعتمد مصر في مساندتها لحفتر على الضربات الجوية".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "تنفيذ ضربات جوية على ليبيا لتدمير أهداف هناك والعودة بسلام؛ ليس أمرا معقدا من الناحية العسكرية والسياسية؛ لأن ليبيا من دول الجوار المصري، والطائرات المصرية لا تحتاج إلى اختراق حدود دول أخرى لشن هجماتها".
وحذر من أن السيسي "لو تورط أكثر من هذا الحد في ليبيا؛ فسوف تصل الأمور إلى مرحلة بالغة الخطورة، لأن الحرب في ليبيا معقدة، وتمسك بأطرافها العديد من القوى العالمية والإقليمية، وبعضها يريد استمرار الحرب لأطول فترة ممكنة تحقيقا لأهدافه".
ولفت مرعي إلى أن دخول السيسي في حرب مفتوحة في ليبيا "سيكون خطأ كارثيا؛ لأن القوات المسلحة المصرية منهكة بالفعل في مواجهات داخلية"، متوقعا أنه "إذا حدث تدخل بري مصري في ليبيا؛ فإنه سيكون عبر مجموعات من القوات الخاصة أو الصاعقة؛ لتقوم بتنفيذ عملية أو عمليتين لا أكثر".