يثير الحديث عن "
القضاء الثوري" في ظل إعلان وزارة الداخلية
الفلسطينية في قطاع غزة محاكمة قتلة القيادي في كتائب القسام
مازن فقهاء، وفقا لقانونه تساؤلات حول ماهية هذا القضاء وطبيعة مواده القانونية.
وكان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية قال بعد الإعلان عن إلقاء القبض على قتلة الشهيد فقهاء، إن الجناة سيخضعون للعدالة الثورية وهي إشارة إلى محاكمتهم وفقا للقضاء الثوري الذي ورد في قانون منظمة التحرير الفلسطينية.
وأكدت وزارة الداخلية في غزة هذا الأمر من خلال عقد 4 جلسات للمرافعة أمام محكمة عسكرية، مشكلة خصيصا وفقا لقانون المحاكمات الثورية التابع للمنظمة، الذي يختص بالجرائم التي ترتكب ويكون لها ضرر مباشر وغير مباشر بالقضية الفلسطينية، من خلال التعامل مع الاحتلال وأي عدو للقضية.
وعلى الرغم من اختفاء مصطلح المحاكم الثورية لفترة طويلة عن الساحة الفلسطينية منذ اتفاق أوسلو عام 1994 على الرغم من كونه قانونا أساسيا من قوانين منظمة التحرير، إلا أنه طفا على السطح مرة أخرى عام 2014 خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث أعلنت فصائل المقاومة عن إعدام دفعة من العملاء الذين قدموا معلومات للاحتلال، أدت لاستشهاد فلسطينيين وقالت إن الأحكام صدرت عليهم وفقا للقضاء الثوري الفلسطيني.
وكانت منظمة التحرير قد أقرت هذا القانون عام 1979 ويطلق عليه رسميا اسم "قانون العقوبات الثوري لمنظمة التحرير الفلسطينية"، وإقراره في ذلك جاء ملغيا لأي نصوص قانونية سابقة خاصة القانوني الثوري لعام 1978.
ويوضح القانون الذي اطلعت عليه "
عربي21" العديد من المصطلحات والألفاظ الواردة فيه كلفظ العدو والأشخاص وأنواع الجرائم، بالإضافة لمواد قانونية في العقوبات التي تنزل بمرتكبي الجرائم كل حسب درجتها العقابية، التي تبدأ من الغرامات وانتهاء بالإعدام الذي حدد القانون طريقته عبر الرمي بالرصاص فقط.
وجاء في نصوص القانون تعريفات أولها لفظ "كل من"، وهي تعني "كل شخص فلسطيني ارتكب جريمة منصوصا عليها في هذا القانون، ويلحق بالفلسطينيين كل شخص آخر غير فلسطيني ارتكب جريمة ضد الثورة الفلسطينية كفاعل أصلي أو شريك أو متدخل أو محرض".
وعرّف القانون "العدو" بشكل مفصل، وقال إنه "الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة وغيرها من الأراضي العربية المغتصبة، أو كل دولة أو جهة أخرى معادية للثورة".
وعلى الرغم من كون القانون مختصا بالقضايا التي تتعلق بالقضية الفلسطينية، إلا أنه يطبق وفقا لنص ورد فيه على جميع "الجرائم المقترفة في الأرض التي توجد عليها الثورة الفلسطينية".
أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الدكتور عبد الستار قاسم، قال إن الساحة الفلسطينية اليوم بأمس الحاجة لتطبيق العقوبات الثورية بعد تهاون السلطة في ملاحقة العملاء والمتخابرين مع الاحتلال.
وأوضح قاسم لـ"
عربي21" أن قانون العقوبات الثورية التابع للمنظمة جزء من قانون كبير اعتمدته اللجنة التنفيذية للمنظمة عام 1979، ويشتمل على جوانب تتحدث عن أموال المنظمة وهيئاتها وكيفية عملها، ومن جملة ذلك الحديث عن الثورة وانتهاك مبادئها والتآمر عليها، والتخابر مع العدو وتفصيل العقوبات المتعلقة بهذه الجرائم.
ولفت قاسم إلى أن أخطر ما في القانون وأشده صرامة العقوبات الواردة في المواد من 130 – 141، وجميعها يحكم بالإعدام رميا بالرصاص على المتخابرين مع إسرائيل، وكل من يعرقل عمل الثورة الفلسطينية ويتآمر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، لدرجة أنك إذا أديت سلاما عسكريا لإسرائيلي يبعد عنك 1 كم فإنك تعد خائنا ويجب إعدامك بالرصاص".
وشدد على أن المشكلة الأساسية التي عانت منها القضية الفلسطينية منذ بدايتها هي الاختراقات الأمنية، فالاحتلال كان يعرف كل شيء عن نشاطات الخلايا السرية للفصائل سواء في لبنان أو الأردن أو فلسطين وزرع العديد من الجواسيس.
وأضاف: "لذلك الحاجة لتفعيل القانون المطبق فعليا في بعض جوانبه في الضفة وغزة، أصبحت ماسة منذ ظهور اتفاق أوسلو الذي كبل السلطة وحرّم عليها ملاحقة العملاء".
وأشار قاسم إلى أن السلطة طبقت القانون في بعض الأحياء ومنها محاكمة العناصر الهاربين من غزة عام 2007 خلال الحسم العسكري الذي نفذته حركة حماس، بالإضافة لمحاكمة شاب من إحدى قرى الضفة الغربية وفقا لقانون العقوبات الثورية بسبب سرقته سلاحا عسكريا.
كما قال إن القانون طبق ما بين عامي 1980 و1981 ضد قادة روابط القرى المرتبطين بالاحتلال، وقامت المنظمة بقتل أحد قادة الروابط بناء على القانون.
وانتقد قاسم السلطة الفلسطينية في الضفة التي أفسحت المجال للعملاء للتحرك بحرية بسبب اتفاقية أوسلو، "التي تمنع ملاحقتهم أو طردهم من أعمالهم على الرغم من أنهم معروفون في الأوساط المحلية".
وقال إن السلطة عند مجيئها للأراضي الفلسطينية زمن الرئيس الراحل ياسر عرفات، نفذت عددا من الإعدامات بحق متخابرين مع الاحتلال، لكن الاتحاد الأوروبي هدد حينها بقطع المساعدات المالية، الأمر الذي أدى إلى وقفها بشكل نهائي حتى يومنا هذا.
وعلى صعيد تطبيقه في غزة، قال قاسم إن تفعيل القانون في القطاع يرسخ الأمن فيه ويفشل تحركات الاحتلال ويرسي أمن المواطن الفلسطيني؛ لأن الفصائل المقاومة هناك تعلم أن أي تراخ أمني عواقبه وخيمة، وسيودي بالفصائل الموجودة كما أودى بسابقاتها.
وأضاف: "على الرغم من أن الإجراءات الأمنية غير كافية، إلا أنها تتطور وتتحسن باستمرار، وهناك بالتأكيد استراتيجية أمنية ومعايير قاسية للحد من انتشار العملاء".