قالت مصادر مصرفية مطلعة، إن قيادات
البنك المركزي المصري تراجعت خلال الساعات الماضية عن اتجاه قوي كان سائدا عقب المفاوضات الأخيرة مع بعثة صندوق النقد الدولي إلى القاهرة، لتحريك أسعار
الفائدة في إطار محاولات تقليص حدة أزمة ارتفاعات معدلات التضخم.
وأوضحت المصادر في تصريحات خاصة لـ "
عربي21"، أن محافظ البنك المركزي المصري كان يتبنى تحريك أسعار الفائدة ورفعها خلال الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري المقرر عقده يوم الأحد المقبل، لكن غالبية أعضاء اللجنة رفضوا هذا التوجه في الوقت الحالي.
اقرأ أيضا: ما حقيقة مزاعم محافظ "المركزي" بانتهاء أزمة النقد الأجنبي؟
وأشارت المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها، إلى أن الآراء التي رفضت رفع أسعار الفائدة أشارت إلى أن أساعر الفائدة التي تقدمها البنوك المصرية في الوقت الحالي مرتفعة كثيرا، بالنسبة لغالبية الدول النامية والناشئة، إضافة إلى أن غالبية دول العالم تتجه إلى الفائدة الصفرية، ومصر وحدها تتجه إلى الوصول بأسعار الفائدة إلى مستويات تقترب من 25% وهو ما سيكون له آثار سلبية كبيرة على قطاع
الاستثمار، الذي سوف يتكبد خسائر عنيفة خلال الفترات المقبلة.
وتابعت المصادر: "في الوقت الحالي في ظل ارتفاع أسعار الفائدة، هناك مستثمرون كثيرون سواء من المستثمرين المحليين أو العرب والأجانب يفضلون تصفية استثماراتهم والاستفادة من أسعار الفائدة المرتفعة، بدلا من الاستثمار المحفوف بالعديد من المخاطر ومعدلات الربحية المتواضعة في السوق المصري في الوقت الحالي".
وتوقع محللون قيام البنك المركزي المصري بتثبيت أسعار الفائدة خلال اجتماع الأحد المقبل، لحين استقرار أسعار التضخم، التي قد تشهد بعدها موجات انخفاض تدريجي، مع تحسن أوضاع المالية العامة.
وكان آخر تعديل أجراه البنك المركزي على معدلات الفائدة تم بالتزامن مع تحرير سعر الصرف يوم الثالث من نوفمبر الماضي، إذ رفعها 3% دفعة واحدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة لتصل إلى 14.75% و15.75% على التوالي، ورفع سعر العملية الرئيسية للبنك المركزي، والائتمان والخصم بواقع 3% أيضا إلى 15.25%.
وتوقعت مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" أن يثبت البنك المركزي المصري سعر الفائدة على الودائع عند 14.75% في اجتماع لجنة السياسات النقدية المقبل.
وأوضحت أن ضعف الجنيه المصري دعم ميزان المدفوعات في مصر، وساعد على تراجع العجز في الحساب الجاري بعد عودة المستثمرين الأجانب للبلاد؛ مما يحد من الضغط على واضعي السياسات النقدية لرفع أسعار الفائدة من أجل اجتذاب التدفقات الرأسمالية.
وقالت شركة فاروس للبحوث، إن "صندوق النقد الدولي يضغط على مصر للإبقاء على أسعار الفائدة عند معدلات مرتفعة، وذلك لكبح جماح التضخم الناتج عن خفض الدعم وتحرير سعر الصرف".
ورجحت فاروس، أن تظل معدلات الفائدة مستقرة عند المستويات الحالية، حتى الربع الأخير من 2017، على أن تكون هناك موجات خفض محتملة عقب ذلك.
اقرأ أيضا: من يحمي أموال البنوك المصرية من سطوة سندات الحكومة؟
وارتفع معدل التضخم السنوي في مصر إلى 32.9% في نيسان/ أبريل، مقابل نحو 32.5% في مارس، و31.7% في شباط/ فبراير.
وتعاني مصر من تضخم عنيف بالأسعار عقب تراجع قيمة العملة المحلية بأكثر من النصف، في ظل كونها دولة مستوردة بالأساس لأغلب السلع الأساسية، فضلا عن المواد البترولية.
ومن المتوقع أن تتخذ الحكومة المصرية عددا من الإصلاحات المالية خلال الشهرين المقبلين، منها زيادة معدل ضريبة القيمة المضافة إلى 14% بدلا 13% حاليا، والرفع الجزئي المحتمل لدعم الكهرباء والوقود، وهي إجراءات ذات طابع تضخمي وانكماشي على حد سواء، مما قد يعوق استقرار الأسعار ويسهم في تباطؤ معدلات النمو بنسبة كبيرة.