كشفت صحيفة إسرائيلية عن سياسة ممنهجة لدى سلطات الاحتلال يتم بموجبها التلاعب بالإحصائيات الرسمية للسكان في مدينة القدس المحتلة لصالح المستوطنين اليهود.
وقالت صحيفة "هآرتس" إن ما يسمى "معهد القدس للبحوث السياسية" الإسرائيلي قام بزيادة أعداد اليهود المستوطنين في المدينة المحتلة، من خلال الإحصائيات الرسمية التي تسقط من حساباتها عشرات آلاف الفلسطينيين الذي يقيمون في الشطر الشرقي من المدينة.
توزيع السكان
وأوضحت الصحيفة أن المعهد الإسرائيلي يعمل على نشر معلومات عن مدينة القدس المحتلة قبيل حلول ما يسمى "يوم القدس"، ومن بين أهم المعلومات الواردة في تقريره ما يتعلق بتوزيع السكان العرب والمستوطنين اليهود.
وبحسب مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، فإنه يبلغ عدد المستوطنين اليهود في مدينة القدس المحتلة لهذا العام 542 ألفا (63 في المئة) في مقابل 423 ألف مواطن فلسطيني (37 في المئة).
وأكدت الصحيفة في تقرير لها الخميس أعده معلق الشؤون الفلسطينية لديها، نير حسون، أنه مع مراجعة أكثر دقة للوضع الديمغرافي الذي أجرته مؤخرا مصلحة المياه البلدية الإسرائيلية، فقد تبين أن السجلات الرسمية "تفوت" عشرات آلاف الفلسطينيين الآخرين الذين يعيشون في حدود مدينة القدس.
وبحسب تقدير الخبراء، فإن "الأغلبية اليهودية" في القدس هي "أقل مما ذكرت في تقرير الإحصاء المركزي"، منوهة إلى أن المشكلة الأساسية، أن هناك عددا من السكان الفلسطينيين الذين يعيشون في الأحياء الفلسطينية بشرق القدس خلف جدار الفصل، بمنطقتي مخيم شعفاط للاجئين ومنطقة كفر عقب، وهما المنطقتان اللتان قطعتا عن القدس بسبب الجدار.
خلف الجدار
ولفتت الصحيفة إلى "أن لا أحد يعرف بالضبط كم يعيش في هذه المناطق، ولكن هناك اتفاق على أن الأرقام الرسمية، التي لا تتضمن سوى السكان المسجلين في المنطقة، وهي أدنى بكثير جدا مما هو على أرض الواقع".
وتضيف أن معطيات "مكتب الإحصاء الإسرائيلي، تفيد بأن سكان هاتين المنطقتين معا يبلغ نحو 60 ألف نسمة، ولكن التقديرات الأكثر ثباتا تتحدث عن أن عدد السكان في هاتين المنطقتين لا يقل عن 140 ألف فلسطيني".
وبسبب ما تقول سلطات الاحتلال إنها مصاعب واجهت إسرائيل في توريد المياه للسكان الفلسطينيين المقدسيين خلف الجدار، فقد قامت شركة "جيحون"، ومصلحة المياه والمجاري الإسرائيلية، بعمل بحث شامل، واستخدمت الصور الجوية للأحياء وقامت باحتساب حجم المباني وعدد المقيمين في كل مبنى.
وهكذا "جرى احتساب كمية المياه المستهلكة"، حيث أكد باحثون وخبراء إسرائيليون اطلعوا على البحث لـ"هآرتس"، أن التقديرات الناتجة عن البحث سالف الذكر "دقيقة جدا"، موضحة أن "البحث استنتج أن عدد السكان في هاتين المنطقتين من 12 وحتى 140 ألف نسمة (فلسطيني)، وأغلبهم (نحو 40 ألفا) يسكنون في مخيم شعفاط للاجئين وفي الأحياء المحيطة به".
وأكدت "هآرتس" أن "هذا المعطى مقبول من مراقب الدولة الذي قضى بأنه يسكن في الأحياء خلف الجدار 140 ألف نسمة".
طرد السكان
وقدرت الباحثة الإسرائيلية بمعهد القدس مايا حوشن، أن قسما لا يقل عن 80 ألف من السكان هم سكان شرق القدس انتقلوا للعيش خلف الجدار بسبب أسعار السكن، ولم يغيروا عناوينهم".
وأضافت: "في التقدير الأكثر حذرا، ينبغي أن يضاف إلى المعطيات الرسمية 50 ألف فلسطيني على الأقل، وهو ما يرفع عدد السكان (فلسطينيين ويهود) في القدس كلها إلى أكثر من 900 ألف نسمة، ومعدل الفلسطينيين فيها إلى نحو 41 في المائة، وهو ما يزيد عن الإحصاء الرسمي الإسرائيلي بنسبة 4 بالمائة.
وتجدر الإشارة هنا، إلى أن سلطات الاحتلال وعبر أذرعها المختلفة تسعى بكل السبل إلى زيادة عدد اليهود في القدس؛ عبر الاستيطان والهجرة الداخلية وطرد السكان المقدسيين وسحب هوياتهم، وعدم السماح لهم بترميم منازلهم وهدمها، إضافة للإجراءات الصعبة التي تكاد تكون مستحيلة وهي متعلقة بترخيص المباني وارتفاع أسعارها ما يدفع الكثير من المقدسيين للبحث عن بديل للسكن خارج المدينة.
وعند مقارنة "عربي21" لإحصائية مكتب الإحصاء المركزي في "إسرائيل" الصادرة هذا العام والتي أوردتها "هآرتس"، مع ما أورده موقع "المصدر" من أرقام صادرة عن ذات المؤسسة لعام 2006، يتأكد تراجع عدد اليهود في مدينة القدس المحتلة وتناقض الإحصائيات الإسرائيلية.
وفي نهاية عام 2016، وصل تعداد السكان في القدس المحتلة وفق مكتب الإحصاء المركزي، إلى 883 ألفا، من بينهم أكثر من 550 ألف يهودي في حين بلغ عددهم 542 ألفا بحسب إحصائية 2017، مع العلم أن إجمالي سكان مدينة القدس المحتلة يشكل نحو 10 بالمائة من سكان دولة الاحتلال الإسرائيلي.