في مصلحة من تصب المناطق الآمنة في سوريا؟

أثار اتفاق "المناطق الآمنة" في سوريا الجدل حول المستفيد منه منذ اللحظة الأولى، حيث رأى البعض أنها في مصلحة الشعب السوري، ورفضتها المعارضة، واستبشرت بها الأطراف المقربة من النظام السوري.

وناقش الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بشأن الخطة الروسية التركية، للمناطق الآمنة في سوريا، والتي يسعى الأخير للحصول على دعم الإدارة الأمريكية بشأنها.

وقال لافروف الذي زار واشنطن لأول مرة منذ 2013 سعيا للحصول على الدعم الأمريكي للخطة إن البحث تناول "آليات ملموسة يمكننا إدارتها معا".

وتحدث الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لدى عودته من روسيا، الأسبوع الماضي، عن المناطق الست الآمنة التي اتفق على تحديدها في سوريا.

ولا تشمل المناطق الآمنة محافظتي دير الزور والرقة، التي يتواجد فيهما تنظيم الدولة.

الشعب السوري

المحلل الروسي المختص بشؤون الشرق الأوسط، أندريه أونتيكوف، قال إن المستفيد من المناطق الآمنة هو الشعب السوري، وليس النظام أو المعارضة، لأن ذلك يعني توقف إطلاق النار.

وأشار في حديث لـ"عربي21" إلى أن روسيا تصر منذ التدخل في سوريا على وقف إطلاق النار، وهي التي اقترحت وقفه نهاية العام الماضي، غير أن عدم تماسكه دفع إلى خطوة جديدة هي المناطق الآمنة.

ولفت إلى أن الجانبين الروسي والسوري، متفقان على أنه سيتيح وقف إطلاق النار في هذه المناطق لجيش النظام للتفرغ أكثر لقتال عناصر تنظيم الدولة في شرق سوريا.

ولفت إلى أن التحركات جنوب البلاد أيضا تثير القلق، ونقل عن خبراء سوريين لم يسمهم أن جيش النظام يظن أن الهدف من هذه التحركات قطع طرق إمداد قوات النظام من جهة العراق وإيران شرقا.

وقال رئيس تحرير جريدة "الوطن" السورية القريبة من السلطات وضاح عبد ربه لوكالة فرانس برس: "ستسمح هذه الهدنة لجزء من الجيش السوري بالانتشار نحو الشرق باتجاه مواقع سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية وتحديدا الحدود العراقية ودير الزور" حيث يحاصر الجهاديون الجيش.

كذبة كبيرة

المحلل العسكري والخبير الاستراتيجي، أحمد الرحال، قال إن كل ما يخرج عن موسكو وطهران لا يمكن أن يكون في مصلحة الشعب السوري، مؤكدا على أن محور النظام وحلفائه يؤمن بالحل العسكري.

ولفت في حديث لـ"عربي21" إلى أن المصطلح الذي أطلق على المناطق الآمنة "مناطق تخفيف التصعيد"، غير مفهوم، متسائلا: "هل يعني هذا استمرار القتل والغارات والقتل لكن بأوقات وأعداد محددة؟!".

ولفت إلى أن الوحيد المتحكم في هذه المناطق ستكون روسيا التي وضعت المقترح، وقال إن الطيران الروسي والسوري سوف يستمران في القصف، وإن الأمر برمته "كذبة كبيرة".

واستبعد الرحال أن يتجه جيش النظام إلى القتال شرقا في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة، مرجحا أن يكون الإعلان عن هذه المناطق مناورة في وجه أي تحركات أمريكية مرتقبة لإدارة ترامب.

وانتقدت الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل المعارضة الرئيسة في سوريا، الجمعة، اتفاق إنشاء مناطق "خفض التصعيد" في سوريا. 

ووصفت الاتفاق بأنه "غامض" و"غير مشروع"، وحذرت من "تقسيم" البلاد، وفق قولها.

وبحسب الاتفاق، سيتم إنشاء مناطق "تخفيف التصعيد" في كل من محافظة إدلب ومناطق شمالية أخرى، وفي ريف حمص الشمالي وفي الغوطة الشرقية في ريف دمشق، بالإضافة إلى أجزاء من جنوب سوريا.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه رصد العديد من الخروقات بعد سريان مفعول اتفاقية "تخفيف التصعيد" في عدة مناطق بسوريا.

وقال المرصد ومقره في بريطانيا في تقريره إنه رصد "خروقات خلال أول ساعتين من وقف إطلاق النار في المناطق التي اتفق على أنها مناطق تخفيف التصعيد، الممتدة من الشمال السوري إلى الجنوب السوري، وتشمل محافظة إدلب وريفي حماة وحمص الشماليين وغوطة دمشق الشرقية والجنوب السوري، حيث قصفت قوات النظام بقذيفتين مناطق في بلدة كفرزيتا الواقعة في ريف حماة الشمالي، في حين قصفت قوات النظام بعدة قذائف مدفعية مناطق في بلدة اللطامنة بالريف ذاته".