أكد المحامي والحقوقي المصري، أحمد قناوي، أن التعديلات التي تمت على قانون الإجراءات الجنائية، مؤخرا، تضرب ضمانات العدالة في الصميم، مؤكدا أن منظومة العدالة باتت في خطر كبير، بل إن العدالة ذاتها تمت التضحية بها في هذه التعديلات التي وصفها بغير المقبولة والغير دستورية.
وقال في تصريح لـ"عربي 21": "ربما انشغل البعض بتعديل قانون السلطة القضائية عن تعديل أكثر فداحة في قانون الإجراءات الجنائية، فإذا كان الأول ماسا بسلطة العدالة، فإن الثاني ماس بالعدالة ذاتها، والمؤسف أن هذه التعديلات رغم فداحتها لم تأخذ حقها من التعليق على الإطلاق".
ونوه "قناوي" إلى أن "تعديلات قانون الإجراءات الجنائية جعلت من سلطة المحكمة رفض سماع الشهود بالنسبة للمتهم، وكان هذا واجبا قبل التعديل، ومن ثم فقد ضحى التعديل بأهم الضمانات التي استقرت في النظام القضائي المصري، وهو ما يعني فتح الباب لصدور أحكام جنائية لا تلبي الحد الأدنى من ضمانات الدفاع".
وأضاف: "كما أن التعديل جعل محكمة النقض درجة ثانية للأحكام الجنائية أو ثالثة إذا كانت جنحة، وهو أمر لا يمكن تطبيقه عمليا، لكون محكمة النقض محكمة واحدة في مصر، ومعظم أحكام الجنايات يتم الطعن عليها بالنقض، فضلا عن أحكام الجنح".
وذكر: "تطبيق هذا التعديل من الناحية العملية يعني أن محكمة النقض هي التي ستحكم في كل الجنايات تقريبا، حيث أن أكثر من 80% من الطعون يتم قبولها، ويترتب على ذلك أننا سنعمل في القضية أمام محكمة الجنايات بشرح أسباب النقض تمهيدا للحكم النهائي في النقض، فستصبح الجنايات مجرد جولة".
وأردف: "يترتب على ذلك أن محكمة النقض ستصبح مثل محكمة الجنح وملف الاستعلام عن بيانات الجلسة سوف يصبح 300 قضية تقريبا، ومحكمة النقض محكمة واحدة على مستوى الجمهورية، ومعنى أن تتصدى للحكم من أول مرة أنها تحولت إلى درجة من درجات التقاضي، ولكن تكدس القضايا بهذا الشكل أمامها سوف يترتب عليه ارتباك واضح وملموس في عملها، فعدد دوائرها لا يكفي للحكم في كل هذا الكم الكبير من القضايا في وقت واحد".
وأكمل: "إذا قررت محكمة النقض نقض الحكم وحُدد جلسة لنظر الموضوع سوف يعني هذا وجوب حضور المتهمين أمامها بجلسة الموضوع، فكيف يمكن من الناحية العملية نقل كل معتقلي هذه القضايا من كل المحافظات من أسوان لإسكندرية إلى محكمة النقض في وسط القاهرة؟ وكيف يمكن للأمن تأمين مثل هذا الإجراء في منطقة مثل وسط القاهرة؟ علما بأن محكمة النقض لا تنعقد خارج مقرها".
وقال: "في مقدمة دستورهم تم النص على استحداث نظام الاستئناف على الجنايات خلال عشر سنوات من صدور الدستور، ليصبح التقاضي في الجنايات على درجتين، بينما هم بهذا التعديل خالفوا الدستور بإلغاء درجة من درجات التقاضي في حالة النقض والإعادة بعكس ما يوصي به الدستور، وهو ما يجعل الحكم بعدم دستورية هذا التعديل حال الطعن عليه مرجحا".
وفي 26 نيسان/ أبريل الماضي، وافق مجلس النواب على مشروع قانون تعديل بعض أحكام الإجراءات الجنائية، وحالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وقوائم الكيانات الإرهاب والإرهابيين، ومكافحة الإرهاب، نهائيا بموافقة ثلثي أعضاء المجلس بالتصويت وقوفا، ثم سرعان ما صدق عليه "السيسي" في 28 نيسان/أبريل.