فاقم تقدم قوات النظام الأخير في أحياء دمشق الشرقية، وإغلاق المنافذ المؤدية إلى
الغوطة الشرقية المحاصرة أصلا، سوء الأوضاع المعيشية والإنسانية للأهالي في مدن وبلدات الغوطة.
فقد سجلت أسعار المواد الغذائية والمحروقات وتكاليف التحويلات المالية وسعر صرف الدولار ارتفاعا كبيرا.
منافذ الغوطة المحاصرة
ومنافذ الغوطة الشرقية التي كانت تخفف من وطأة
الحصار؛ هي عبارة عن منفذين؛ "الأول" هو معبر مخيم الوافدين، حيث كان النظام يسمح بدخول المواد الغذائية عبره إلى الغوطة بأسعار مرتفعة، كما كانت المواد تدخل أيضا عن طريق تاجر يطلق عليه اسم "المنفوش" مقابل أتاوات تدفع لقوات النظام.
أما المنفذ "الثاني"، فكان عبر حيي القابون وبرزة؛ الموقعين على اتفاق هدنة مع النظام، وكانت المواد الغذائية المتوفرة في الحيين تنقل عبر أنفاق تربطهما بالغوطة الشرقية.
الحملة العسكرية وإحكام الحصار
وفي 20 آذار/ مارس الماضي، أغلقت قوات الأسد معبر مخيم الوافدين (المنفذ الأول) ومنع التاجر "المنفوش" من إدخال أي سلع إلى الغوطة، بعد إطلاقها حملة عسكرية في 18 شباط/ فبراير الفائت؛ على حيي القابون وبرزة (المنفذ الثاني)، وتمكنت مؤخرا من التقدم في المنطقة والسيطرة على بساتين حي برزة ومنطقة حرستا الغربية وشارع الحافظ الواصل بين الحيين، وبالتالي استطاعت قوات النظام فصلهما عن بعضهما، كما أنه اكتشف أنفاقا؛ أهمها نفق الرحمة الواصل بين حي القابون والغوطة الشرقية.
الوضع المعيشي والإغاثي
وفي هذا السياق؛ يؤكد الناشط الإعلامي عامر الشامي، في حديث لـ"
عربي21"، أن "واقع الحصار اشتد كثيرا على الأهالي، فأسعار المواد الغذائية ارتفعت بشكل كبير وغير مسبوق"، مشيرا إلى أن بعض تلك المواد، ارتفع سعرها خمسة أضعاف، كالسكر مثلا الذي وصل سعره إلى 3500 ليرة للكيلوغرام الواحد، وبلغ سعر كيلوغرام الطحين 900 ليرة، والزيت 4000 ليرة. أما المحروقات فقد شهدت نقصا حادا، وسجل سعر اللتر الواحد من البنزين، إن وجد، 3500 ليرة، وفق الشامي.
وأضاف الشامي: "الحصار السابق، في سنوات ما قبل الحملة العسكرية الأخيرة، استنزف القدرات المالية لأهالي الغوطة ومدخراتهم؛ لأن السلع كانت تدخل إلى الغوطة بأسعار مرتفعة، أما الآن فقد أصبح الحصار مطبقا وفوق قدرة الناس على التحمل".
ويقول الناشط الإغاثي ومنسق فريق شباب الغوطة التطوعي، عبد الملك عبود، إن "إطباق الحصار انعكس على الأنشطة الإغاثية في الغوطة".
وأشار في حديث لـ"
عربي21"؛ إلى أنه "مع ارتفاع الأسعار الخيالي، ازدادت طلبات المدنيين من المؤسسات الإغاثية لتقديم المساعدة، والتي بدورها تمتلك مخزونا احتياطيا لمثل هذه الأزمات، لكنها لا تستطيع التصرف بشكل عاجل خوفا من نفاده، فهي لا تعلم إلى متى سيستمر هذا الحصار على الغوطة"، وفق قوله.
وأضاف عبود: "ارتفاع أجور الحوالات وسعر الدولار؛ كان لهما تأثير سلبي كبير، حيث ارتفعت نسبة التحويل من 2 في المئة إلى 20 في المئة، وقفز سعر الدولار بأكثر من 100 ليرة مقارنة بدمشق، ما اضطر الجهات الداعمة إلى التوقف عن تحويل الأموال، الأمر الذي أدى إلى توقف عمل المؤسسات الإغاثية بما فيها المسؤولة عن رعاية الأيتام وعائلات المعتقلين والمحتاجين في الغوطة".
يشار إلى أن أهالي الغوطة الشرقية الذين باتوا يعانون حصارا وأوضاعا إنسانية قاسية أكثر من أي وقت مضى، صاروا يخشون على غوطتهم من تكرار سيناريو الترحيل والتهجير؛ كما حدث في مناطق عدة بغوطة دمشق الغربية ومناطق سورية أخرى.