اتهم رئيس المكتب السياسي لمجلس مدينة تل رفعت، بشير عليطو،
الوحدات الكردية، بعرقلة
المفاوضات التي ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية للتوصل إلى
تسوية في ريف حلب الشمالي بين فصائل
الثورة السورية وبين الوحدات الكردية.
وتقضي التسوية المفترضة بانسحاب الوحدات الكردية من مدينة تل رفعت، وبلدات أخرى بمحيطها كانت القوات الكردية قد سيطرت عليها في الربع الأول من العام الماضي؛ بالتزامن مع تصدي
فصائل الثورة لاجتياح تنظيم الدولة لريف حلب.
وقال عليطو لـ"
عربي21" إن "الوحدات الكردية لم تقدم بعد إعلانها عن القبول بمبدأ الانسحاب أي شيء للنقاش، كما أنها لم تظهر بوادر حسن نية؛ لا ميدانيا، ولا حتى إعلاميا". وأضاف: "لقد وضعت الوحدات شروطا وتأويلات ومماطلات للتسوية، وتذرعت بوجود أطراف أخرى -مثل روسيا- في مدينة عفرين، لجعل الأمر مستحيلا؛ شأن كل المفاوضات في العالم".
ولم يستبعد عليطو أن يكون هدف الوحدات الكردية من الدخول في العملية التفاوضية "المراوغة وكسب الوقت؛ إلى حين تحديد مشاركتها في عملية مرتقبة في إدلب"، لافتا في الوقت ذاته إلى أن "المفاوضات ليست الخيار الوحيد الذي تمتلكه المعارضة".
وتابع: "نحن مصممون في المجلس العسكري لتل رفعت أن نعطي الفرصة الكاملة لنجاح المفاوضات، حقنا للدماء، وأملا في أن نرأب صدعا مجتمعيا تسببت به الوحدات باحتلالها مناطق محررة لم تكن تشكل عليها خطرا، ولم تبادرها باعتداء يستدعي تلبية رغبة للنظام وروسيا وقتل وتشريد الأهالي.. ولكن إن وصلت الأمور إلى طريق مسدود ولم تبدأ مراحل تنفيذ التسوية على الأرض قريبا، فالعمل العسكري هو البديل".
المفاوضات ستفشل
من جانبه؛ قلل العضو في المجلس الثوري الكردي السوري، أبو المجد كوملة، من احتمال نجاح المفاوضات، مشيرا إلى فشل جميع المفاوضات التي أجرتها "المعارضة" مع الوحدات الكردية منذ اندلاع الثورة السورية، كما حصل في أحياء الأشرفية والشيخ مقصود وبني زيد بحلب، وعفرين وأطمة في ريف حلب.
وأضاف لـ"
عربي21": "لا يصعب الحكم على فشل المفاوضات الحالية، فالوحدات الكردية لن تتنازل عن مناطق احتلتها بمساعدة الطيران الروسي، بدون مقابل كبير، وهذا المقابل لم يتضح بعد".
ورأى أن ما يجري هو "مجرد رهان من الوحدات الكردية على الوقت"، مؤكدا "قيام هذه الوحدات بالاستعدادات العسكرية لمؤازرة قوات النظام في هجومها على الريف الشمالي القريب من حلب".
وأوضح كوملة أن "الوحدات الكردية تحاول تفادي حدوث توتر عسكري مع المعارضة في منطقة درع الفرات، وذلك من خلال تحييدها لتلك القوات عبر المفاوضات، إلى حين انتهاء العمل العسكري الذي يهدف إلى فصل ريف حلب الشمالي عن الريف الغربي وإدلب".
مراوغة
وعلى الصعيد ذاته؛ عزا مصدر مطلع على سير المفاوضات "مراوغة" الوحدات الكردية إلى "استفادتها من الوجود العسكري الروسي في مدينة عفرين".
وقال المصدر لـ"
عربي21" مفضلا عدم الكشف عن اسمه: "في الأشهر الأخيرة عزز الروس من تواجدهم العسكري في محيط عفرين، وهذا الأمر قوى من شوكة الوحدات الكردية التي تتعامل مع جميع الأطراف الدولية بما فيها النظام".
وعلى عكس ما يشاع؛ رجح المصدر غياب الدور التركي في المفاوضات، مرجعا ذلك إلى "عدم توفر الرغبة التركية بالمشاركة بقوة في مفاوضات تهدف إلى تحقيق مكاسب صغيرة، قد يكون تحقيقها على حساب مكاسب كبيرة، كالسيطرة على الرقة وغيرها".
واستدرك: "لكن هذا لا يعني أن تركيا غير مهتمة بانسحاب الوحدات من هذه المناطق العربية، وقد يكون الانسحاب منها محسوما لديها، فهي تعلم جيدا أن الوحدات غير قادرة على مواصلة احتلالها لهذه البلدات".
واختتم المصدر حديثه قائلا: "قد تكون هذه الحسابات غير مفهومة لدى البعض، لكنها حسابات دول بسياسات يتم العمل عليها بعيدا عن الرغبات المحلية".
يشار إلى أن الوحدات الكردية في مدينة عفرين؛ تمكنت في مطلع شباط/ فبراير 2016 من السيطرة على مدينة تل رفعت التي تعد من أكبر معاقل فصائل الثورة في محافظة حلب، وذلك بعد خوضها اشتباكات عنيفة مع الفصائل التي كانت تتصدى للوحدات الكردية من الجهة الغربية، ولقوات تنظيم الدولة من الجهة الشرقية.