هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
توفيت "جميلة" بعد أن أكل الفقر كل جمالها.. توفيت ابنة تهامة الخصبة بعد أن جفت أرضها.. توفيت جوعا بنت مزارع النخيل والمانجو والشعير.. توفيت ابنة الساحل الذي يطل على كل العالم بعد أن ضاقت بها غرفتها، توفيت ابنة البحر ونسيمه..
في اليوم الأخير من مايو 2007 دوى الانفجار "الفضيحة" في صنعاء والتفت الناس غرباً إلى مخازن الأسلحة في كهوف جبل نقم المطل على العاصمة.. وقبل غروب ذلك اليوم كانت قيادات أمنية وعسكرية تطلب من زميل يجلس إلى جواري البحث عن صيغة تلفيقية لغسل تلك الفضيحة في وسائل الإعلام، فنسج الزميل كذبة تسرب مياه الأمطار
أعرف يقينا أن هناك قضية جنوبية عادلة، وتستحق النظر لها، والتوقف عندها، فهؤلاء شركاء في القرار والثروة وليسوا موظفين عند أحد، كما فعل بهم صالح، وحين آلت إليهم دفة الحكم تصرفوا بذهنية المنتقم، واعتقدوا أن خلاصهم سيكون من كل ما هو شمالي..
عاد "ولد الشيخ" إلى الرياض للقاء الرئيس هادي بمبادرة واقتراحات حوثية جديدة.. ولا أظن حتى اللحظة أن المبعوث الأممي قد أدرك حجم الهوة الفاصلة بين قيادة شرعية منتخبة وبين عصابة تمردت ودمرت قدرات الدولة.
خارطة التحالفات القبلية لصالح والحوثي تتآكل كل يوم، ليس بسبب انتصارات المقاومة وانكسار مليشياتها، ولكن بسبب حالة الرعب الذي عمله طيران التحالف، لقصف كل تجمعات وأماكن تأوي المليشيات وتسهل عبورها وتنقلها.
الانتصار الاستثنائي لأبطال المقاومة الشعبية في عدن قدم دفعات معنوية وفتح ثغور للنور في ليالي الحرب الحالكة، فهناك دالة حب بين الأرض والإنسان..
لا يمكن لأحد المجازفة بتبرئة صالح من كل جرائم اليمن، بدءا باقتحام المدن وقصف المستشفيات، وانتهاء بدعم القاعدة ورعايتها والوقوف وراء كل عملية قتل ودمار.. فحلفاؤه الحوثيون يدركون تماما أنه وراء مقتل الصحفي والقيادي الحوثي عبدالكريم الخيواني، وهو من اتبع الاغتيال بتفجير مسجدي بدر والحشوش.
كانت مقابلة الرئيس هادي، التي بثتها قناة العربية الاثنين الماضي، هادئة وصادقة، لرجل ترأس دولة، ثم استقال منها، وشهد إقامة جبرية في منزله، ثم فر من العاصمة صنعاء إلى عدن، التي ما تنفس فيها حتى لاحقته مليشيا الحوثي بسلاحها، وقصفت مقر إقامته بطيران الدولة الذي تستخدمه، وتحول إلى شريد، ورئيس من المنفى.
مع تعالي أصوات القذائف المنبعثة من الأرض، والمتساقطة من السماء، تأتي حسرات الأمين العام للأمم المتحدة قلقة فزعة لمآلات الأوضاع الإنسانية في اليمن، وربما كانت هي حسرات أمريكية/ إيرانية بقناعة مدفوعة.
عند منتصف ليلة الثلاثاء الماضي أوقفت قوات التحالف غاراتها على معاقل ميليشيات صالح والحوثيين نزولا عند هدنة إنسانية..
الآن انتظر اللحظة القريبة التي سيتم فيها تهجير هادي وعائلته.. وربما يكون مصيره أسوأ.
لا شيء يذكّر اليمنيين برئيسهم الانتقالي "المنتهية شرعيته" غير سيل برقيات التعازي التي لا تتوقف، وهذا مؤشر على حياة رجل..