هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يصبح التلاوم الآن عبثا ورفاهية وخبلا فقد انحاز كل جمع لأفكاره وتشبث بها، من انتحرت إنسانيتهم لن يستعيدوها ومن تصلبت أفكارهم وتجمدت رؤاهم سيظلون في نفس الجمود..
كتب كمال أوزتورك: في ذلك الصباح رن هاتفي بإصرار. كان المتصل هو مراسلنا في مكتب القاهرة لوكالة الأناضول كمال فيريك. قال لي بصوت مرتجف: "لقد حدث تدخل عسكري في ميدان رابعة وهناك الكثير من القتلى"..
كل هذه دماء مصرية طاهرة، وكل هذه مجازر حكم العسكر في مصر، حتى المجازر التي حدثت في عهد مرسي ... فالمسؤول عنها هم العسكر..
كشفت صحيفة "التحرير" المصرية النقاب عن أن اقتحام قوات الجيش والشرطة للعمارة المشهورة في ميدان "رابعة العدوية" بـ"عمارة المنايفة" أسفر عن مصرع نحو خمسمائة شخص، بينهم نساء وأطفال، كانوا قد احتموا بالعمارة من الرصاص والقنابل..
نشرت صحيفة "إلموندو" الإسبانية، تقريرا حول المجزرة التي اقترفتها سلطات الانقلاب في مصر، ضد المتظاهرين السلميين في ساحة رابعة العدوية، اعتبرت فيه ذلك اليوم "الأكثر دموية في تاريخ مصر الحديث"..
مع الذكرى الثانية لمذبحتي فض اعتصام "رابعة" دشن النشطاء المصريون ممن حضروا الفض والمنتقدين للمذبحة العديد من الهاشتاجات للتنديد بما ارتكبه النظام المصري إبان عملية الفض.
حصلت "عربي21" على صور أرشيفية أغلبها لم يسبق نشره من مذبحة "رابعة" التي ارتكبها النظام الإنقلابي في مصر يوم الرابع عشر من آب/ أغسطس 2013.
طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش، إلى إجراء تحقيق دولي بخصوص "مجزرة ميدان رابعة العدوية"، في مصر التي وقعت قبل عامين، وراح ضحيتها مئات المعتصمين المصريين، مشددة أن الدول الكبرى لم تفتح تحقيقا في الموضوع، كما ان سلطات مصر لم تقدم احدا للمحاكمة بسبب المجزرة.
مر عامان وأنا أبحث عن أسماء عشرات الشهداء من ضباط الشرطة والجيش الذين قتلهم الإخوان في رابعة لكي أعزي فيهم لكن الداخلية لم تكشف لي ولا اسما واحدا حتى الآن!
في الذكرى الثانية لفض اعتصامي رابعة والنهضة بالقاهرة والجيزة تستحضر آلاف الأسر المصرية ذكرى شهدائهم الذين سقطوا في أثناء عملية الفض الدموية الذي راح ضحيتها آلاف الشهداء.
قال منسق حركة 6 أبريل في بريطانيا هاني إسحق إن "دولة العسكر في مصر لا تتقن سوى قتل المعارضين"، مشيرا إلى أن ما فعله السيسي بعد انقلابه في الثالث من تموز/ يوليو 2013 كان مخالفا لما تم الاتفاق عليه بينه وبين القوى السياسية في مصر.
هناك من لم يشاركوا في ثورة يناير، وربما لم يكونوا مؤيدين لها، كانوا في "رابعة"، فقد كنا أمام حالة نقاء ثوري تتشكل وتمثل موقع فرز يميز الله به الخبيث من الطيب!.
الجرافات تتقدم وتجرف أمامها بعض الجثث وتتعالى الصرخات. عدة ساعات مرت وبدأ العدو ينهار، أصوات الصرخات تعلو أكثر، والضباط يصوبون أسلحتهم في بطولة نادرة إلى أجساد الجرحى.
وصف مؤسس حزب غد الثورة، أيمن نور، فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بأنهما "مجزرة ضد الإنسانية يندى لها الجبين"، وقال إن هذه المجزرة "شكلت حدا فاصلا في تاريخ الصراع السياسي في مصر".
حدث ما أراده النظام وخاف الناس فعلا، حدث ما أراده الإخوان وصارت إشارة الأصابع الأربعة رمزا، حدث ما توقعناه وصار الإرهاب المحتمل واقعا، لكن لا الأمن تحقق، ولا مرسي رجع، ولا من قُتل وهو يدافع عن أمل كاذب أو يحارب عدوا وهميا عاد.
لقد قام السيسي بفض رابعة والنهضة، فهل ماتت فكرة المناداة بسقوط حكم العسكر؟! يقينا لم ولن تموت، لأن درس التاريخ الأبدي والباقي: أن الأفكار لا تموت بالقوة أو الاستبداد، بل تكون مقبرة لكل من يحاربها، وصخرة عاتية يتكسر عليها المستبد.