هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رئاسة المجلس الأعلى تدرك الوضع الحرج التي تواجهه البلاد، والوضع المربك التي تواجهه هي ذاتها بعد سيطرة حفتر على الهلال النفطي، وتصريحاته وتصريحات القادة العسكريين الموالين له بأنهم سيتجهون إلى مصراتة وطرابلس قريبا.
هل سيصمد إجراء إرجاع المنشآت النفطية الحيوية لسلطة المؤسسة الوطنية للنفط، وهل سيكون ما وقع بداية لتحول إيجابي يعزز الوفاق ويقوي اللحمة ويقود إلى استقرار البلاد وانتعاش اقتصادها، أم إن الواقع ما يزال شديد التعقيد وقد ينذر بتأزم الوضع من جديد؟
لقاء مجموعة الحوار يمكن أن يكون عاديا وهامشيا ولا مخرجات قيمة له، أو أن يتخذ قرارات تصب في صلب معالجة المختنقات السابق الإشارة إليها، وهو الاحتمال الأضعف على أي حال.
ذهب البعض إلى أن لقاء المبعوث البريطاني لليبيا ببعض وجهاء المنطقة الشرقية وحديثه عن الدور التي لعبته بريطانيا في استقلال وتشكيل إمارة برقة في نهاية النصف الثاني من القرن الماضي إنما يدلل على الدور المشبوه لبريطانيا وفرنسا والذي يدفع باتجاه تقسيم البلاد.
القذافي لم يكن معنيا بالعمران المادي والبناء المعنوي، فالجميع يعرف أن حلمه وتفكيره الزعامي لم يكن محليا ولم يقترن بالتنمية والتحديث كما كان هوى زايد بن سلطان مثلا. فقد كان القذافي مهووسا بالزعامة الإقليمة والأممية وكرس طاقته وجزءً كبيرا من مقدرات البلاد في هذا الاتجاه.
إن احتواء الأزمات إنما ينجح في حال توافق الأطراف المحلية جميعها وعلى أساس تسوية شاملة وعادلة وقابلة للتطبيق، غير ذلك سيكون ما يجري حرقا للمراحل وترحيلا للأزمات.
على مستوى مشكلتي الكهرباء والسيولة لم يظهر أن حكومة الوفاق اتجهت إلى معالجة جذورها، ولا يبدو أنها قادرة على ذلك في ظل الأداء المتواضع للمجلس وللحكومة.
ارتفاع فاتورة المرتبات والدعم السلعي ودعم المحروقات في ظل الأسعار الحالية للنفط، يعني استنفاد الإيرادات المتاحة، وبالتالي عدم إمكانية توحيد سعر صرف الدينار الليبي في السوقين الرسمي والموازي.
ما يضع المراقب في دائرة الحيرة حول دوافع الاتجاه التصالحي، أو ما يبدو أنه تصالحي، هو أنه يأتي في ظل قطيعة واحتراب واعتقاد راسخ لدى كل طرف بأن بقاءه مرهون باستئصال الآخر، وهو ما يجعله في نظرنا قابلا للتفسير وفق سيناريوهين متناقضين تماما، وذلك حتى ينجلي الغبار وتتضح الرؤية.
إذا وقع التوافق وتم التحرك بقوة على المسارين الأمني والاقتصادي فإن أي مستوى من الانتعاش سيقابل بارتياح وتعاون من قبل الرأي العام.
من ضمن ما كتبته عن الدعوة لتبني النظام الفدرالي في العام 2012 أن تكريس هذا الاتجاه وتبني هذا الطرح سيكون له أثر سلبي في ظل البيئة السياسية والاجتماعية في "برقة".
الحق ضائع في ظل هذه الصراعات، والمصلحة هي المغلبة، وإن الحق قابل للتمطيط والكبس بالقدر الذي تقتضيه المصلحة، وهي ليست مصلحة العامة، بل هي مصالح جهوية وقبلية وفردية.
كتبنا في مقال سابق عن مشكلة السيولة والحل المطروح وهو طباعة كمية إضافية من العملة المحلية، وتطرقت للجدل الذي دار حول صلاحية العملة التي أشرف على طباعتها المصرف المركزي بمدينة البيضاء، حيث أصبح لكل برلمان وحكومة مصرفهما المركزي.
الخلافات السياسية بالقطع لها تداعيات عدة من بينها الآثار الاقتصادية التي عادة ما تكون الأكثر حدة وخطورة بعد التداعيات الأمنية. طرفا النزاع لجأا إلى توظيف ما يتاح لهما من أدوات لتعزيز موقفهما وتثبيت موقعهما والبحث عن مكاسب جديدة.
عكست مختلف استطلاعات الرأي حول علاقة الدين بالسياسة التي أجريت خلال الأعوام الخمس الماضية في ليبيا الأهمية التي يتبوأها الدين في حياة الناس، وغياب الفصل بينه وبين السياسة لدى شريحة واسعة منهم، إلا بنسبة محدودة يمكن التسليم بها في ظل المعطيات التي استجدت عقب فبراير 2011.
درنة لن تشهد استقرارا إذا لم تقع مكاشفة وحوار بين أبنائها، حوار يسوده الثقة وتظلله الرغبة في تخطي مزيد من الاحتراب ليكون لسان حال حكمائها وعقلائها لا لحرب جديدة مهما كانت المبررات.