هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لم يجمع أفراد هذه الأمة على عدالة قضية ودعم ثورة ونصر شعب شقيق بصدق وإخلاص نادر المثال، والتضحية في سبيله بالمال والرجال والأقوال والأفعال مثلما وقف الأشقاء العرب مع الشعب الجزائري طوال سنوات ثورته الجهادية من بدايتها إلى نهايتها المشرفة له ولها، وهو ما نخصص له هذا المقال المناسب في الوقت المناسب؛ إحقاقا للحق وإنصافا للتاريخ واعترافا بالجميل لأهل الفضل من الأشقاء، مقارنة وقياسا للماضي القريب على الواقع الحاضر بين خذلان فلسطين وسوريا ونصرة الجزائر.
هشام الحمامي يكتب: الله قدر أن يخرج من مدرسة الأفغاني، وعبر طريقها الطويل من تكون له الصيحة الهادرة التي ستُسمع المشرق، وكل المشارق في كوكب الأرض.. إنه "طوفان الأقصى"
الجهاد في الإسلام من الفروض الكفائية عند جمهور أهل العلم، ومعنى هذا أنه إذا قام به من يكفي في دفع غائلة الأعداء ونصر الإسلام سقط عن الباقين، ولا يكونون آثمين، وإن لم يقم به من يكفي أثمت الأمة كلها، ولا يرتفع الإثم إلا بخروج من فيهم الكفاية..
لم يعرف التاريخ -في عِلْمِنَا- ثورة ذات أبعاد عالمية وطابع إسلامي (تحرري، جهادي) غيَّر الكثير من المفاهيم في العالم (مثل طوفان الأقصى في فلسطين حاليا)، وكان سببا في تحرير شعوب كثيرة، وتقليص رقعة مستدمرات في بعض القارات. مثل نتائج الثورة الجزائرية التي ضربت الرقم القياسي في التضحيات، وعدد الشهداء الذي أصبح عَلَما تعرف به الجزائر عالميا بين الدول، بأنها بلد المليون ونصف المليون شهيد.
إن المجتمع لا يهمش المتميزين فيه فحسب، بل إن السلطة القائمة عليه تقوم بذلك أيضا خلافا للقوانين المعمول بها في البلاد. وآية ذلك التوظيف في المناصب العمومية، القائم على المحسوبية والرشوة في أكثر الأحيان، وإن تظاهر المشرفون عليه بالنزاهة والشفافية..
طوى الزمن بقدرة الله تعالى سيرة الجزار غراسياني، الذي اعترف في نهاية مذكراته بأنه لا يمكنه وصف ما ارتكبه من تنكيل وإجرام ضد الشعب الليبي، من سفك الدماء وهتك الأعراض، إلى التشريد والتجويع والقتل والنفي، حيث قال: "لقد أدى هذا الوضع إلى نزوح الكثير من الأهالي إلى مصر وتونس والسودان، تاركين خلفهم أهلهم وذويهم...
صحيح أن للإنسان علاقة بالمكان تقبل الاعتبار أصلا لقيام الإنسان العضوي لأن كل كيانه المادي مستمد هواؤه وماؤه وغذاؤه ودواؤه ومناعته العضوية من الطبيعة لب الثروة (بمفعول الزمان والتوارث العضوي) وهو لا يستطيع أن يعيش لحظة واحدة من دون أولها..
يقول فانون في خاتمة كتابه (المعذبون في الأرض): "إذا أردنا أن نحيل إفريقيا إلى أوروبا جديدة وأن نحيل أمريكا إلى أوروبا جديدة كان علينا أن نعهد بمصائر بلادنا إلى أوروبيين.. فمن أجل أوروبا، ومن أجل أنفسنا ومن أجل الإنسانية، يجب علينا يا رفاق، أن نلبس جلداً جديداً، أن ننشئ فكراً جديداً، أن نحاول خلق إنسان جديد"..
في هذا الكتاب الجديد الذي يحمل العنوان التالي: "إفريقيا أفقًا للفكر في مساءلة الكونية وما بعد الكونية"، المتكون من عدة دراسات متنوعة عن مرحلة ما بعد الكولونيالية، ويتضمن حوالي 222 صفحة من القطع الكبير، وصادر عن دار معنى للنشر و التوزيع في عام 2021، هذا الكتاب عبارة عن قراءات متقاطعة لمجموعة من القضايا التي تهم الفكر والواقع السياسي في افريقيا..
عن اختلاط الأنساب والأعراق في الجزائر داخل بوتقة الإسلام وثقافته الربانية إيمانا وإنسانا ولسانا، يقول الإمام ابن باديس؛ "إن أبناء يعرب وأبناء مازيغ وحّد بينهم الإسلام منذ بضعة عشر قرنا، ثم دأبت تلك القرون تمزج بينهم في الشدة والرخاء، حتى كونت منهم منذ أحقاب بعيدة عنصرا مسلما جزائريا، أمه الجزائر وأبوه الإسلام".
إذا كان الاحتلال معروفا لدى القراء اصطلاحا وسلوكا كواقع الجزائر بعد الغزو الفرنسي سنة 1830 وواقع فلسطين منذ الانتداب وتطبيق وعد بلفور المشؤوم حتى الآن، فإن المصطلح غير المعروف وغير المألوف هو "الاستحلال" ولذلك وجب توضيحه ابتداء ليعرف القراء ملامحه حتى لا يلتبس عليهم أمره مع الاحتلال والإستقلال!؟!؟
إذا كان العدل هو أساس الملك، فإن الصدق هو أساس الثقة، والثقة هي أساس التلاحم بين الأفراد والجماعات، وهي أساس التضحية أيضا، لأن من لا تثق فيه لا تضحي معه، فضلا عن أن تضحي من أجله!
الإيمان والعمل من التكامل في الحياة بحيث يكونان وجهين لعملة واحدة، وهما أشبه في ضرورة التلازم بالقطب السالب والقطب الموجب في الطاقة الكهربائية، حيث إن ملايين الأقطاب السالبة أو الموجبة (منعزلة بعضها عن بعض)، لا تحدث طاقة تذكر، بينما يحدثها التقاء قطبين اثنين فقط من الأقطاب السالبة والموجبة.
لا غرابة في ذلك أن تجد الفرق بين أبناء باديس وأبناء باريس حرف واحد، بل وبين التعريب والتغريب نقطة واحدة قد تمثل وقفة ذبابة عابرة على صفحة كتاب أو خطاب، ولكنَّ وراء تلك النقطة في واقع الأمر قرونا من البناء الحضاري وبحارا من الدماء وجبالا من الأشلاء والشهداء!
لقد استعمل الفرنسيون طوال الحرب العالمية الثانية كل وسائل الخداع والمناورة والمماطلة إلى حين انتصارهم، فظهروا على حقيقتهم إثرها ليرتكبوا أضخم مجزرة في تاريخ الاستعمار، عاش أحداثها ملايين الأطفال والشباب، ومن هؤلاء الشبان مؤسسو "جبهة التحرير الوطني" الذين كانوا يتقدون حماسة ووطنية في ريعان شبابهم..
إذا كانت أيام الشباب لدى الكائن الإنساني تمثل أقوى وأغلى أيام عمره المديد، إذ بها وفيها يتقرر مصيره، وعليها يتوقف ـ غالبا ـ نجاح أو فشل حياته المستقبلية، فإن الشبيبة من الأمة هي بمنزلة فترة الشباب بالنسبة لحياة الفرد، فهي عصبها الحساس، وطاقتها المحركة والدافعة إلى تحقيق الأهداف المأمولة لها في الوجود بين الأمم.