هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رغم تعبير برنامج حكومته وأولوياتها عن الانتظارات المشروعة للتونسيين، ورغم تقديم نفسه باعتباره رئيس حكومة الانتقال الاقتصادي والاجتماعي، فإن كلمة السيد الفخفاخ قد جاءت خالية من العديد من الرسائل التي تطابق تسمية حكومته وتقوّي معنيي الوضوح واستعادة الثقة.
ندد قادة الأحزاب التركية، بالقصف الجوي الذي طال الجنود الأتراك في إدلب، ما أدى لمقتل 33 جنديا، وإصابة 36 آخرين.
الجميع كانوا يفاوضون وبين أعينهم خارطة المشهد اقتصاديا وأمنيا. كان الجميع يتكلم عن مخاطر "انفجار اجتماعي" بسبب ظروف العيش الصعبة وواقع البطالة، أيضا بسبب التوترات الأمنية في الجارة ليبيا..
لا توجد حكومة ائتلافية مثالية، لكن تشكيلها بهذه الروح والصيغة كان ضروريا لضمان حد أدنى من روح الإصلاح التي تحتاجها البلاد والعباد
هذا الكبر السياسي استهدف في ظاهره حزب النهضة لحرمانه من موقع متقدم في قيادة الدولة معادل لحجمه البرلماني، أي حجمه في الشارع أو في الصندوق الانتخابي. لكنه في النتيجة أضرّ بالبلد وبالتجربة الديمقراطية
بصرف النظر عن امتداداتها الإقليمية ورهاناتها السياسية، فإن المسألة الطائفية في تونس هي في جوهرها لحظة من لحظات الصراع الهوياتي المعبر عن عدم اكتمال شروط المواطنة فكريا وموضوعيا، كما أنها تعبر عن غياب أي مشروع وطني جامع تذوب فيه الاختلافات الدينية أو الطائفية أو الأيديولوجية
لقد اختصر الحزب، وربما شق من قيادته، الطريق إلى المكاسب، وفكر ضمن خطة كلاسيكية بإمساك وسائل التغيير الفوقي لفرض الخيارات ليست بالضرورة ديمقراطية ولا شعبية، وهذه هي أمراض كل النخبة التونسية التي تتشرب روح بورقيبة ومنهج ابن علي
نتقال الاقتصادي- الاجتماعي، ومعه استكمال الانتقال السياسي وإرساء مؤسساته، سيبقى مرتهنا للمنظومة القديمة، وما يحكمها من مصالح مادية ورمزية مرتبطة بشبكات "الفساد" ولوبيّاته السياسية والمالية والنقابية والجهوية
لا وقت للشعب التونسي للفرجة، فقد زهد في الأمر وانصرف يتدبر أمره بلا حكومة. وفي تدبيره كثير من الحيل الفردية التي لا تعتمد القانون دوما، لذلك نكتب بكثير من الألم رغم أن الفرجة ممكنة
وهكذا نصل إلى مشهد ملغوم من كل النواحي فلا أحد يثق في أحد، ولا أحد يريد لأحد أن يغنم سياسيا من الحكم. وفي هذه الأجواء لا يجد الفخفاخ طرقا سالكة رغم وجود خيّرين يعملون في الظل ويجسرون الأخاديد بين الأحزاب. فهل ينجح الفخفاخ في بناء حكومته وبدء العمل؟
الخطوات السياسية الجارية حاليا تهدف إلى اختراق البرلمان والحكومة، ومحاولة إرساء ميزان قوى واضح يفصل بين من هو مع الرئيس ومن هو مضاد له ولمشروعه المسكوت عنه في هذه المرحلة
فشله في تشكيل الحكومة يعني مبدئيا الذهاب إلى انتخابات تشريعية مبكرة، أما نجاحه في مهمته فهو مرهون بتوازنات ومصالح متضاربة قد يصعب التوفيق بينها إلا بالتضحية ببعض الشركاء المحتملين
ناك طريق ثالث بين الاستعراض الثورجي الكلامي والموافق الحدية، والتطبيع والتوافق الشكلي، وهو تأدية الأمانة والإصلاح. وتعيين إلياس الفخفاخ مسنودا برئيس يتمتع بشعبية استثنائية يمكن أن يكون منطلقا لذلك
هامش حركة الفخفاخ واسع لجهة اختيار طاقمه، وليس عليه أن يقع في مماحكات حزبية أو اعتبارات فئوية. وننتظر اختيارا شجاعا وخطابا حاسما وبرنامجا واضحا، يبدأ من إصلاح الإدارة، حيث يعشش الفساد وتحميه النقابات
قد يكون من الصعب التنبؤ بمآل المشاورات التي تهدف إلى تشكيل حكومة قبل مضي أربعة أشهر من التكليف الأول (أي قبل أن يكون للرئيس الحق دستوريا في حل البرلمان والدعوة لانتخابات تشريعية مبكّرة)، ولكننا لا نستبعد أن يمارس الرئيس ذلك الحق الدستوري في حال فشلت الأحزاب في حل أزمتها وتشكيل حكومة
الذين أسقطوا حكومة الجملي أسقطوا أنفسهم أمام حكومة الرئيس التي دفعوا إليها، فإذا هم يدخلون المرحلة الجديدة بلا سند ولا قوة، وخصمهم اللدود يناور بكل قوته وتماسكه الداخلي..