غسان شربل يكتب: الغارة الإسرائيلية على منطقة المزة في دمشق بالغة الخطورة والدلالات. هل قرَّرت إسرائيل استدعاء إيران إلى حرب لا تستطيع الولايات المتحدة إلا الانخراط فيها؟ هل يعتقد بنيامين نتنياهو أن لا مخرج من المأزق الحالي غير توسيع النزاع على رغم مخاطره وأثمانه؟
حين غزت القوات العراقية الكويت، اتصل العاهل الأردني الراحل الملك حسين بالرئيس صدام حسين متمنيا عليه سحب قواته والعودة إلى تسوية الخلافات عبر التفاوض. وجاء رد صدام: «لقد تمادوا وتلزمهم فركة أذن». حاول الإيحاء أنها مجرد «عملية تأديب»، لكن التطورات اللاحقة أظهرت أنها أكبر وأخطر. أطلق الغزو العراقي زلزالا سرعان ما ارتد على العراق نفسه، وجاءت النتائج معاكسة تماما لما تمناه من أطلق الزلزال.
أراد فلاديمير بوتين المجروح إطفاء التمرد في مهده. القنابل التي ألقاها بريغوجين تثير أسئلة صعبة، أخطرها حول مشروعية الحرب في أوكرانيا، واستنادها إلى تقارير كاذبة على حد قوله.
روسيا القوية في مأزق. تشبه ملاكما كبيرا اختار منازلة ملاكم أصغر منه، ويتعذّر عليه إنهاء الجولة وإعلان انتصاره. والغرب في مأزق. انتصار روسيا أكبر من قدرته على الاحتمال. وإلحاق الهزيمة بروسيا أكبر من قدرة العالم على الاحتمال. روسيا المهزومة في أوكرانيا أخطر من روسيا المنتصرة فيها. هزيمة بوتين قد تدفعه إلى توسيع الحرب أو تقريب شفتي العالم من كأس مواجهة نووية. وأحيانا عليك إنقاذ خصمك بعد منعه من الانتصار والاحتفال.
لبعض المدن أسلوبها في إيفاد الرسائل. تحرص على تحريض الصحفي الزائر على التمهّل في تصديق كل ما سمعه من صاحب القرار ومعارضيه إذا وُجدوا. كأنها تعلن أن موعدها الحقيقي مؤجَّل باستمرار. موعدها مع الدولة الطبيعية والمؤسسات وحكم القانون والتنمية الحقيقية، وكنت أتوهّم تلقي هذا النوع من الرسائل حين أنام في صنعاء أو بغداد أو الخرطوم، وكثيرا ما راودني إحساس أن الخرطوم تنتظر نزول الليل لتواري أحزانها في النيل، تماما كما كانت بغداد تدسّ أوجاعها في دجلة.
يعيش العالمُ على توقيت الكرملين. قرارات سيدِه تترك بصماتِها على أمن سكانِ الكوكبِ وأسعارِ الطاقة والحبوب. ويتَّفقُ الخبراء أنَّ سنة ثانية من الحرب الروسية في أوكرانيا ستكون كارثية بالنسبة إلى العالم. إعلان فلاديمير بوتين نشرَ أسلحةٍ نوويةٍ تكتيكية في بيلاروسيا..
لا تلصق دموعَك على زجاج الأمم المتحدة. المبنى كئيبٌ وهيبتُه ركام. لا ضماناتُه تضمنُ ولا ضمَّاداته تشفي. تعرض في القرن الحالي لضربتين قاصمتين، وها نحن في الغابة، إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب.
يجد الغرب صعوبة بالغة في فهم الزعماء الأقوياء الذين يولدون من قواميس لا تتطابق مع قاموسه. يتعذر عليه إدراك السبب الحقيقي لصعودهم والخيوط التي تربطهم بجمهورهم. يجد صعوبة في فهم تطلعاتهم الحقيقية ومراميهم البعيدة.
خدَعَنا العالم. توهمنا أنه تعلم. من حربين عالميتين. ومن انهيارات أصغر لا تقل وحشية. ومن المقابر الجماعية. والشعوب الهائمة المقتلعة من جذورها. ومن حطام الدول والجيوش والمدن. من النعوش العائدة ولوعة الأرامل والثكالى. ومن عيون الأيتام. ومن الميزانيات الهائلة المبددة على أحلام المتهورين.
يقف العالم مذهولا أمام منعطف خطر لم يَشهد مثيلا له منذ عقود. لا مبالغة في هذا الكلام. عادت الحرب إلى القارة الأوروبية وعلى يد دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن.
يحدث أن يتوقف مصير دولة وشعب على قرار يتخذه الرئيس. نعرف نحن أبناء الشرق الأوسط الرهيب هذه القصة، ونعرف أن زمن دولة المؤسسات ليس قريبا ولا يلوح في الأفق، وأن مصير الناس معلق أحيانا على إرادة الرجل القوي الذي يعتبر أن البرلمان والدستور والجيش مجرد عاملين في مكتبه ورهن مشيئته..
في الليل وقف وحيداً أمام الخريطة. التكليف الحاسم لا يصدر عن الناخبين. إنه تفويض من روح الأمة التي تنتظر رجلاً قوياً لتعلق عليه همومها وآمالها. كلّفه التاريخ العميق مهمة، ولن يتردد في تأديتها. هذه سنة حاسمة في مسيرته..
ظهور متحورٍ جديدٍ من «كورونا» لم يكنْ مستغرباً. سبقَ للعلماء أنْ حذَّروا من ذلك. واستخدموا هذه الذريعةَ في محاولة إقناع الخائفين والمترددين والتائهين الذين يعتبرون دفعَهم إلى تلقِّي اللقاح نيلاً..
قال: «إذا أردتَ فهم الوضع العراقي على حقيقته، لا بد أن تتذكَّر أنَّ الأمر يتعلَّق ببلد كان دائما قلقا أو خائفا، ولم يذق -خصوصا في العقود الماضية- طعمَ الحكم الطبيعي». وأضاف: «العراق خائفٌ في الجغرافيا لأنَّه محشورٌ بين دولتين أقوى منه، هما إيران وتركيا، ولأنَّ علاقاته مع سوريا والأردن كانت دائما