كتاب عربي 21

الثورة قلبت الأوتوماتيك تاكسي!!!

1300x600
العم أحمد السواق، كان لديه لانسر أوتوماتيك، شقا العمر، والتحويش، باشا، يشتغل مع الفنادق، توصيل سياح، ليموزين، دخل شهري يتعدى العشرة آلاف جنيه، كما يقول، ربما أكثر، خايف من الحسد، وربما يبالغ، خايف من إيفيهاتي، الحاصل، الحال وقف، جاءت الثورة، انضربت السياحة، الزبون قل، الحال توقف، الدخل خس النصف، استمر في النزول، وصل لألفي جنيه، بات عاجزا عن سداد أقساطه، قسط العربة، جهاز البنت، مصاريف البيت، قرر يقلبها تاكسي، أوتوماتيك، وتاكسي، يا "بتوع" الثورة، يا كفرة، الله يخرب بيوتكم!!!

أكثر من مرة، أناقشه، وتقلب بخناقه، أوتوماتيك، جاء مرسي، استبشر خيرا، انتخبه، جماعة قوية، ستحمي البلد، الجيش معهم، بعد قليل، السيسي معهم، ربنا يسهل، "اتلموا بقى"، أنت رحت الاتحادية؟ لا، جدع، إلا أن شيئا لم يتغير، موجة فوق، وعشرة تحت، الأمن يقل، الداخلية تعمل ضدهم، (يخبرني: شفتهم بعيني)، يشتم مرسي، أسأله: مش بتقول الداخلية بتشتغل ضده؟ يجيب: أيوه يا عم، ملعون أبوه، مش قادر عليها ما يشيلهاش، ويلبسنا معاه، هي عايزه عسكري، مافيش غير عسكري، شفيق، هو شفيق اللي هيظبطها..

رحل مرسي، ولم يأت شفيق، جاء العسكري الأزرق، عم أحمد، فوض، تشفى في المتعاطفين مع الإخوان، وشتم، عاد مكتئبا يوم فض رابعة: كان عندي مشوار في زينهم، شفت الجثث مرمية على الأرض، ومتغطية بالجرانين، أكوام، كأنهم دبايح، الدم متجلط، تخاف تشيل واحد لحمه يطلع في إيدك، والأهالي بتموت جنب عيالها، حرام، ده كفر، كفر، كانوا مشوهم بأي طريقة، كانوا غوروهم في ستين داهية من غير دم، ماعرفتش أكمل اليوم، وصلت الزبون ورجعت، ثلاثة أيام في البيت، مغموم.... بكى مرة، لكنه لم يفهم بالضبط ماذا ينبغي له فعله!

لم يترك فرصة للفرح المزيف إلا وفعل، المؤتمر الاقتصادي، التفريعة وتفريعاتها، العاصمة الجديدة، كله،  كل "نصبة" نصبها السيسي كانت تحمل له أملا في عودة الأوتوماتيك، إلى سابق مجدها، لكن دون جدوى!!!

السياحة تنهار، الجنيه في النازل، السياح يقتلون في مصر، الموضوع لن يمر على خير: العالم دي عايزه إيه، والمصحف أنا ساعات باحس إن السيسي ده إخوان، إزاي؟ يا عم ده بينتقم لهم مننا أكتر ما هما بينتقموا لنفسهم، هما لا مؤاخذة آخرهم إيه يعني، مظاهرة ولا خناقة، ولا شويتين الاونطة بتوعهم، يغوروا، إنما ده كل يوم يعمل مصيبة أسخم من أختها، الله يولع فيه بغاز!!!

يصرخ على القهوة مع حجرين الشيشة، ويزعق، وينادي على سيد المخبر، الذي لم يكن يوما مخبرا لولا أنه يشبههم، ويقول له قل للسيسي بتاعك (..)، ويقوم!!!

في يوم اختفى، لم يأت، تصورناه كسل، لم يأت اليوم التالي، ولا الذي يليه، خمسة أيام، بدأت الإفيهات، اختفى قسريا، حد يشوفه يا جماعة، سيد المخبر أخذ نصيب الأسد في التحفيل، اتهموه بالإبلاغ عنه، أعجبته، سايرهم: بلغت الباشا، عشان يبقى يشتم الرجل الكبير قدامي، السيسي عمهم وحارق دمهم، ضحكنا، ثم توجسنا، الرجل لا يأتي، خالص، التاكسي لا يركن تحت البيت، لم يزره أحدنا يوما في بيته، لا نعرف جماعته، نخبط على الناس من غير إحم ولا دستور؟، لا يصح، وبعدين؟؟؟!!

بعد صلاة الجمعة، لقيناه قاعد على القهوة وطالب شاي على غير عادته، سألناه، لا يرد، نكت، لا يرد، كنت فين؟ هاكون فين يا جدعان، خيالي اشتغل، سألته وفي دماغي أكثر من سيناريو كلهم يدور حول الشرطة، والباشا، والضرب، والتعذيب، لم يحدث شيء من هذا، كان في قريتهم، حالة وفاة، ولماذا تأخرت خمسة أيام؟ أبدا، حال الناس لا يسر، ثلاثة من أقاربي جاؤوا وقبضوا عليهم، بتهمة التعاطف مع الإخوان، هذا هو اسم التهمة، وكيف عرفوا أنهم متعاطفون؟ لا أدري، هم إخوان؟ أبدا، تبليغ ودعوة، يخرجون في سبيل الله، يدعون الناس للصلاة والصوم، وترك الدنيا، وطول عمر الحكومة تحبهم، وإيه اللي حصل؟ سألهم واحد بعد الصلاة: يرضيكم ما يحدث في البلد؟ فقال أحدهم: ربنا يصلح الأحوال، وقال الآخر: والله افترا يا أبو فلان بس هنعمل إيه، مفيش في إيدينا حاجة، ليهم ربنا، يسويها من عنده، أخدوهم ليلتها.

الناس في القرية انقسموا حول أقارب عم أحمد، أغلبهم شايف إنهم غلطانين: لماذا لا يصلون مثل الناس وينصرفوا؟ لازمتها إيه قعدة بعد الفجر؟ قرآن وذكر ودعاء، والله أعلم بيقولوا إيه لبعض، ما تقرا في بيتك يا عم الحاج، لازم الجامع يعني؟ أهو ولاد الحلال بلغوا عنهم، وخدوهم، يعملوا إيه عيالهم دلوقتي؟!!!


- أخبار الأوتوماتيك إيه؟

- هبيعها!!


- ليه بس

- هسافر ....