قضايا وآراء

إشكالية التدافع الإيراني – التركي في المنطقة

1300x600
انطلاقا من البحث عن الحلول، لا نريد بتاتا صورة الاعلام الإسرائيلي والغربي، الذي يصف المنطقة العربية، بمثابة منطقة للتدافع الإيراني - التركي عليها، وأن العرب مجرد منتظرين لمصيرهم. لذلك نبدأ بالقول، إن هناك بالفعل اشكالية في السياسة، لا بد من معالجتها، ومنع عملية انهيار شامل للأمة، وهذا يعني أن المشكلة تكمن في طبيعة تعريف هذا التدافع، فهو وفق الصورة الاسرائيلية إنما يعني بقاء إسرائيل كضمانة للمنطقة، ويعنيها تماما استمرار تأجيج الصراع العربي، ونقل المسألة السورية من جانبها السياسي إلى جوانب طائفية وغيرها، ما يعني بالضبط، أن طبيعة الأمة، ومكونها الثقافي يحمل اشكالية داخلية، يعيدها في هذه اللحظة التاريخية إلى نقطة الصفر، والتي عليها أن تنطلق منها من جديد، لإعادة تشكيل بنيتها السياسية والاجتماعية مستخدمة منطق الفرز الطائفي والعرقي المقيت، ما يسقط عنها عمليا - طابع الأمة- الذي اكتسبته بهذا النسيج المتعدد.

أظن أن هناك إشكالية كبيرة تعززها الجغرافيا على الأرض، فهناك على سبيل المثال تنظيم الدولة الاسلامية، الذي هو هادم للحدود، عابر للثقافات، قادر على اكتساب قوة من صميم المجتمعات التي تعيش مساحة واسعة من الحرية، وقادر أيضا على اكتساب جمهور من المحيط الجغرافي البائس، نتيجة الاستبداد والقهر.

وهناك أيضا إشكالية الفهم السياسي للمنطقة، والدور الاقليمي الذي يريد تحديد هوية قيادة المنطقة، فمسألة استمرار تنظيم الدولة بهذه الطريقة، سوف تعزز من تحويله إلى قوة اقليمية داخل مستطيل صحراوي، لكنه مؤثر جدا على عموم المنطقة، إذا ما تجاوز جغرافيا محددة جنوبا.

وهناك الرؤية الايرانية للمنطقة، والتي تعتبر أن حربها في سوريا والعراق واليمن هي جزء من العمق الاستراتيجي لإيران، وأن ضمانة إيران كقوة اقليمية تتعلق بمعادلة انتصار عسكرية حاسمة، أو عملية تفاوضية هي شبه مستحيلة، يمكنها أن تقف هذه الحرب.

وهناك الرؤية التركية التي تقوم على أساس فكرة الشريط الأمن، أو المنطقة الآمنة، وهذه تعني بالضبط، تحقيق الأمن القومي التركي، من خلال مساحة جغرافية محددة، تدفع الخطر عن الأرض التركية جنوبا، لكن هذه الرؤية لا توقف الحرب في داخل سوريا بشكل نهائي.

ليس هذا فقط، بل يمكن اختصار مشهد الصراع العربي الداخلي، والصراع الخارجي حول الوطن العربي، كله يستثني إسرائيل من المواجهة، أو يعمل على تأجيل الصراع معها، وهو جوهر الاشكالية التي كانت طوال العقود الماضية، وجوهر أزمة الحاضر، والمستقبل.

لا يوجد هناك في المستقبل القريب أو البعيد أي عملية مواجهة بين تركيا وإيران، أو حتى بين أمريكا وأي دولة في المنطقة، وكل ما على الأرض، مجرد عملية تآكل طبيعي داخل البيئة العربية، وهذا التآكل كان دائما يستدعي تدخلات خارجية لمعالجته، وفي هذه المرة، هل ينجح العرب في انهاء هذا التآكل؟؟

هل ينجح العرب بإحداث تحولات تمنحهم قدرة عالية على اعادة اعتبارهم في حركة التاريخ، أم سيبقون وسط دوامة التآكل؟؟ هنا المسألة.