إذا كان الزمان غير الزمان فالإنسان هو الإنسان وفريضة الدفاع عن
النفس والأرض والعرض لا تسقط عنه إلى يوم الدين. وسنة التدافع بين الناس
والحضارات والقيم تجعل دوام الحال من المحال ولو دامت للأولين لما دانت للآخرين!؟ وأن الكيل بمكيالين
في حقوق الإنسان من القائمين على مجلس الأمن المخيف هو سبب كل الخلل في المعايير
والموازين وهذا الدمار المبين..
وفي
تاريخ الحروب والثورات التحريرية العظمى دروس للمعتبرين وأن
الذكرى قد تنفع حتى البغاة والعصاة
والطغاة فضلا عن المؤمنين!!
وبمناسبة إحياء
الجزائر للذكرى التاسعة والستين لثورة القرن العشرين بدون منازع في الفاتح من تشرين الثاني (نوفمبر 1954) وربطا
بما تصادفه إحياء هذه الذكرى من أحداث جسام جارية في الساحة والساعة الدولية عرفنا
إرهاصات بدايتها ولا نعرف نهايتها بعد.. نود أن نذكر المعتبرين بدروس التاريخ الحي
الذي عشناه في هذه الثورة لحما ودما وجهادا و"استشهادا" لما يزيد عن
السبع سنين مماثلة لما يراه العالم على المباشر يوميا من أهوال الحرب غير المتكافئة بين الحق والباطل في معركة
الأحزاب الثانية في فلسطين الحالية والتاريخ بيننا يبقى دائما الشاهد الأمين على
المحسنين والمسيئين والظلمة والمجرمين وأصحاب الحق المغتصب الذي لا يسترجع إلا
غلابا وافتكاكا باليمين وتلك هي سنة الله في الأولين والآخرين.
تأتي ذكرى هذا العام مشحونة بكثير من الآلام المبرحة والآمال العريضة
في الوقت ذاته وهي تصادف قمة الثورة الجهادية الوريثة الشرعية لها في معركة الأقصى
بشقيقتها الصغرى فلسطين.
لقد عايشت تلك الثورة
الجهادية كابن شهيد ومجاهد في صفوف جيش تحريرها حتى توقيف القتال وتقرير المصير
والاستقلال وكنت شاهدا على كثير من مجرياتها المفرحة والمقرحة بورودها وأشواكها؛
بأفراحها بانتصاراتها وأقراحها بالإحباطات والتقلبات والخيانات التي اعترضت
مسيرتها الطولية إلى النصر المبين!
ومن مميزاتها أن يوم انتصارها وتحقيق الاستقلال سنة 1962 كان هو يوم
ذكرى الغزو والاحتلال سنة 1830 مما يعني أن كل استقلال قد يحمل بذور احتلال كما أن
كل احتلال يحمل بذور استقلال إذا بقي عزم الرجال كما كان واقع الحال.
وإدراكا مني بما للثورة الجزائرية من أوجه شبه وتطابق أحيانا مع ما
يجري في فلسطين هذه الأيام، إلى درجة التوأمة (السيام) بين الثورتين وخاصة من
جهة نوعية الاستيطان وفصيلة المستوطنين أنفسهم خلفا عن
سلف.. والدليل على ذلك هو آلاف القوافل من شهداء المغرب العربي الكبير المدفونين في القدس الشريف على مر
التاريخ الإسلامي للأمة عندما كانت أمة
حرة حتى تحت الاحتلال الأجنبي الخارجي
(الأرحم مع الأسف من الاستحلال الداخلي الراهن!!!!)، حيث ذهب أكثر من 4000 مجاهد سنة 1948 ودخلوا من أرض الكنانة سابقا لنجدة الأشقاء في الأرض المباركة التي لم تتغير
في وجدان كل مسلم من المحكومين لاحقا في أمة المليارين من أصحاب العين البصيرة
واليد القصيرة على امتداد سماع الأذان وتلاوة القرآن من جاكارتا إلى داكار ونواكشوط والرباط وتطوان مرورا بقسنطينة ووهران!؟!
وإني لهذا السبب وغيره أعيد نشر بعض فصول كتابي (جهاد الجزائر: حقائق
التاريخ ومغالطات الجغرافيا)، هنا في صحيفة "عربي21"، وهو صورة حية عن
جوانب مشرقة من ثورة القرن العشرين التي جسدت أمجاد الحرية والكرامة، تماما كما هو
حال غزة وفلسطين هذه الأيام.. لما بين الثورتين من تطابق وتشابه كما قلنا وعشنا في الثورة الأولى مقارنة
بما نراه على المباشر في الثورة
الفلسطينية العظيمة الثانية التي اختصرت أمة المليارين (من غثاء
السيل) في المليونين من أبناء الشعب الفلسطيني في غزة والقدس وجنين.
وإنني أدرك تمام الإدراك الصلة الوثيقة بينهما في حجم التضحيات
ومعارك التحرير التي يخوضها الأشقاء الفلسطينيون هناك (كما كان أشقاؤهم هنا لأكثر من سبع سنين دون
انقطاع). في مواجهة أعتى احتلال وأشده شراسة، لا سيما وأنه احتلال
يلتف حوله قادة العالم الغربي
الاستعماري كله ويدعمونه انتقاما من عدوهم اللدود على هزائمهم السابقة وإحياء
لخلافات وأحقاد تاريخية دفينة..
كنا نعتقد، وإن بعض الظن ليس
إثما، أن ثورات الحرية والكرامة والسيادة والاستقلال التي عرفتها مختلف أنحاء
المعمورة قد تجاوزتها الوحوش البشرية المسلحة بالنووي والحقد الأعمى في معاداة
حقوق الإنسان الفلسطيني خارج حقوق الإنسان
التي يحميها حق الفيتو الظالم أمام كل أنظار العالم الأعور الأصم الواجم.
إن الإسلام والاستعمار ضدان لا يلتقيان في مبدأ ولا في غاية،
فالإسلام دين الحرية والتحرير، والاستعمار دين العبودية والاستعباد، والإسلام شرع
الرحمة والرفق، وأمر بالعدل والإحسان، والاستعمار قِوامه على الشدة والقسوة
والطغيان، والإسلام يدعو إلى السلام والاستقرار، والاستعمار يدعو إلى الحرب
والتقتيل والتدمير والاضطراب، والإسلام يثبت الأديان السماوية ويحميها ويقرّ ما
فيها من خير ويحترم أنبياءها وكتبها، بل يجعل الإيمان بتلك الكتب وأولئك الرسل
قاعدة من قواعده وأصلا من أصوله، والاستعمار يكفر بكل ذلك ويعمل على هدمه خصوصا
الإسلام ونبيه وقرآنه ومعتنقيه. وهذا المكيال العجيب الغريب بين إنسانين لا يثير
القلق فقط حول مصير البشرية في هذا العالم
(وحيد القرن) وإنما يعيد السؤال أيضا وبإلحاح عما إذا كان للمعارك الحضارية الكبرى
التي سعت لتوحيد البشرية على أساس العدل والمساواة تتراجع إلى ما تحت الصفر كما
نراها في مجازر المغول الجدد بالصوت والصورة في غزة العزة والإنسانية التي تحتضر في مستشفياتها
المنكوبة كلها اليوم والمقطوعة عن الحياة أمام أعين دعاة حقوق
الإنسان (الحجري) وليس الإنسان البشري المتحضر المتعلم والمتقدم!!
وما يفيد في هذه الصفحات من ثورة الجزائر (فلسطين الأولى) الأشقاء في الجزائر الثانية (فلسطين الحالية)، سأسرده ليس من باب تقديم الدروس، وإنما من باب قراءة التاريخ
والاتعاظ به وأخذ العبرة منه..
وسائل التعذيب وكيفياته
إن التعذيب في الجزائر كان يتطور من حين لآخر، وتتنوع وسائله،
وكيفياته، تبعا لتطور الذهنية الاستعمارية في الجزائر، وتطور حقد المستعمرين على
الجزائريين، وتوغلهم في الدناءة والسفالة والانحطاط، ونتيجة أيضا للاكتشاف المستمر
لوسائل التعذيب وكيفياته. ومن هنا فإن ما نقدمه في هذا الفصل من تلك الوسائل
والكيفيات، ليس إلا عينات للتذكير والاعتبار بجرائم الاستعمار في الجزائر!
التعذيب بالكهرباء:
هذه العملية التي تنجز بدقة فائقة تمتاز بشناعتها، إذ لا تبقي أثرا
باديا للعيان إذا عولجت بقاياها، فيمدّدُ المتهم عاريا على ـ طاولة العمليات ـ وتقيد رجلاه ويداه ثم يفرغ على جسمه وعاء من الماء لتعميم التيار الكهربائي عند
إرساله، وهناك يسلط التيار على الأعضاء الحساسة من جسم الرجل أو المرأة المعذبة،
وهي الأذنان واللسان والأعضاء التناسلية والنهدان. وتبلغ الآلام درجة من الشدة
تتجاوز كل وصف، ويرى الإنسان يتخبط ويتلوى من شدة الصدمة الكهربائية رغم القيود!
وقد يقيد الشخص عاريا ويربط بالجدار ورجلاه واقعتان في صحن من ماء،
وهذه الكيفية تضاعف شدة الصدمات، أو يكون الجسم مربوطا إلى سلم مغمور في صحن من
ماء كذلك، ويوضع الخيط الكهربائي على مختلف الأعضاء، وهذا الأسلوب هو الذي عذبت به
بطلات الجزائر وجميلاتها في فيلا سوزيني
الرهيبة!.
وكذلك قد يوضع الشخص عاريا داخل آنية قوسية، مقيد اليدين والرجلين
وهاتان الأخيرتان واقعتان في الماء، ويأتي الجلاد متقيا بقفازين من مطاط وقباقيب
من خشب فيرسل التيار الكهربائي بواسطة قلم حديدي مسنون يغرزه في اللّحم. وكانت
الكيفية تستعمل في ـ مركز قيادة الأبيار ـ وهي تترك على الجسم آثارا تبقى ظاهرة.
التعذيب بالماء:
يمكن ترتيب كيفيات التعذيب بالماء على ثلاثة أصناف:
الصنف الأول: هو إفراغ الماء في البطن من الفم، وذلك بكيفيات عديدة:
أ ـ يدخل قمع في الفم ويفرغ فيه الماء حتى ينتفخ البطن انتفاخا
فاحشا، فإذا امتنع المعذب عن الشرب، يغلق منخره حتى يختنق، فيقبل الماء وعندما
يمتلئ البطن ماء وينتفخ يقفز أحد الجلادين ويقع مستويا على رجليه فوق بطن
المعذب، فيتطاير الماء من الفم ومن بقية المخارج الجسدية.
ب ـ وهناك كيفية أخرى: وهي إدخال أنبوبة في الفم متصلة بحنفية وعندما يبلغ البطن من الانتفاخ أقصاه، تكرر الكيفية المذكورة لإفراغه.
الصنف الثاني: المغطس: تختلف كيفيات التعذيب بالمغطس بحسب اختلاف
الجلادين في التفنن والوحشية.
أ ـ ففي "فيلا كرا" بشاطئ "بان رومان" يجرد المعذب من
ثيابه في الليل حين اشتداد البرد ويلقى في مغطس مليء بالماء ويبقى رأسه في الماء
حتى يغصَّ.
ب ـ في "فيلا سوزيني" يدخل الشخص في جراب ويغرق في المغطس
حتى يقر أو يغصَّ، وهذه الكيفية تستعمل في تعذيب البنات بالخصوص.
جـ ـ هناك نوع آخر من التعذيب بالمغطس يستعمل في نفس المكان وهو أشهر
الأنواع، ويقع كما يلي:
يجلس المعذب جاثيا وتوضع تحت ركبتيه عصا ويكف ذراعاه تحت العصا ثم
توثق ركبتاه، وهناك يدخل المعذب في المغطس، وتوضع طرفا العصا على حافتي المغطس، فيصير المعذب معلقا من ركبتيه ويديه على العصا وهي كالمحور يتأرجح تحته الشخص
فيغطس رأسه في سائل قذر متعفن، كلما أنكر.
الصنف الثالث: القمـاط: في عمارة "كراند تيراس" بشاطئ
دومولان بالعاصمة يربط جسم المعذب كما يربط الرضيع المقمط ويعلق من رجليه بحبل
يدلى بعجلة من الطابق الأول إلى ماء البحر، فيبقى غارقا عدة ثوان تمر عليه كأنها
قرون ثم يخرج وهو يرتعد من البرد، ويستأنف الاستنطاق، ثم تكرر هذه العملية حتى
يقر المعذب أو يفقد كل شعور أو يموت.
التعذيب بالنار: أما التعذيب بالنار فإنه لا يساويه شدة وقساوة إلا
جنون الذين يعملون به، وها هي بعض ألوانه:
أ ـ يجلس المعذب على كرسي يوثقه بظهره الجلادون وهو عاري الصدر ثم
ينفخ الجندي الذي يستنطقه على عينيه دخان التبغ ثم يطفئ لفافته المشتعلة في صدره ونهديه.
ب ـ يوثق المعذب ممدودا على طاولة العمليات، وهو عاري الصدر، ثم يبل
بالبنزين وتشعل فيه النار، ومن مفعول هذه الكيفية أن المعذب يثب حتى يبلغ السقف في
بعض الأحيان، أما الحروق الناتجة عن ذلك فإنها تبلغ درجة خطيرة جدا.
ت ـ تقيد يدا المعذب من الخلف وتحرق أظافره وأطراف أصابعه بالكبريت.
ويثير ذلك آلاما يعجز عنها الوصف.
ث - تشد الرجلان عاريتين وتوضع تحتها شمعة موقدة، وقد خلفت هذه
العملية في أرجل بعض المعذبين ثقوبا غائرة.
التعذيب بالحديد:
أ ـ يحرق بالمكواة صدر المعذب وذراعاه وأصابع رجليه.
ب ـ يجلس المعذب على كرسي عاري الصدر والظهر فيعضه الجلاد بالكلاليب،
ويقشط اللّحم من الظهر والنهدين والشفتين.
ت ـ يقطع الجلاد بسكين حاد مسنون قطعا من لحم المعذب ثم يوسع الجراح
ويحكها بالملح الحجري.
ث ـ توضع الكفان على الأرض ويضرب الجلاد ظهرهما بمتون الخناجر وأيدي
الفؤوس.
التعذيب بالحبل:
أ ـ عملية الجراب:
يوثق المعذب من رجليه ويديه مجموعة بحبل كالماشية، ثم يعلق ويرفع
بالعجلة نحو السقف، وهناك يطلق الحبل، فيهوي المعذب إلى الأرض واقعا على رأسه
وظهره كالجراب. وتكرر العملية ما دام المتهم لم يعترف ولو كذبا أو لم يدل بأسماء
تملى عليه ليلقى القبض على أصحابها، فإذا امتنع من ذلك يعذب حتى يموت ضحية ثباته
وجنون معذبيه.
ب ـ الخنق: يوثق المعذب جالسا على كرسي يشد عنقه بحبل دقيق ثم يجذب
اثنان من الجلادين طرفي الحبل حتى يغص المعذب أو يموت شنقا.
ت ـ الربط على الأرض: يمدد على الأرض الباردة الرطبة في بعض الغيران
والكهوف بضاحية العاصمة وهو على هيئة الصليب وتشد رجلاه ويداه بأوتاد مضروبة في
الأرض، ويترك السجين هكذا أياما وليالي في الظلام الحالك والوحدة المطلقة. وقد
جنّ كثير من الذين سلط عليهم هذا النوع من التعذيب.
وسائل وحالات أخرى للتعذيب:
وهناك أنواع أخرى من وسائل التعذيب وكيفياته مما رواه شهود عيان
وباحثون نذكر:
1 ـ أن يوضع المعذب في مرحاض أياما وليالي، ومن حين
لآخر يلطخ وجهه بالوسخ، وتقيد رجلاه إلى الوراء، حتى لا يتمكن من إزالة الوسخ!
2 ـ أن يعلق من رجليه إلى السقف، وتوقد
النار تحت رأسه لمدة حتى يكاد يموت، ومن حين لآخر يسأل: إذا كان مستعدا للاعتراف!
3 ـ أن يدخل السكين في جسمه شيئا فشيئا. وكلما
رفض الاعتراف أوغل السكين في جسمه، حتى يصل إلى العظم، وقد يموت أثناء العملية!
4 ـ أن يعذب الإنسان بواسطة الوخز بإبرة
حادة بين كتفيه وعلى صدغيه، والمعذب خلال العملية يتلوى ويهتز ويصرخ.
5 ـ شل الأعضاء التناسلية واستئصال النخاع
الشوكي بآلات عصرية خصوصية لا تخطر على بال!
6 ـ أن يوضع المعذب بين لوحتين تصل بينهما
قطعة من حديد، وبين اللوحتين مسامير حادة، ويوجد في أسفل اللوحتين زر كهربائي يضغط
عليه، فتقترب اللوحتان أو تبتعدان، وعند التعذيب يضغط على الزر قليلا والمسامير
تدخل في جسمه وهو يئن ويصرخ!
7 ـ التعذيب النفسي، وهو أقسى أنواع
التعذيب وأشده، ولا سيما على ذوي الشهامة والكرامة والغيرة، ويتمثل هذا التعذيب في
أن الجلادين يحاولون استنطاق الإنسان بوسائل التعذيب المختلفة، فإذا لم يقدروا على
انتزاع الاعتراف من المعذب أحضروا زوجته أو ابنته أو أخته أو إحدى محارمه الأخريات
فيخيروه بين الاعتراف وبين أن يغتصبوا إحدى هذه المحارم تحت سمعه وبصره!
8 ـ يحضر الجلادون أقارب المتهم ويجبرونه
على الرقص عاريا أمامهم، ثم يمثلون به أدوارا مخجلة، تفوق كل تصور!
9 ـ أن يوضع ستة إلى ثمانية من المتهمين في
برميل لا يتسع إلا لثلاثة أو أربعة أشخاص، يمكثون عدة أيام، ولا يوجد إلا فتحة
صغيرة يتسرب منها الهواء في أسفل البرميل، وحتى هذه تغلق أحيانا بخرقة، ولا يخرج
المتهمون من هذا البرميل إلا للاستنطاق أو الدفن إذا فارق أحدهم الحياة وهو ما
يحدث في الغالب!
10 ـ التعذيب بالشنق وهو أن يعلق المشبوه من
رجليه في سلك حديدي ملولب يمد بجرارة معلقة في السقف، ثم يغمس رأسه وصدره في إناء
ضيق مملوء بالماء حتى يشرف على الاختناق، ثم يخرج لبضع لحظات ليغمس فيه من جديد. وهنالك
أسلوب آخر مستعمل بكثرة وهو أن يرفع المشبوه إلى أعلى السقف، ثم يطلق به السلك
فجأة من أعلى فيتحطم على الأرض، وتتكرر العملية حتى يفقد الحياة بعد أن يصير جسمه
كتلة حمراء من لحم مرضوض!
11 ـ في القرى الموجودة على أعالي الجبال
يوضع المشبوهون في صندوق خشبي مستدير ثم يرمى به من أعلى في منحدر صعب فيصطدم
الصندوق بالصخور، إلى أن يرتطم في الأخير بالأرض الصلدة أو في أعماق واد عميق!
12 ـ وفي مركز تيزي راشد (بولاية تيزي وزو)
كان يوجد ضابط الشؤون الأهلية (ديوي) يجرد المشبوه من جميع ثيابه ثم يربط بإحكام
على لوحة كلها مسامير، ثم يأتي جندي فرنسي فيضغط على جسد المشبوه بكل ثقله وقواه
حتى تدخل المسامير في ظهر الضحية.
13 ـ بمركز التعذيب بتيزي وزو (وهو في الأصل
طاحونة زيت قديمة) كانت على ملكية صالحي، يكدس المساجين في خوابئ، ثم يقتلون
بالاختناق بواسطة دخان أسود يأتي من إحراق كمية كبيرة من المازوت، وعلى هذه الصورة
قتل (34) شخصا من بين 37 ألقي عليهم القبض!
14 ـ يعلق المشبوه في شجرة، رأسه إلى الأرض،
ويترك على هذا الوضع حتى يعترف، وغير بعيد عن ناحية (سلانيس) علقت زوجة مجاهد مدة
طويلة حتى غمر وجهها الدم وتحقن، فماتت على هذا الوضع لأنها لم تنبس ببنت شفة!
15 ـ من أنواع التعذيب الوحشي ضدّ المعتقلين
خلال حرب التحرير، صب البنزين عليهم ثم إضرام النار فيهم.
وممن أحرقوا بهذه الطريقة في جهة بابار (بولاية خنشلة) في شهر ديسمبر
سنة 1959 السيد إبراهيم بن محمد، كما أحرقوا السيد (عبد الحفيظ بوزكراوي) بهذه
الكيفية، و هو مسؤول شعبي، لأنه نفى كل ما أجبر على التصريح به! (عن صحيفة
المجاهد-ع39-02/04/1959).
16 ـ من أنواع التعذيب فَقْءُ العينين، وقد
كان عدد كبير من المدنيين ضحية هذه العملية، ونذكر منهم (السيد محمد المدني) وهو
مسؤول شعبي في نواحي (بابار).
17 ـ وهناك
كيفية أخرى من التعذيب استعملت عدة مرات في أماكن وأزمنة مختلفة نكتفي منها بهذه:
في (سلانيس)، منطقة خنشلة اعتقل الجنود الفرنسيون المسماة (الزهراء):
يعمل زوجها مسؤولا، واستنطقت مرات عديدة حول زوجها، وبعد أن يئسوا من اعترافها
أخرجوها إلى (البطحاء) وربطوا يدها ورجلها اليساريين في سيارة (جيب) ويدها ورجلها
اليمينيين في (جيب) ثانية، ثم انطلقت كل سيارة في اتجاه معاكس فتمزقت الزهراء
شطرين!
18 ـ وفي
قرية (عزّوزة) بلدية بني يراثن ثقب الجلادون عيني (فدالي الهادي) وقطعوا لحم يديه
بالموسى (المجاهد ع9-20 أغسطس 1957).
يحضرني دائما قصف الطائرات للقرى على رؤوس أهلها بالدعاء الحار الذي كانت أختي "الياقوت" تردده بصوت مرتفع وهي تحتضن وليدها الوحيد في زريبة الحيوانات بالبيت وهي تقول: "أنتم فوقنا، والله فوقكم".
وعن بعض النماذج الحية من أشكال التعذيب يقول الدكتور يحيى بوعزيز: "في
عام 1957م انتهك ستون جنديا فرنسيا حرمة وشرف فتاة في سن السابعة عشر، هذا وراء
الآخر، في قرية أبو يعلى ببلدية آيت خليلي في أربعاء نايت ايراثن، وذبحوا سبعة عشر
شيخا مسنا على شكل نحر الجمال".
ـ وفي قرية أولاد سيدي عمر ببلدية ثنية
الخميس (ثنية النصر) وخلال شهر مارس 1957 جمع الجنود الفرنسيون كل رجال القرية
ليلا وأمروهم بحفر خندق كبير ثم أعدموهم فيه واحدا وراء الآخر، وعددهم اثنان وأربعون رجلا، وذلك بحضور
زوجاتهم، وأطفالهم.
ـ وفيما بين 23 و26 تموز / يوليو 1957 قام العساكر الفرنسيون بذبح
سبعة وعشرين مدنيا في قرية يلوله (إيليلاتن)". وحكى عن حالة أخرى من هذه
الفظاعات الشنيعة فيقول: "وقبضوا على أخت أحد المجاهدين وأدخلوها إلى البيت
المجاور لبيت أهلها، وهو بيت عمها، وعمها هو صهري فقيدوها. وأحضروا إلى نفس البيت
أيضا فتاة أخرى تسمى لا لا لويزة، وادعوا بأنها ممرضة تساعد المجاهدين، بينما لم
تكن كذلك، كما أحضروا إلى نفس البيت ثمانية رجال آخرين فعذب جميعهم تعذيبا شنيعا،
وتم بعد ذلك ذبح الرجال جميعا مثل الخراف في البيت نفسه بينما تم إعدام المرأتين
رميا بالرصاص وأشعلت النار في البيت بهدف إحراقه، والجثث التي كانت فيه.
ويحضرني دائما قصف الطائرات للقرى على رؤوس أهلها بالدعاء الحار الذي
كانت أختي "الياقوت" تردده بصوت مرتفع وهي تحتضن وليدها الوحيد في زريبة
الحيوانات بالبيت وهي تقول: "أنتم فوقنا، والله فوقكم".
وفي عين الحمام بولاية تيزي وزو ألقي القبض على مسبلة عمرها 18 سنة
(بعد وشاية) وقد كان بمنزلها مخبأ به ثلاثة مجاهدين، فجربوا عليها كل أنواع
التعذيب الوحشي، ولما لم تدلهم على المخبأ قلعوا عينيها حتى ماتت، وهكذا نجا
المجاهدون الثلاثة وقد عاشوا حتى الاستقلال.
وحدثت حالة أخرى مشابهة، حيث ألقي القبض في شهر ديسمبر 1958 بقرية بن
حمزة بلدية بغلية (ولاية بومرداس) على أحد المجاهدين في مخبأ نتيجة وشاية، وكان
هذا المجاهد قد التحق بالجبل منذ سنة 1945، ويدعى محفوظ عبديش واسمه الثوري
"بودماغ"، وعندما ألقي عليه القبض مع كاتبه، ألقوا القبض في نفس اليوم
على زوجته التي أخرجها أحد الخونة من بين النساء في القرية المذكورة، فأخذوا
يعذبونها أمام زوجها (وهي حامل في شهرها الرابع أو الخامس كما تذكر هي ذلك)
فيصعدون على بطنها وزوجها المقيد ينظر إليها وهي تصرخ، أما هو فأخذوه إلى مركز
التعذيب المسمى "قالوطا" بمدينة دلس، وأطلقوا عليه الكلاب لتنهش لحمه
حيا (حسب الشهود)، وعندما لم يحصلوا منه على أي سر أخذوه إلى غابة بوبراك في تلك
الحالة ونزعوا عينه وساعده الأيمن ووضعوه على صدره، كرسالة منهم إلى رفاقه
المجاهدين الذين وجدوه على تلك الحالة فدفنوه، والشاهد على ذلك ما يزال على قيد
الحياة وهو المجاهد أحمد علال الذي يروي هذه الحادثة بالتفصيل، وهو يغالب دموعه
كلمـا أعاد وصف ذلك المنظر الشنيع لذلك البطل الشهيد!
إقرأ أيضا: فظاعات فرنسا في الجزائر لقمع الشعب الثائر.. ذاكرة تروى من أجل غزة (1من2)