مقالات مختارة

لبنان "كرة" في ملعب إقليمي

1300x600

الفشل في إيجاد حل لمعضلة الشارع اللبناني الملتهب بفوضى الرغبات السياسية إلى حد التطاحن الذي ينذر بالخطر المحدق بمنطقة الشرق الأوسط، يعود لعدم امتلاك النظام الرسمي العربي لمفاتيح الأزمة المعقدة وعجزه عن انتزاع حضور في حيثيات الصراع الإقليمي-الدولي الدائر حول العالم العربي، والقوى السياسية اللبنانية ذاتها لا تمتلك استقلالية قراراتها.

 

والكيانات السياسية اللاعبة في الساحة الداخلية أشبة بكائنات آلية يتم التحكم بحركتها عن بعد، والأمانة العامة لجامعة الدول العربية أضحت مجرد هيئة إدارية تتمتع بحصانة دبلوماسية، عاجزة عن بحث حلول الأزمة السياسية التي تعصف بلبنان طالما ظلت دواوين بيروت الرسمية لا حول لها ولا قوة إلا بمرجعية الحاضنات الإقليمية والدولية.


والوقت الذي استهلكته الجامعة العربية في بيروت قبل ان تلتزم الصمت، وتسلم الملف للأطراف الإقليمية – الدولية كان مجرد وقت ضائع لا يحسب بحساب الأرقام الإيجابية التي تحقق نتائج النجاح المنتظر من المساعي المستمرة في محاولة لإيجاد حل أبعد من الزمن المستقطع من قبل ممثل النظام الرسمي العربي.


المجتمع الدولي يجدد تحذيراته للزعماء اللبنانيين من تصعيد الأزمة بعد اصطدام بحقيقة أن الفرقاء اللبنانيين لا يقيمون اتصالات مع بعضهم بعضا، ولقاء الفرقاء هو مرآة منعكسة لمدى تقارب واشنطن وباريس وطهران أو تباعدها.


دعوة أخيرة يطلقها المجتمع الدولي للجلوس حول “مائدة التفاهم” التي فشل النظام الرسمي العربي في بيروت في نصبها، تاركا للفرقاء تدبر أمرهم فيما يتعلق بقبول التحلق حولها أو رفضها، لكنها ظلت خالية حد اللحظة، بانتظار ما ستتمخض عنه المفاوضات السرية بين باريس وطهران.


مأساة لبنان تعبير عن الفشل العربي المعتاد في القضايا الكبرى، فالنظام الرسمي العربي بآلياته المتاحة غير مؤهل في حل أي أزمة.


لا أحد في لبنان الفاقد رغما عنه لسيادته، يمتلك رؤية جادة توقف مد الاضطراب الراهن في قطاعاته الاقتصادية والسياسية والأمنية، ولكن الأمر يتعدى هذا، فالاتصالات بين مختلف القيادات مقطوعة، الأمر الذي يصعّب معه الوصول إلى التفاهم على ابسط الأمور التي يمكن أن يتم التفاهم عليها ولو بصفة -شخصية- إذا ما التقت هذه الأطراف المتضاربة.


والخطر المتوقع تفاقمه بين لحظة وأخرى في لبنان هو خطر عودة الحرب الأهلية التي تتأهب لها الأطراف المتمسكة بوجودها المدعوم من قوى إقليمية..!!

 

(عن صحيفة الشروق الجزائرية)